فوائد وأضرار القيلولة اليومية

هل يجب أخذ قيلولة (غفوة) في النهار أم لا؟

النوم هو أحد العناصر الأساسية التي يحتاجها الإنسان للحفاظ على صحته الجسدية والعقلية، ويشمل ذلك النوم خلال الليل، بالإضافة إلى القيلولة أو الغفوة التي قد تحدث خلال النهار. في هذا المقال، سنقوم بتحليل القيلولة من جميع جوانبها، ونستعرض الفوائد الصحية التي قد تترتب على أخذ قيلولة في النهار، وكذلك الأضرار المحتملة التي قد تنجم عن هذه العادة، وكيف يمكن تحقيق التوازن الأمثل للحصول على أقصى استفادة من قيلولة النهار.

القيلولة: مفهومها وأسبابها

القيلولة هي فترة قصيرة من النوم يستغرقها الشخص في النهار، عادة ما تكون بين 10 إلى 30 دقيقة. قد يتم أخذ القيلولة بعد الظهر أو في أي وقت يشعر فيه الشخص بالتعب أو الإرهاق. وتعود عادة أخذ القيلولة إلى أوقات قديمة، حيث كان الناس في ثقافات عديدة يعتبرونها جزءاً أساسياً من روتينهم اليومي.

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى أخذ القيلولة. من أبرز هذه الأسباب هو تعزيز النشاط والتركيز بعد فترة من العمل أو النشاط المكثف. القيلولة قد تكون أيضاً حلاً مناسباً للأشخاص الذين يعانون من قلة النوم خلال الليل، أو أولئك الذين يعملون في ورديات ليلية.

الفوائد الصحية للقيلولة

1. تعزيز الأداء العقلي والذاكرة

أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن القيلولة القصيرة يمكن أن تعزز من القدرة على التركيز والذاكرة. ففي دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، تبين أن القيلولة التي تستغرق حوالي 10 إلى 20 دقيقة تؤدي إلى تحسين الأداء العقلي، سواء من ناحية التركيز، أو القدرة على التفكير بسرعة وحل المشكلات. هذه الفوائد هي نتيجة للنوم العميق الذي يحدث حتى خلال فترة قصيرة، والذي يساعد الدماغ في استعادة قوته وتحسين الوظائف المعرفية.

2. تقليل التوتر والقلق

النوم القصير يساعد في تقليل مستويات الكورتيزول، الهرمون المسؤول عن التوتر في الجسم. مما يعني أن القيلولة تساعد في الحد من مستويات القلق والتوتر، وهي من الفوائد التي تساهم في تحسين الصحة النفسية بشكل عام. القيلولة القصيرة قد تعطي الفرصة للجسم للاسترخاء التام، ما يساهم في تحسين المزاج وزيادة الشعور بالراحة النفسية.

3. تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات

التجارب العلمية أظهرت أن قلة النوم تؤثر سلباً على قدرة الشخص في اتخاذ القرارات، حيث يقل تركيزه وتزداد احتمالات اتخاذ قرارات غير مدروسة. تساعد القيلولة في تعزيز هذه القدرة من خلال توفير الراحة للجسم والعقل، ما يجعل الشخص أكثر قدرة على اتخاذ قرارات صائبة بعد الاستيقاظ.

4. تقوية جهاز المناعة

النوم هو أحد العوامل الأساسية التي تقوي جهاز المناعة وتجعله أكثر قدرة على مكافحة الأمراض. وقد أظهرت الدراسات أن القيلولة اليومية، حتى لو كانت قصيرة، تساعد على تعزيز المناعة وتزيد من قدرة الجسم على مواجهة الميكروبات والفيروسات. هذا التأثير يُعتبر مهماً بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي بسبب الإرهاق المستمر.

5. تحسين الحالة المزاجية وزيادة الطاقة

القيلولة القصيرة قد تكون الحل المثالي للأشخاص الذين يعانون من تعب وإرهاق شديدين. النوم القصير في النهار يساعد الجسم على استعادة طاقته ويعزز من مستويات النشاط بشكل ملحوظ، مما ينعكس إيجابياً على الحالة المزاجية. الاستيقاظ بعد قيلولة قصيرة يتيح للفرد أن يشعر بمزيد من النشاط والتجدد، ما يعزز القدرة على إتمام المهام اليومية بكفاءة أكبر.

