أسباب ضعف دقات القلب وعلاجها

أسباب ضعف دقات القلب:

ضعف دقات القلب أو ما يعرف علمياً بـ “بطء القلب” (Bradycardia) هو حالة طبية تشير إلى انخفاض معدل ضربات القلب بشكل غير طبيعي. في الأشخاص البالغين، يُعتبر معدل ضربات القلب الطبيعي بين 60 و100 نبضة في الدقيقة أثناء الراحة. أما عندما يقل عدد النبضات عن 60 نبضة في الدقيقة، يعتبر ذلك بطءاً في دقات القلب، وقد يكون مصحوبًا ببعض الأعراض المزعجة مثل الدوخة، والتعب، والضيق التنفسي، وأحيانًا فقدان الوعي. بالرغم من أن بعض الأشخاص قد لا يعانون من أعراض ملحوظة، فإن هذه الحالة يمكن أن تشير إلى مشاكل صحية أساسية يجب معالجتها. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى ضعف دقات القلب وطرق التعامل معها.

أولاً: فسيولوجيا دقات القلب

لكي نفهم أسباب ضعف دقات القلب، من المهم أن نفهم أولاً كيف يعمل القلب وكيف يتم تنظيم ضرباته. يتكون القلب من أربعة حجرات: الأذينين (الأيمن والأيسر) والبطينين (الأيمن والأيسر). يبدأ تدفق الدم من الأذينين إلى البطينين، ويتحكم في عملية ضخ الدم تنظيم معقد للنظام الكهربائي للقلب. تنبع نبضات القلب من نواة كهربائية في الأذين الأيمن تُسمى العقدة الجيبية (Sinoatrial Node) والتي تنقل إشارات كهربائية عبر الأذينين إلى العقدة الأذينية البطينية، ومن ثم تنتقل الإشارة إلى البطينين، مما يتسبب في انقباض القلب ويدفع الدم إلى الشرايين.

ثانياً: أسباب ضعف دقات القلب

1. الاضطرابات في العقدة الجيبية

العقدة الجيبية، كما ذكرنا، هي المسؤولة عن توليد الإشارة الكهربائية التي تنظم ضربات القلب. قد يحدث ضعف في هذه العقدة نتيجة لعدة أسباب، مثل الشيخوخة أو الأمراض التي تؤثر على الأنسجة القلبية. يؤدي هذا الضعف إلى تقليل قدرة العقدة الجيبية على إرسال الإشارات الكهربائية، مما يسبب بطءًا في ضربات القلب. من الأمثلة على هذه الاضطرابات:

• الشيخوخة: مع تقدم العمر، يمكن أن تصبح الأنسجة المحيطة بالعقدة الجيبية أقل فعالية، مما يؤدي إلى إبطاء نبضات القلب.

• المرض القلبي: بعض الأمراض مثل التصلب الشرياني أو التهاب عضلة القلب قد تؤثر على وظيفة العقدة الجيبية.

2. مشاكل في التوصيل الكهربائي للقلب

قد تتسبب مشاكل في النظام الكهربائي للقلب في ضعف دقات القلب. على سبيل المثال، في حالة التصلب أو التلف الذي يصيب الأنسجة القلبية نتيجة للشيخوخة أو أمراض أخرى، قد لا تتمكن الإشارات الكهربائية من الانتقال بكفاءة من العقدة الجيبية إلى البطينين. من بين الحالات التي يمكن أن تؤدي إلى هذا النوع من ضعف التوصيل:

• كتلة القلب (Heart Block): في هذه الحالة، يحدث تأخير أو انقطاع في انتقال الإشارة الكهربائية من الأذينين إلى البطينين.

• الرفرفة الأذينية: هي حالة تتسم بانقباض الأذينين بشكل غير منسق وبسرعة كبيرة، مما يؤثر على انتظام ضربات القلب.

3. الاضطرابات الهرمونية

الهرمونات تلعب دوراً مهماً في تنظيم العديد من العمليات الحيوية في الجسم، بما في ذلك دقات القلب. بعض الاضطرابات الهرمونية قد تؤدي إلى بطء القلب، ومنها:

• قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism): انخفاض مستوى هرمون الغدة الدرقية يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الكهربائي للقلب، مما يتسبب في ضعف دقات القلب.

• خلل في توازن البوتاسيوم أو الكالسيوم: اختلال مستويات المعادن الأساسية مثل البوتاسيوم أو الكالسيوم في الدم يمكن أن يؤثر على قدرة القلب على ضخ الدم بشكل طبيعي.

4. الأدوية

بعض الأدوية قد تكون سببًا في تقليل معدل ضربات القلب. على الرغم من أن هذه الأدوية قد تكون مفيدة في علاج حالات أخرى، إلا أنها قد تؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوب فيها مثل بطء القلب. من بين الأدوية التي قد تسبب هذه الحالة:

• حاصرات بيتا (Beta-Blockers): تستخدم هذه الأدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، لكنها قد تؤدي إلى تباطؤ دقات القلب.

• أدوية مضادة للإيقاع القلبي (Antiarrhythmic Drugs): يمكن أن تؤدي هذه الأدوية إلى تعديل الإشارات الكهربائية في القلب بشكل قد يسبب بطءاً في دقاته.

