مراحل نمو التوائم في الحمل

مراحل نمو التوائم في بطن الأم

تعد مرحلة الحمل من أكثر الفترات إثارة في حياة المرأة، حيث تشهد خلالها تطورًا هائلًا في جسمها وفي جسم جنينها أو أجنتها. ومع الحمل بتوأم، يصبح هذا التطور أكثر تعقيدًا وثراءً في التفاصيل. النمو السليم للتوائم في بطن الأم يتطلب متابعة دقيقة واهتمامًا خاصًا من قبل الطبيب الأمومي، بالإضافة إلى عناية إضافية لضمان صحة الأم والجنينين. في هذا المقال، سوف نغوص في مراحل نمو التوائم داخل بطن الأم، بدءًا من اللحظات الأولى للحمل وصولًا إلى ولادة التوائم.

1. التلقيح والانغراس

يبدأ الحمل بتوأم في اللحظة التي تلتقي فيها البويضة مع الحيوانات المنوية وتبدأ عملية التخصيب. في حالة الحمل بتوأم، يحدث تخصيب بويضتين مختلفتين بواسطة حيوانين منويين مختلفين، مما يؤدي إلى تكوّن توأمين غير متماثلين، أو حدوث انقسام في بويضة واحدة مخصبة لتكوين توأم متماثل. تحدث عملية الانغراس بعد خمسة إلى سبعة أيام من التخصيب، حيث تنغرس البويضات المخصبة في جدار الرحم.

2. الأسابيع الأولى (الأسبوع 1 إلى الأسبوع 6)

في هذه المرحلة، يبدأ الجسم في التكيف مع الحمل. بعد انغراس البويضات المخصبة في جدار الرحم، تبدأ خلايا الجنين في الانقسام بسرعة، وتبدأ الأنابيب العصبية في التكوين. على الرغم من أن التوائم لا يزالون في مرحلة تكوين خلوية مبكرة، إلا أن بعض الأعضاء الأساسية مثل القلب والأمعاء تبدأ في التكوين. في الأسابيع الأولى من الحمل، قد لا يظهر على الأم أي أعراض ملحوظة غير تأخر الدورة الشهرية، لكنها في بعض الحالات قد تشعر بالتعب والغثيان.

3. التطور السريع (الأسبوع 7 إلى الأسبوع 12)

في هذه المرحلة، يبدأ الجنين في التكوين بشكل واضح. في الأسبوع السابع، يظهر قلب الجنينين بوضوح ويبدأ في الخفقان. يتطور الجهاز العصبي المركزي بسرعة، ويبدأ الدماغ في تشكيل خلاياه العصبية. مع مرور الوقت، يبدأ الوجه في التشكّل مع ظهور العينين والأذنين والفم، كما يبدأ الجهاز الهضمي في النمو. على الرغم من أن التوائم لا يزالون صغيرين جدًا (بحجم حبة التفاح تقريبًا)، إلا أن الأطراف تبدأ في التشكّل، وتبدأ الأذرع والساقين في النمو.

4. المرحلة المتقدمة (الأسبوع 13 إلى الأسبوع 16)

في هذا الوقت، يبدأ جسم التوأم في النمو بشكل أكبر وأكثر تنسيقًا. في الأسبوع 13، تبدأ الأعضاء الحيوية في التكوّن بشكل كامل مثل الكبد والكلى، بينما يبدأ الجهاز العصبي في إرسال إشارات عصبية أولية. كما يبدأ الشعر في النمو على الرأس، ويبدأ الجلد في التكوّن. في الأسبوع 16، يبدأ التوأم في التحرك بشكل طفيف داخل الرحم، لكن الأم قد لا تشعر بذلك بعد، حيث تكون الحركات لا تزال ضعيفة للغاية.

5. المرحلة المتقدمة جدًا (الأسبوع 17 إلى الأسبوع 20)

يستمر التوأم في النمو في هذه الفترة. يصبح التوأم أكثر نشاطًا، وتبدأ الأم في الشعور بالحركات الأولى للتوائم، وهي علامة على التطور السليم. في الأسبوع 20، قد يظهر السونار علامات واضحة على النمو الجنيني، وتبدأ الأعضاء التناسلية الخارجية في التمايز، مما يساعد على تحديد جنس التوائم. في هذا الوقت، يتراوح وزن التوائم بين 200 إلى 250 جرامًا لكل توأم. الجلد يصبح أكثر سمكًا وتغطّيه طبقة من الزغب (الشعر الناعم) الذي يختفي في نهاية الحمل.