الأضرار المحتملة للقيلولة

على الرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها القيلولة، إلا أن هناك بعض الأضرار التي قد تنجم عن أخذ قيلولة طويلة أو غير منتظمة. من بين هذه الأضرار:

1. التأثير على نوم الليل

أحد أكبر العيوب التي قد تنجم عن القيلولة الطويلة هو تأثيرها على جودة النوم ليلاً. القيلولة الطويلة قد تؤدي إلى تقليل الحاجة للنوم خلال الليل، ما يسبب مشاكل في النوم مثل الأرق وصعوبة الاستغراق في النوم العميق. لذلك، يُنصح بتحديد مدة القيلولة بشكل مناسب بحيث لا تتجاوز 30 دقيقة لتجنب هذا التأثير السلبي.

2. الشعور بالدوار أو الارتباك بعد الاستيقاظ

عند الاستيقاظ من قيلولة طويلة، قد يعاني الشخص من شعور بالدوار أو الارتباك، وهي حالة تعرف باسم “الجمود النوم”. يحدث هذا عندما يستيقظ الشخص أثناء مرحلة النوم العميق، ما يتسبب في صعوبة العودة إلى وعيه الكامل، بالإضافة إلى الشعور بالتعب المتزايد.

3. تأثير القيلولة على النشاط البدني

القيلولة الطويلة قد تؤثر على القدرة على ممارسة النشاط البدني أو التمرين، حيث أن الشخص قد يشعر بالتعب أو الخمول بعد الاستيقاظ. كما أن القيلولة قد تتسبب في تآكل الوقت الذي يمكن استغلاله في النشاط البدني أو في إنجاز الأعمال اليومية.

4. زيادة مشاعر القلق عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم

بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم أو اضطرابات الأرق قد يشعرون بأن القيلولة تزيد من قلقهم، خاصة إذا كانت القيلولة تُقاطع نمط نومهم الطبيعي. يمكن أن تكون القيلولة مضرّة إذا كانت تُستخدم كبديل عن النوم الليلي الكامل، مما يفاقم من المشكلة بدلاً من تحسينها.

كيف يمكن الاستفادة من القيلولة بشكل صحي؟

لتجنب الأضرار المحتملة ولضمان استفادة قصوى من القيلولة، هناك بعض الإرشادات التي يمكن اتباعها:

1. تحديد الوقت المناسب للقيلولة: يُنصح بتجنب القيلولة في فترات متأخرة من اليوم، خاصة في ساعات ما بعد العصر. القيلولة في هذه الفترات قد تؤثر على قدرتك على النوم ليلاً.

2. المدة المثالية للقيلولة: تشير الدراسات إلى أن القيلولة المثالية تتراوح بين 10 إلى 30 دقيقة. هذه المدة تتيح للجسم الراحة المطلوبة دون التأثير سلباً على نوم الليل.

3. الاستماع إلى الجسم: إذا كنت تشعر بالتعب خلال النهار، حاول تحديد ما إذا كنت بحاجة إلى قيلولة أم لا. بعض الأشخاص قد لا يحتاجون إلى قيلولة يومية، بينما قد يكون آخرون بحاجة إليها لإعادة شحن طاقتهم.

4. الابتعاد عن القيلولة الطويلة: القيلولة التي تستغرق أكثر من 30 دقيقة قد تؤدي إلى شعور بالدوار أو اضطراب في النوم الليلي. إذا كنت تشعر بالحاجة للنوم لفترة أطول، من الأفضل تحديد أوقات نوم إضافية خلال الليل.

5. خلق بيئة مناسبة للنوم: تأكد من أن المكان الذي تنام فيه هادئ ومريح. استخدام وسادة مريحة وتقليل الإضاءة والضوضاء يساعد في الاستفادة القصوى من القيلولة.

الخلاصة

القيلولة ليست مجرد عادة بسيطة؛ بل هي أداة فعّالة يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين الأداء العقلي والجسدي إذا ما تم استخدامها بالطريقة الصحيحة. في حين أن القيلولة تقدم فوائد صحية عظيمة، مثل تحسين التركيز وتقليل التوتر وزيادة الطاقة، إلا أن القيلولة الطويلة أو غير المنتظمة قد تكون ضارة وتؤثر على نوعية النوم ليلاً. من المهم الحفاظ على التوازن الصحيح في النوم وتجنب الإفراط في أخذ القيلولة، بما يضمن استفادة الجسم والعقل دون التعرض لأي آثار سلبية.