مرض النقرس: تعريفه، أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه الشاملة

مرض النقرس هو أحد أمراض التهاب المفاصل المزمنة التي تتميز بحدوث نوبات حادة من الألم الشديد والتورم والاحمرار في المفاصل، ويُعد من أكثر أنواع التهابات المفاصل شيوعاً. يعرف النقرس بارتباطه بزيادة مستويات حمض اليوريك في الدم، حيث يتجمع حمض اليوريك على شكل بلورات في المفاصل والأنسجة المحيطة، مما يؤدي إلى استثارة الجهاز المناعي وحدوث الالتهاب الشديد.

تعريف النقرس

النقرس هو حالة مرضية ناتجة عن اضطراب في أيض البيورينات داخل الجسم، مما يؤدي إلى تراكم حمض اليوريك في الدم بصورة مفرطة. حمض اليوريك هو منتج نهائي لتحلل البيورينات الموجودة في الأطعمة والنسيج الخلوي، وعندما يتجاوز تركيزه الطبيعي في الدم قدرة الكلى على إفرازه، يبدأ بالترسيب على شكل بلورات إبرية الشكل (مونوسوديوم اليورات) في المفاصل، الأنسجة الرخوة، والكلى، مما يسبب التهاباً حاداً وألماً مميزاً.

أسباب الإصابة بمرض النقرس

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث النقرس، وتتداخل العوامل الوراثية مع العوامل البيئية والغذائية، بالإضافة إلى بعض الحالات الطبية التي تزيد من فرصة الإصابة.

1. زيادة إنتاج حمض اليوريك
   
   بعض الأشخاص يعانون من زيادة في إنتاج حمض اليوريك بسبب اضطرابات أيضية أو وراثية، مثل زيادة تكسير الخلايا أو زيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالبيورينات.

2. قلة إخراج حمض اليوريك
   
   تعد الكلى مسؤولة عن التخلص من حوالي 70% من حمض اليوريك، وأي خلل في وظيفة الكلى أو تناول أدوية تعيق الإخراج مثل مدرات البول، قد يؤدي إلى تراكمه.

3. العوامل الغذائية
   
   تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، الأسماك الدهنية، الأطعمة البحرية، المشروبات الغازية، والكحول خصوصاً البيرة، يرفع من خطر الإصابة بسبب محتواها العالي من البيورينات.

4. السمنة وزيادة الوزن
   
   تؤدي السمنة إلى زيادة إنتاج حمض اليوريك وتقليل كفاءة الكلى في إخراجه، مما يزيد من احتمالية حدوث النقرس.

5. الأمراض المزمنة
   
   الأمراض التي تصاحبها اضطرابات أيضية مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، أمراض الكلى المزمنة تزيد من مخاطر الإصابة.

6. الأدوية
   
   بعض الأدوية مثل مدرات البول، أدوية الضغط، والأسبرين بجرعات منخفضة قد تؤثر سلباً على مستويات حمض اليوريك.

الأعراض السريرية لمرض النقرس

تبدأ أعراض النقرس غالباً بنوبات مفاجئة من الألم الشديد في المفصل، وغالباً ما يصيب مفصل الإصبع الكبير في القدم، لكن يمكن أن يؤثر على مفاصل أخرى مثل الركبة، الكاحل، اليد، أو الرسغ. هذه النوبات تتسم ب:

• ألم حاد وشديد: يبدأ عادةً في الليل ويصل إلى ذروته خلال 12-24 ساعة.

• تورم واحمرار المفصل: يصبح المفصل منتفخاً ودافئاً عند اللمس.

• حدوث حرارة موضعية: نتيجة الالتهاب الشديد.

• تقييد حركة المفصل: بسبب الألم والتورم.

• نوبات متكررة: تحدث النوبات بشكل متكرر مع مرور الوقت، وإذا لم يعالج المرض قد يتحول إلى نقرس مزمن.

في بعض الحالات، يمكن أن تظهر نتوءات صلبة تحت الجلد تسمى “التوفوس” وهي تجمعات من بلورات اليورات تحت الجلد والمفاصل.

تشخيص مرض النقرس

يعتمد تشخيص النقرس على المزيج بين الأعراض السريرية، الفحص الطبي، وتحاليل الدم والتصوير:

1. الفحص السريري
   
   يفحص الطبيب المفصل المصاب ويلاحظ التورم والاحمرار، ويسأل عن تاريخ المرض والعوامل المحفزة.

2. تحاليل الدم
   
   قياس مستوى حمض اليوريك في الدم، رغم أن ارتفاعه لا يعني بالضرورة وجود نقرس، إلا أنه مؤشراً هاماً.

3. فحص السائل الزليلي
   
   سحب عينة من السائل داخل المفصل المصاب وتحليلها تحت المجهر للكشف عن بلورات اليورات.

4. الأشعة السينية والتصوير بالموجات فوق الصوتية
   
   تساعد في تقييم الضرر الحاصل بالمفاصل وتحديد وجود التوفوس.

