حمض الفوليك للشعر: فوائده، تأثيره على الصحة العامة، ودوره في تعزيز نمو الشعر

يُعد حمض الفوليك أو ما يُعرف باسم الفولات (Folic Acid) أحد أهم الفيتامينات المنتمية إلى مجموعة فيتامينات B، ويُعرف علميًا باسم “فيتامين B9”. يتصدر حمض الفوليك قائمة المركبات الضرورية لصحة الإنسان، حيث يلعب دورًا جوهريًا في العديد من العمليات الحيوية على المستوى الخلوي، مثل تكوين الحمض النووي (DNA) وانقسام الخلايا وإنتاج خلايا الدم الحمراء. لكن على وجه التحديد، فقد بات حمض الفوليك يحظى باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة لدوره الفعّال في تحسين صحة الشعر ومنع تساقطه، لا سيما في فترات النمو السريع أو في حالات اضطراب التوازن الغذائي.

يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل ومعمق حول حمض الفوليك، مبينًا آلية عمله على مستوى فروة الرأس وبصيلات الشعر، ودوره في الوقاية من مشكلات الشعر المختلفة، وتأثيره عند تناوله كمكمل غذائي أو من خلال النظام الغذائي اليومي.

التركيب الكيميائي وأهميته الحيوية في الجسم

حمض الفوليك هو الشكل الصناعي للفولات، وهو فيتامين قابل للذوبان في الماء، ما يعني أن الجسم لا يقوم بتخزينه بكميات كبيرة، ويجب تجديده بانتظام من خلال النظام الغذائي أو المكملات. يدخل الفولات في تخليق الأحماض النووية، كما أنه يلعب دورًا في تحويل الهوموسيستين إلى ميثيونين، وهي عملية مهمة لإنتاج البروتينات. ونتيجة لذلك، فإن نقص حمض الفوليك يؤدي إلى اضطراب في انقسام الخلايا، ما قد ينعكس سلبًا على الأنسجة التي تتجدد بسرعة مثل الشعر والبشرة والأظافر.

آلية تأثير حمض الفوليك على نمو الشعر

تعتمد صحة الشعر بشكل كبير على صحة الدورة الدموية، ووصول الدم المحمل بالمغذيات إلى فروة الرأس. يؤدي حمض الفوليك دورًا محوريًا في هذا الجانب من خلال مساهمته في تكوين خلايا الدم الحمراء، التي تنقل الأوكسجين والمغذيات إلى بصيلات الشعر. وهذا ينعكس مباشرة في تحفيز نمو الشعر ومنع تقصفه وتكسره.

من جهة أخرى، يدخل حمض الفوليك في دورة انقسام الخلايا، ما يعني أنه ضروري لتجدد خلايا فروة الرأس، ونمو الشعر الجديد بطريقة صحية. وفي حالات نقص حمض الفوليك، تظهر مؤشرات مثل تساقط الشعر، تباطؤ في النمو، ضعف البصيلات، وظهور الشيب المبكر.

فوائد حمض الفوليك للشعر

1. تحفيز نمو الشعر
   
   حمض الفوليك يعزز نمو الشعر من خلال تحفيز انقسام الخلايا ونمو البصيلات الجديدة. وهو أمر بالغ الأهمية خاصة للأشخاص الذين يعانون من تساقط الشعر بسبب سوء التغذية أو خلال فترات الحمل والرضاعة.

2. منع تساقط الشعر
   
   عند انخفاض مستوى حمض الفوليك في الجسم، يتعطل تدفق الدم المحمل بالمغذيات إلى فروة الرأس، مما يؤدي إلى ضعف بصيلات الشعر وسقوطه. وبالتالي فإن توازن هذا الفيتامين في الجسم يقلل من خطر تساقط الشعر ويمنح الفروة بيئة صحية للنمو.

3. تأخير ظهور الشيب
   
   رغم أن السبب الرئيسي للشيب المبكر هو العامل الوراثي، إلا أن الدراسات تشير إلى أن نقص بعض الفيتامينات مثل حمض الفوليك وفيتامين B12 قد يسرّع من ظهور الشيب، لذا فإن الحفاظ على مستويات مناسبة من حمض الفوليك يساعد في الحفاظ على لون الشعر الطبيعي لأطول فترة ممكنة.

4. تحسين مظهر الشعر ولمعانه
   
   الشعر الذي يحصل على كفايته من الفيتامينات الأساسية مثل حمض الفوليك يظهر بمظهر صحي أكثر، مع تقليل التقصف وزيادة اللمعان، بفضل دعم تجديد خلايا فروة الرأس والبصيلات بشكل فعال.

أعراض نقص حمض الفوليك وتأثيره على الشعر

يتسبب نقص حمض الفوليك في مجموعة من الأعراض التي يمكن ملاحظتها بسهولة على الشعر، من أبرزها:

• ضعف نمو الشعر.

• تساقط مفرط عند التسريح أو الاستحمام.

• تقصف الشعر وجفافه.

• ظهور بقع صلع صغيرة في فروة الرأس.

• شيب مبكر لدى الشباب.

• فقدان كثافة الشعر على المدى الطويل.