5. تسمم الدم أو التسمم الدوائي

التسمم بسبب التعرض المفرط للمواد السامة مثل المواد الكيميائية أو بعض الأدوية قد يؤثر على قلب الشخص. التسمم من بعض الأدوية أو العقاقير المخدرة قد يؤثر على النظام الكهربائي للقلب ويسبب بطءاً في ضرباته.

6. أمراض القلب التاجية

أمراض القلب التاجية هي حالات تحدث نتيجة تضيق الشرايين التاجية التي تمد القلب بالدم. عندما تصبح هذه الشرايين ضيقة أو مسدودة، يمكن أن يقل تدفق الدم إلى القلب، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة الكهربائية في القلب. هذا قد يؤثر على قدرة القلب على تنظيم دقاته بشكل طبيعي.

7. الجفاف وفقدان السوائل

عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل نتيجة للجفاف، فإن حجم الدم ينخفض، مما يقلل من كمية الأوكسجين التي تصل إلى الأنسجة، بما في ذلك الأنسجة القلبية. هذا يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ في دقات القلب كآلية تعويضية لمحاولة الحفاظ على ضغط الدم.

8. الإصابات أو الصدمات

في حالة الإصابات القوية أو الصدمات الجسدية مثل الحوادث أو الجراحة الكبرى، يمكن أن يؤدي تلف الأنسجة القلبية أو الأعصاب إلى اختلال في نظم ضربات القلب. يمكن أن يحدث بطء القلب نتيجة لتلف النظام الكهربائي للقلب أو تأثيرات الأدوية المخدرة المستخدمة أثناء العلاج.

9. النشاط البدني المكثف

في بعض الرياضيين، وخاصة أولئك الذين يمارسون التمارين الرياضية المكثفة بانتظام، قد يحدث تباطؤ في ضربات القلب بشكل طبيعي. هذا النوع من بطء القلب يُسمى “النبض الرياضي” (Athlete’s Heart)، حيث أن القلب يصبح أكثر كفاءة في ضخ الدم، مما يؤدي إلى بطء ضرباته أثناء الراحة.

10. الأمراض العصبية

بعض الاضطرابات العصبية قد تؤثر على الجهاز العصبي المستقل، الذي يتحكم في العديد من العمليات الحيوية في الجسم، بما في ذلك دقات القلب. على سبيل المثال، مرض باركنسون وبعض أنواع السكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على وظيفة الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى ضعف دقات القلب.

ثالثاً: كيفية تشخيص ضعف دقات القلب

تشخيص ضعف دقات القلب يعتمد على مجموعة من الفحوصات الطبية التي قد تشمل:

• التاريخ الطبي والفحص السريري: يبدأ الطبيب بتقييم الأعراض ومراجعة التاريخ الطبي للمريض لمعرفة عوامل الخطر المحتملة.

• مخطط كهربائية القلب (ECG): يعد هذا الفحص الأكثر شيوعاً لتشخيص بطء القلب، حيث يظهر نمط الإشارات الكهربائية للقلب.

• مراقبة هولتر: هو جهاز محمول يستخدم لتسجيل النشاط الكهربائي للقلب على مدار 24-48 ساعة، مما يساعد في تقييم الحالة بشكل دقيق.

• اختبارات الدم: يمكن أن تكشف اختبارات الدم عن وجود اضطرابات هرمونية أو نقص في المعادن الأساسية.

رابعاً: علاج ضعف دقات القلب

علاج ضعف دقات القلب يعتمد على السبب الكامن وراء الحالة وشدتها. في بعض الحالات، قد لا يكون العلاج ضرورياً إذا كانت الأعراض غير ملحوظة أو إذا كان معدل ضربات القلب المنخفض لا يسبب أي مشاكل صحية. ومع ذلك، عندما يكون هناك خطر على الصحة أو أعراض مزعجة، قد يشمل العلاج ما يلي:

1. الأدوية: في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية لتحفيز ضربات القلب أو للتعامل مع الأسباب الأساسية مثل اضطرابات الغدة الدرقية.

2. جهاز تنظيم ضربات القلب (Pacemaker): في حالات بطء القلب الشديد التي لا تستجيب للأدوية، قد يكون من الضروري تركيب جهاز تنظيم ضربات القلب الذي يرسل إشارات كهربائية لتحفيز القلب على الانقباض بشكل منتظم.

3. الجراحة: إذا كان ضعف دقات القلب ناتجاً عن مشكلة هيكلية في القلب، قد يحتاج المريض إلى جراحة لعلاج هذه المشكلة.

خامساً: الوقاية

الوقاية من ضعف دقات القلب تتطلب الحفاظ على نمط حياة صحي. يشمل ذلك:

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والأطعمة المغذية.

• ممارسة النشاط البدني بانتظام ولكن بشكل معتدل.

• تجنب التدخين والإفراط في تناول الكحول.

• متابعة صحة القلب بشكل دوري خاصة لدى الأشخاص المعرضين لمخاطر الإصابة بأمراض القلب.

المراجع:

• American Heart Association (AHA). (2023).