الأسبوع الثامن عشر من الحمل: ماذا يحدث لجسمكِ ولجنينكِ؟

يُعتبر الأسبوع الثامن عشر من الحمل مرحلة محورية في رحلة الحمل، حيث تطرأ تغييرات جذرية على جسم الأم ونمو الجنين. في هذا الأسبوع، يبدأ كل من الجسم والجنين في التكيف مع متطلبات المرحلة الثانية من الحمل، التي تتسم بالنمو السريع والتطور الكبير على مستويات متعددة. يتضمن هذا المقال شرحًا مفصلاً لما يحدث خلال الأسبوع الثامن عشر من الحمل، مع التركيز على التغيرات الفسيولوجية عند الأم، ونمو الجنين وتطوره، بالإضافة إلى نصائح للحفاظ على صحة الأم والجنين.

التغيرات التي تطرأ على جسم الحامل في الأسبوع الثامن عشر

في هذا الأسبوع، تشعر الأم بالعديد من التغيرات الجسدية الواضحة التي تنعكس على الراحة العامة والنشاط اليومي. هذه التغيرات نتيجة استجابة الجسم للهرمونات المختلفة التي تفرزها المشيمة، بالإضافة إلى التكيف مع نمو الجنين.

نمو الرحم وتوسع البطن

يصبح الرحم في الأسبوع الثامن عشر بحجم أكبر بكثير مما كان عليه في بداية الحمل، إذ يصل إلى مستوى أعلى من عظمة العانة. هذا النمو يجعل البطن تبدأ بالانتفاخ والظهور بشكل واضح، وهو ما ينعكس على شكل الجسم ويزيد من وزن الحامل تدريجيًا. هذا التوسع في الرحم يضغط على بعض الأعضاء المجاورة، ما قد يسبب أحيانًا شعورًا بالضيق أو الانزعاج في منطقة البطن أو الحوض.

التغيرات الهرمونية وتأثيرها على الجسم

الهرمونات مثل البروجسترون والإستروجين تستمر في الارتفاع بشكل ملحوظ، مما يؤثر على عدة جوانب في جسم الأم، منها:

• تمدد الأوعية الدموية: بسبب زيادة حجم الدم، ما يسبب أحيانًا احمرار الوجه أو الشعور بالدوخة.

• احتباس السوائل: التي قد تسبب تورمًا خفيفًا في اليدين أو القدمين.

• زيادة الإفرازات المهبلية: للحفاظ على نظافة الرحم ومنع العدوى.

الجهاز الهضمي وتأثيره

يتباطأ عمل الجهاز الهضمي بسبب تأثير هرمون البروجسترون، مما يسبب في بعض الأحيان مشاكل مثل الإمساك والغازات والشعور بالانتفاخ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تبدأ حرقة المعدة في الظهور بسبب ارتجاع حمض المعدة إلى المريء نتيجة لضغط الرحم المتنامي.

التغيرات في الجهاز البولي

الضغط المتزايد للرحم على المثانة قد يزيد من الحاجة المتكررة للتبول، وهو أمر شائع في هذه المرحلة. يجب على الحامل الانتباه إلى شرب السوائل بشكل منتظم مع تجنب الإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين.

تغيرات في الجلد والشعر

مع ارتفاع مستويات الهرمونات، تلاحظ العديد من النساء تغيرات واضحة في الجلد والشعر. من أشهر هذه التغيرات:

• خط أسود (Linea Nigra): يظهر خط داكن يمتد من السرة إلى العانة نتيجة زيادة إنتاج الميلانين.

• الكلف: ظهور بقع داكنة على الوجه.

• زيادة كثافة الشعر: نتيجة لتحفيز هرمونات الحمل لنمو الشعر.

تطورات الجنين في الأسبوع الثامن عشر

يخضع الجنين في هذه المرحلة لتطورات ملحوظة تضع الأساس لمراحل نموه اللاحقة، ويبدأ بالتفاعل مع البيئة المحيطة داخل رحم الأم.

النمو الجسدي للجنين

يبلغ طول الجنين تقريبًا 14 إلى 15 سنتيمترًا من الرأس إلى مؤخرة الجسم، ويزن حوالي 190 جرامًا. تبدأ الملامح بالتشكل بشكل واضح، ويظهر الجنين أكثر شبهًا بالطفل الذي سيولد لاحقًا.

تطور الأعضاء والحواس

• الجهاز العصبي: تتطور الخلايا العصبية بشكل سريع، ويبدأ الجنين في تكوين روابط بين الأعصاب مما يمكّنه من التحكم بحركاته تدريجيًا.

• الأذنان: تصبح الأذنان أكثر وضوحًا وتبدأ في التحرك باتجاه مكانها الطبيعي على جانبي الرأس.

• الأصابع والأظافر: تصبح الأصابع مميزة بشكل واضح مع نمو الأظافر الصغيرة.

• الجهاز التنفسي: يتطور الجهاز التنفسي بشكل مستمر، على الرغم من أن الرئتين لم تتوقف عن النضوج حتى الولادة.