6. النمو السريع (الأسبوع 21 إلى الأسبوع 30)

هذه هي مرحلة النمو السريع لكل من الأعضاء الداخلية والخارجية للتوأم. في الأسبوع 21، يزداد حجم التوأم بشكل ملحوظ، حيث يبدأ الجسم في إضافة الدهون تحت الجلد، مما يعطي الجنين مظهرًا أكثر استدارة. تتطور الأعضاء التناسلية بشكل أكثر وضوحًا، وتصبح الحركات أكثر قوة، مما يجعلها أكثر وضوحًا للأم. مع تقدم الحمل، يصبح الجنين قادرًا على تحريك الرأس والأطراف بشكل منسق، كما يمكن له أن يفتح عينيه في الأسابيع الأخيرة.

في هذه المرحلة، قد تبدأ الأم في الشعور بثقل الحمل بشكل ملحوظ، حيث يزداد الضغط على الحوض والأعضاء الداخلية الأخرى. كما يبدأ الرحم في التوسع ليحمل التوائم بشكل أفضل. يمكن أن تشعر الأم بحركات مزدوجة، أي تحرك أحد التوائم في جهة وتتحرك الآخر في الجهة المقابلة، مما يضيف إلى شعورها بتعدد الأجنة.

7. المرحلة الأخيرة (الأسبوع 31 إلى الأسبوع 37)

في هذه المرحلة، يكتمل تطور معظم الأعضاء، ويصبح التوأم أكثر قدرة على البقاء على قيد الحياة خارج الرحم. في الأسبوع 34، تكتمل تطورات الأعضاء الرئيسية مثل الرئتين والكبد، حيث يصبحان جاهزين للعمل بشكل شبه كامل بعد الولادة. ويصل وزن التوأم إلى ما بين 1.5 إلى 2.5 كيلوجرام لكل منهما.

في الأسابيع الأخيرة، يتحرك التوأم بشكل أقل مقارنة بالفترات السابقة، حيث يضيق المساحة المتاحة في الرحم. تصبح الحركات أقل وضوحًا، لكن يمكن أن تشعر الأم بضيق التنفس نتيجة الضغط على الرئتين. في هذه المرحلة، قد يظهر التوأم في وضعية الولادة، استعدادًا للخروج إلى العالم الخارجي.

8. الولادة

تحدث الولادة عادةً في الأسبوع 37 أو 38 من الحمل للتوائم، لكن قد تحدث في وقت أبكر أو متأخر حسب حالة الأم والتوائم. يتم اتخاذ قرار الولادة بناءً على صحة الأم والتوائم، وإذا كانت التوائم في وضعية جيدة للولادة الطبيعية أو إذا كان من الضروري إجراء عملية قيصرية. الولادة القيصرية غالبًا ما تكون الخيار المفضل في حالة الحمل بتوأم، حيث تكون احتمالية حدوث مضاعفات أكبر، سواء أثناء الولادة أو بعدها.

مضاعفات الحمل بتوأم

الحمل بتوأم قد يترافق مع بعض المخاطر والتحديات الصحية التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة. من بين أبرز هذه المخاطر نجد:

• الولادة المبكرة: حيث تحدث الولادة قبل الأسبوع 37 من الحمل، مما يعرض التوائم لخطر الضعف أو المضاعفات الصحية.

• تسمم الحمل: قد يزداد خطر الإصابة بتسمم الحمل في حالات الحمل بتوأم، مما يتطلب مراقبة حثيثة.

• التحجر أو مشاكل في نمو الجنين: في بعض الأحيان، قد لا ينمو التوأم بشكل متوازن، مما يتطلب تدخلًا طبيًا سريعًا.

نصائح للحفاظ على صحة الأم والتوائم

لتفادي المشاكل المحتملة أثناء الحمل بتوأم، ينبغي للأم الاهتمام بصحتها الجسدية والنفسية. تشمل النصائح الأساسية:

• متابعة طبية منتظمة: من الضروري إجراء الفحوصات الطبية بشكل منتظم لمراقبة صحة التوأم وتطور الحمل.

• تناول غذاء صحي ومتوازن: يعتبر التغذية السليمة من العوامل الرئيسية التي تساهم في نمو التوائم بشكل صحي.

• الراحة والنوم الكافي: الحمل بتوأم يتطلب من الأم أن تأخذ فترات راحة كافية لتجنب الإجهاد.

خاتمة

مراحل نمو التوائم داخل بطن الأم تمثل تجربة مليئة بالتحديات والفرص، حيث يتطلب هذا النوع من الحمل متابعة دقيقة من الأطباء والاهتمام الكبير من قبل الأم. من لحظة التخصيب حتى ولادة التوائم، يمر الجسم في سلسلة من التغيرات المعقدة التي تضمن نمو التوائم بشكل صحيح. بالرغم من التحديات التي قد يواجهها الحمل بتوأم، فإن العناية الطبية المناسبة، إلى جانب الراحة والدعم النفسي، يمكن أن تساهم بشكل كبير في ضمان صحة كل من الأم والتوائم.