وقد تترافق هذه الأعراض مع علامات عامة مثل الإرهاق، شحوب البشرة، تقلبات المزاج، وصعوبة في التركيز، كون حمض الفوليك يؤثر أيضًا على الجهاز العصبي والدورة الدموية.

مصادر حمض الفوليك الطبيعية

يُفضل دائمًا الحصول على حمض الفوليك من مصادر غذائية طبيعية لضمان الامتصاص السليم والفعالية المثلى. ومن أبرز هذه المصادر:

إلى جانب الأغذية النباتية، هناك منتجات مدعمة بحمض الفوليك مثل الطحين وحبوب الإفطار، وتُعد خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين يعانون من نقص مزمن أو صعوبات في الامتصاص.

المكملات الغذائية: ضرورة في بعض الحالات

في كثير من الحالات لا تكفي المصادر الغذائية لتغطية احتياجات الجسم من حمض الفوليك، خاصة لدى:

• الحوامل والمرضعات.

• مرضى سوء الامتصاص.

• من يعانون من أمراض الكبد أو الكلى.

• النباتيين الصرف.

• الأشخاص الذين يتناولون أدوية تؤثر على امتصاص الفيتامينات مثل ميثوتريكسات أو بعض أدوية الصرع.

في هذه الحالات، يمكن تناول مكملات حمض الفوليك بجرعة يومية تتراوح بين 400 إلى 800 ميكروغرام، وفق إرشادات الطبيب.

التداخلات الدوائية والتحذيرات

يجب التنبه إلى أن حمض الفوليك قد يتفاعل مع بعض الأدوية مثل:

• مضادات التشنج مثل الفينيتوين والفالبروات، حيث قد تقلل من امتصاص الفولات.

• الميثوتريكسات المستخدم في علاج السرطان وبعض أمراض المناعة، حيث يتعارض مباشرة مع آلية عمل الفولات.

• أدوية الملاريا مثل البيريميثامين.

كما أن الجرعات العالية جدًا من حمض الفوليك دون إشراف طبي قد تخفي أعراض نقص فيتامين B12، مما يؤدي إلى مضاعفات عصبية خطيرة على المدى الطويل.

حمض الفوليك في مستحضرات العناية بالشعر

انتشرت في الأسواق مؤخرًا العديد من المنتجات الموضعية التي تحتوي على حمض الفوليك ضمن تركيبتها، مثل:

• الشامبو المقوي: يُزعم أنه يعزز الدورة الدموية ويقوي البصيلات.

• السيروم المغذي: يحتوي على حمض الفوليك مع البيوتين والنياسين لدعم فروة الرأس.

• الماسكات العشبية: التي تدعي تغذية الشعر من الجذور.

رغم أن الدراسات حول فعالية التطبيق الموضعي لحمض الفوليك محدودة مقارنة بتناوله فمويًا، إلا أن وجوده مع مكونات مغذية أخرى قد يساهم بشكل غير مباشر في تحسين صحة فروة الرأس.

الحالات الطبية التي يؤثر فيها حمض الفوليك على الشعر

1. الحمل

خلال الحمل، تزداد الحاجة إلى حمض الفوليك نظرًا لدوره الحيوي في تكوين الأنبوب العصبي للجنين. لكن في الوقت ذاته، تعاني بعض النساء من تساقط الشعر بسبب الاضطرابات الهرمونية أو سوء الامتصاص، مما يجعل دعم الجسم بحمض الفوليك أمرًا أساسيًا للحفاظ على صحة الشعر.

2. فقر الدم

يرتبط فقر الدم الناتج عن نقص الفولات بتساقط الشعر نظرًا لانخفاض وصول الأوكسجين إلى الخلايا، ما يعوق الدورة الطبيعية لنمو الشعر.

3. اضطرابات الجهاز الهضمي

مثل مرض كرون أو الاضطرابات المعوية المزمنة التي تؤثر على امتصاص الفيتامينات، تؤدي إلى نقص حمض الفوليك وبالتالي تساقط الشعر بشكل واضح.

التوصيات العامة

• الاهتمام بالحصول على حمض الفوليك من مصادر متنوعة.

• إدماج الخضروات الورقية والعدس والفواكه الحمضية في النظام الغذائي اليومي.

• عدم تناول المكملات إلا تحت إشراف طبي خصوصًا في حالة وجود أمراض مزمنة.

• المتابعة الطبية المنتظمة لمستويات حمض الفوليك وفيتامين B12 في الجسم.

الخلاصة

يلعب حمض الفوليك دورًا جوهريًا في الحفاظ على صحة الشعر من خلال دعم تكوين خلايا جديدة وتعزيز الدورة الدموية في فروة الرأس، مما يساهم في تقوية البصيلات وتحفيز نمو الشعر بطريقة صحية. لا يقتصر دوره على تعزيز الجمال الخارجي فقط، بل يعد عنصرًا أساسيًا في دعم الوظائف الحيوية للجسم ككل، مما يجعل استهلاكه بوعي واعتدال ضرورة صحية عامة.

المراجع:

1. National Institutes of Health (NIH) – Office of Dietary Supplements. Folic Acid Fact Sheet for Health Professionals.

2. Trüeb, R.M. (2009). “The impact of micronutrients on hair health.” Dermatologic Clinics, 27(2): 227–232.