الحركة والتفاعل

يبدأ الجنين في هذا الأسبوع بالتحرك بكثرة، وتشعر العديد من الأمهات بحركات طفيفة تشبه الرفرفة أو الركلات، رغم أن بعض النساء قد لا يشعرن بها بوضوح حتى الأسابيع التالية. تتطور ردود فعل الجنين للمؤثرات الخارجية، مثل الأصوات العالية أو الضوء.

تكوين الدهون والأنسجة

تبدأ الخلايا الدهنية بالظهور تحت الجلد، وهي ضرورية للحفاظ على حرارة الجنين بعد الولادة، كما تبدأ أنسجة العضلات بالعطاء المزيد من القوة.

الجهاز المناعي

يبدأ الجهاز المناعي للجنين بالتطور، رغم أن الحماية الفعلية لا تكون إلا بعد الولادة، حيث تنتقل مضادات الأجسام من الأم إلى الجنين لتساعد في الحماية من الأمراض.

الفحوصات الطبية التي تتم في الأسبوع الثامن عشر

يشكل الأسبوع الثامن عشر وقتًا مناسبًا لإجراء العديد من الفحوصات الطبية المهمة التي تساهم في تقييم صحة الجنين والأم.

فحص الألتراساوند التفصيلي (الموجات فوق الصوتية)

يُجرى هذا الفحص عادة بين الأسبوع 18 و22 من الحمل، ويهدف إلى:

• تقييم تطور أعضاء الجنين.

• التأكد من سلامة القلب، الكلى، الدماغ، والفك.

• فحص حركة الجنين.

• قياس كمية السائل الأمينوسي.

• تحديد جنس الجنين في حال رغبة الأم.

فحوصات الدم والبول

تستمر فحوصات الدم والبول في المتابعة لمراقبة علامات السكري الحملي، فقر الدم، والالتهابات المحتملة.

فحص مراقبة وزن الأم وضغط الدم

يراقب الطبيب وزن الأم لضمان الزيادة الطبيعية والصحية، مع متابعة ضغط الدم لمنع حدوث مضاعفات مثل تسمم الحمل.

النصائح الصحية للأم في الأسبوع الثامن عشر من الحمل

تحتاج الأم في هذه المرحلة إلى الاهتمام بصحتها بشكل أكبر لضمان سير الحمل بشكل صحي وآمن.

التغذية السليمة والمتوازنة

يجب التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، خصوصًا الحديد، الكالسيوم، وحمض الفوليك، التي تدعم نمو الجنين وتقوي جسم الأم. يُفضل تناول:

• الفواكه والخضروات الطازجة.

• الحبوب الكاملة.

• مصادر البروتين المتنوعة مثل اللحوم البيضاء، البقوليات، والبيض.

• منتجات الألبان أو بدائلها.

ممارسة التمارين الرياضية المناسبة

التمارين الخفيفة مثل المشي أو اليوغا المخصصة للحامل تساعد على تحسين الدورة الدموية، تقوية العضلات، وتخفيف التوتر. يجب استشارة الطبيب قبل بدء أي نشاط رياضي.

الراحة والنوم الجيد

مع زيادة حجم البطن، قد تعاني الأم من صعوبة في النوم، لذلك يُنصح باستخدام وسائد داعمة للظهر والبطن، والنوم على الجانب الأيسر لتحسين تدفق الدم إلى الجنين.

العناية بالبشرة

استخدام مرطبات مناسبة لمنع جفاف الجلد، والحرص على الحماية من أشعة الشمس لتجنب زيادة التصبغات الجلدية.

تجنب الممارسات الضارة

تجنب التدخين، تناول الكحول، والأدوية غير الموصوفة، والتي قد تؤثر سلبًا على صحة الجنين.

المضاعفات المحتملة في الأسبوع الثامن عشر

رغم أن معظم النساء يمررن بهذه المرحلة دون مشاكل كبيرة، إلا أن هناك بعض المضاعفات التي قد تظهر وتتطلب مراقبة طبية دقيقة.

تسمم الحمل

يبدأ ارتفاع ضغط الدم مع ظهور بروتين في البول، مما يشير إلى تسمم الحمل، وهو حالة خطيرة تستوجب متابعة فورية.

انفصال المشيمة

قد تعاني بعض النساء من نزيف ناتج عن انفصال جزئي للمشيمة، مما يشكل خطرًا على الجنين ويستلزم التدخل الطبي.

التهاب المسالك البولية

زيادة الحاجة المتكررة للتبول قد تصاحبها التهابات في الجهاز البولي، التي تحتاج لعلاج فوري لتجنب المضاعفات.

جدول يوضح التغيرات الرئيسية في جسم الأم ونمو الجنين في الأسبوع الثامن عشر

في المجمل، يمثل الأسبوع الثامن عشر من الحمل مرحلة غنية بالتغيرات الحيوية التي تؤثر على الأم والجنين معًا، ويتطلب هذا الأسبوع اهتمامًا خاصًا بالصحة العامة، التغذية، والمتابعة الطبية لضمان أفضل النتائج الممكنة. مع استمرار الحمل، يصبح دور الأم في الحفاظ على صحتها ونمو جنينها مسؤولية متزايدة تضمن ولادة طفل سليم ومعافى.

المصادر والمراجع

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). “Your Pregnancy and Childbirth: Month to Month.”

2. Mayo Clinic. “Pregnancy week by week.”