البركان: تعريفه وكيفية تكونه

البركان هو ظاهرة جيولوجية طبيعية تحدث نتيجة تصاعد المواد المنصهرة من باطن الأرض إلى سطحها عبر فتحات أو شقوق في القشرة الأرضية. هذه المواد المنصهرة تعرف بالماغما، وعندما تصل إلى السطح وتخرج تسمى باللافا. البركان ليس مجرد جبل ناري ينفجر فجأة، بل هو نظام معقد يتضمن تفاعلات بين قوى داخلية للأرض تؤدي إلى تراكم وصعود الصهارة (الماغما) حتى يثور البركان.

تعريف البركان

البركان هو تركيب جيولوجي يتمثل في فتحة أو صدع في القشرة الأرضية يسمح بخروج المواد المنصهرة (الصهارة) والغازات والرماد إلى السطح. هذه المواد قد تكون على شكل سائلة، غازية، أو صلبة. يُعتبر البركان بمثابة ممر طبيعي يسمح للطاقة والمواد من أعماق الأرض بالتصاعد نحو السطح، مما يغير من تضاريس الأرض ويؤثر على البيئة المحيطة.

يختلف شكل البركان وحجمه بحسب نوع المواد التي يخرجها وطريقة انبعاثها، فقد يكون على شكل جبل هضبي، أو شق طولي في الأرض، أو حتى ثورات تحت سطح المحيطات.

تكوين البركان

يبدأ تكوين البركان من باطن الأرض، وتحديداً في طبقة الوشاح التي تقع تحت القشرة الأرضية. تحتوي هذه الطبقة على صخور منصهرة جداً بدرجات حرارة عالية، تسمى بالصهارة أو الماغما. الماغما تتكون نتيجة ارتفاع درجات الحرارة مع الضغط أو نتيجة ذوبان الصخور بسبب زيادة الضغط أو تحولات كيميائية.

مراحل تكوين البركان

1. تكون الصهارة (الماغما)
   
   تنشأ الصهارة عندما تذوب الصخور في أعماق الأرض بفعل درجات الحرارة المرتفعة التي قد تصل إلى أكثر من 1200 درجة مئوية. تكون الصهارة أقل كثافة من الصخور الصلبة المحيطة بها، لذا تبدأ بالتصاعد نحو الأعلى عبر طبقات الأرض.

2. تصاعد الصهارة داخل الأرض
   
   نتيجة قلة الكثافة وارتفاع الضغط، تبدأ الماغما بالتصاعد إلى أعلى عبر صدوع وضعف في القشرة الأرضية. في هذه المرحلة، تتجمع الصهارة في خزانات تحت الأرض تسمى خزانات الماغما.

3. تراكم المواد المنصهرة والغازات
   
   داخل هذه الخزانات، تظل الماغما محصورة، ولكن الغازات الذائبة فيها تحاول الخروج بفعل الضغط المتزايد. هذا الضغط المتراكم هو الذي يؤدي في النهاية إلى فتح ثغرات أو شقوق في القشرة، مما يسمح للصهارة بالخروج إلى السطح.

4. الثوران البركاني
   
   عند تجاوز الضغط للحد المسموح به، تنفجر الفتحة الأرضية، وتخرج الصهارة إلى السطح على شكل حمم بركانية (لافا)، إلى جانب الغازات الساخنة والرماد البركاني. وتبدأ تراكمات الحمم والرماد بالتصلب مكونة تدريجياً مخروط البركان.

أنواع الصهارة وتأثيرها على نوع البركان

تختلف أنواع الصهارة من حيث التركيب الكيميائي وكثافة المواد المنصهرة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على نوع الثوران وشكل البركان. توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الصهارة:

• الصهارة القاعدية (البازلتية): قليلة السيليكا، كثافتها منخفضة ولزوجتها قليلة، مما يجعلها تتدفق بسهولة، وينتج عن ذلك براكين ذات ثورات هادئة مثل براكين هاواي.

• الصهارة المتوسطة: تحتوي على نسبة متوسطة من السيليكا، ولزوجتها أعلى من الصهارة القاعدية، ما يؤدي إلى ثورات أكثر عنفاً، ويُنتج براكين طبقية مثل جبل فوجي في اليابان.

• الصهارة الحمضية (الريوليتية): عالية السيليكا، ذات لزوجة عالية جداً، وهذا يمنع تدفق الحمم بسهولة، مما يتسبب في تراكم الضغط واندلاع ثورات عنيفة جداً قد تؤدي إلى انفجارات ضخمة، كما حدث في ثوران بركان بيناتوبو في الفلبين.