مراحل مرض النقرس

يمر مرض النقرس بعدة مراحل واضحة، تختلف من حيث الأعراض وشدة المرض:

• مرحلة فرط حمض اليوريك بدون أعراض: حيث يرتفع مستوى حمض اليوريك ولكن لا تظهر أعراض على المريض.

• مرحلة نوبات النقرس الحادة: تظهر النوبات المفاجئة من التهاب المفاصل.

• مرحلة النقرس بين النوبات: فترة بدون أعراض بين نوبات الالتهاب.

• مرحلة النقرس المزمن: ظهور التوفوس وتكرار الالتهابات وتلف المفاصل.

المضاعفات الناتجة عن مرض النقرس

عندما لا يُعالج النقرس بشكل مناسب، يمكن أن تؤدي الحالة إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• تلف دائم للمفاصل: بسبب الالتهابات المتكررة التي تؤدي إلى تآكل الغضاريف والعظام.

• تكون التوفوس: وهي رواسب صلبة تؤدي إلى تشوهات مؤلمة.

• حصوات الكلى: نتيجة ترسيب بلورات حمض اليوريك في الكلى.

• فشل كلوي: في الحالات المتقدمة نتيجة تراكم البلورات في الكلى.

العلاج الشامل لمرض النقرس

يركز علاج النقرس على تقليل نوبات الألم والالتهاب، وخفض مستوى حمض اليوريك في الدم للوقاية من نوبات مستقبلية والمضاعفات. ويتضمن العلاج عدة محاور:

1. العلاج الدوائي

• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): مثل الإيبوبروفين والنابروكسين لتخفيف الألم والالتهاب خلال النوبة الحادة.

• الكولشيسين: يستخدم لتخفيف نوبات النقرس الحادة، ويكون فعالاً إذا بدأ في أول 24 ساعة من ظهور الأعراض.

• الكورتيكوستيرويدات: تستعمل في حالات النوبات الشديدة أو عندما لا تناسب الأدوية السابقة.

• الأدوية الخافضة لحمض اليوريك: مثل الألوبيورينول والفبيوكسوستات، وتستخدم بشكل دائم للحد من تراكم حمض اليوريك.

• الأدوية التي تزيد من إخراج حمض اليوريك: مثل البروبينسيد، تعمل على تحسين إخراج حمض اليوريك عن طريق الكلى.

2. التغييرات الغذائية

يعد النظام الغذائي من الركائز الأساسية في الوقاية والعلاج:

• تقليل تناول اللحوم الحمراء، والمأكولات البحرية.

• تجنب المشروبات الغازية والمحلاة بالسكر.

• التقليل من استهلاك الكحول خاصة البيرة.

• زيادة شرب الماء لتحسين إخراج حمض اليوريك.

• تناول الحليب ومنتجاته باعتدال، إذ تشير الدراسات إلى أنها تقلل من خطر النقرس.

• زيادة استهلاك الفواكه والخضروات الطازجة.

3. تعديل نمط الحياة

• الحفاظ على وزن صحي لتقليل الضغط على المفاصل وتحسين وظائف الكلى.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحسين اللياقة وزيادة تدفق الدم.

• تجنب التعرض للإجهاد والشد النفسي الذي قد يسبب نوبات النقرس.

4. المتابعة الطبية الدورية

تتطلب حالات النقرس متابعة مستمرة لمراقبة مستوى حمض اليوريك، تقييم وظائف الكلى، وضبط الجرعات الدوائية حسب الحاجة لتجنب المضاعفات.

تأثير النقرس على جودة الحياة

يؤثر النقرس بشكل كبير على نوعية حياة المصابين بسبب الألم الشديد والتورم الذي يعيق الحركة اليومية ويقلل من الإنتاجية. النوبات الحادة قد تسبب اضطرابات في النوم والإجهاد النفسي، مما يضيف عبئاً على الصحة العامة للمريض. لذا فإن العلاج المبكر والمتابعة المستمرة تلعب دوراً أساسياً في تحسين جودة الحياة وتقليل تأثير المرض.

خلاصة

النقرس هو مرض التهابي مزمن ينجم عن ارتفاع حمض اليوريك وتراكمه على شكل بلورات في المفاصل، مما يؤدي إلى نوبات ألم حادة والتهاب مزمن. يرتبط بشكل كبير بالعوامل الغذائية، نمط الحياة، والأمراض المزمنة. التشخيص المبكر والعلاج المناسب الذي يشمل الأدوية، النظام الغذائي الصحي، وتعديل نمط الحياة يمكن أن يحد من الأعراض ويمنع المضاعفات الخطيرة، ويؤدي إلى تحسين كبير في جودة حياة المصابين.

المصادر والمراجع

• Harrison’s Principles of Internal Medicine, 20th Edition, 2018.

• UpToDate: Gout: Epidemiology, pathogenesis, and clinical manifestations, 2023.