أنواع البراكين

يمكن تصنيف البراكين إلى عدة أنواع بناءً على شكلها وطريقة ثورانها:

1. البراكين الدرعية
   
   تتميز بانحدارها التدريجي وواسعة القاعدة، ناتجة عن تدفق الحمم السائلة اللزجة المنخفضة. براكين هاواي نموذج جيد لهذا النوع، حيث تكون الحمم مائعة وتنتشر لمسافات بعيدة قبل أن تتصلب.

2. البراكين الطبقية أو المركبة
   
   تتميز بشكل مخروطي عالٍ يتكون من طبقات متكررة من الحمم والرماد. تكون ثوراتها أكثر عنفاً مع تراكم الحمم الصلبة. جبل فوجي وجبل فيزوف من أشهر الأمثلة.

3. البراكين الانفجارية
   
   تكون ذات ثورات عنيفة جداً بسبب تراكم الغازات والحمم اللزجة التي تمنع خروجها بسهولة، مما يسبب انفجارات ضخمة تخرج كميات هائلة من الرماد والغازات.

4. البراكين الشُقوقية
   
   تحدث عندما تنفجر الصهارة عبر شقوق طويلة في القشرة بدلاً من فتحة واحدة، وتنتشر الحمم على شكل سيول عبر مساحات واسعة.

تأثير البراكين على البيئة

تعتبر البراكين من أقوى الظواهر الطبيعية التي تؤثر على البيئة والكائنات الحية. للثوران البركاني تأثيرات مباشرة وغير مباشرة تمتد من اللحظة الأولى للثورة إلى سنوات لاحقة.

• تأثيرات مباشرة: تشمل تدفق الحمم البركانية التي تحرق كل ما تواجهه، وانبعاث الغازات السامة والرماد البركاني الذي قد يغطي مساحات واسعة، ويتسبب في اختناق الحياة النباتية والحيوانية.

• تأثيرات على المناخ: الرماد والغازات التي تطلقها البراكين قد تصل إلى طبقات الجو العليا، مما يؤدي إلى حجب أشعة الشمس وتبريد الأرض مؤقتاً. حدث ذلك عام 1991 مع ثوران بركان بيناتوبو.

• تكوين التربة البركانية: على المدى الطويل، تتحلل الحمم البركانية وتتحول إلى تربة غنية بالمعادن، مما يجعل المناطق المحيطة بالبراكين من أفضل الأراضي الزراعية.

العلاقة بين الصفائح التكتونية والبراكين

تتكون البراكين بشكل رئيسي عند حدود الصفائح التكتونية، حيث تتفاعل الصفائح المختلفة بطرق تؤدي إلى توليد الصهارة وصعودها إلى السطح:

• حدود الصفائح المتقاربة (التصادمية): عند تصادم صفائح قارية مع صفائح محيطية، تنزل الصفيحة المحيطية تحت القارية (الاندساس)، فتذوب الصخور وتتشكل الماغما التي تصعد لتكوين براكين مثل تلك الموجودة على حافة المحيط الهادئ.

• حدود الصفائح المتباعدة: تنفصل الصفائح عن بعضها البعض في مناطق مثل منتصف المحيط الأطلسي، مما يسمح للصهارة بالصعود وملء الفراغ، مكونة براكين تحت مائية أو جزر بركانية.

• البقع الساخنة: بعض البراكين تتشكل بعيداً عن حدود الصفائح بسبب وجود بقع ساخنة في الوشاح، حيث تتسبب في صعود صهارة عبر القشرة مثل بركان ماونا لوا في هاواي.

التركيب الداخلي للبركان

يتكون البركان من عدة أجزاء رئيسية تشمل:

• مخزن الماغما: الخزان تحت الأرض الذي يتجمع فيه الماغما قبل الثوران.

• القناة البركانية: المسار الذي تصعد عبره الماغما من المخزن إلى سطح الأرض.

• الفوهة: الفتحة على سطح الأرض التي تخرج منها الحمم والغازات.

• المخروط البركاني: التكوين الناتج عن تراكم الحمم المتصلبة والرماد حول الفوهة.

الجدول التالي يوضح خصائص أنواع الصهارة وتأثيرها على طبيعة البركان

الخلاصة

البركان هو مظهر طبيعي يعكس الديناميكية الداخلية للأرض، حيث ينقل الطاقة والمواد من أعماقها إلى السطح. تكوينه يرتبط بظروف فيزيائية وكيميائية معقدة داخل الوشاح والقشرة الأرضية، وعوامل مختلفة تحدد نوعه وشدة ثورانه. بفهم هذه العمليات يمكن التنبؤ ببعض النشاطات البركانية والتعامل معها بطرق تقلل من الخسائر البشرية والمادية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب البراكين دوراً هاماً في تشكيل سطح الأرض وخلق بيئات زراعية خصبة تدعم الحياة.