أسباب الشخير أثناء النوم

أسباب الشخير أثناء النوم

الشخير هو ظاهرة صوتية شائعة تحدث أثناء النوم، وتتسم بصدور صوت خشن أو عالٍ نتيجة اضطراب في تدفق الهواء عبر الممرات الهوائية العليا. ورغم أن الشخير قد يبدو للبعض مجرد حالة مزعجة، إلا أنه في كثير من الأحيان يُعد مؤشراً على مشكلات صحية كامنة تتراوح بين البسيطة والخطيرة. تتعدد العوامل المسببة للشخير، وتختلف بحسب العمر، الجنس، البنية الجسدية، ونمط الحياة، كما تلعب العوامل الوراثية دوراً في ذلك. يعكس هذا المقال تحليلاً طبياً وسلوكياً مفصلاً للأسباب المتنوعة التي قد تؤدي إلى الشخير، مدعومة بأحدث ما توصلت إليه الدراسات الطبية في هذا المجال.

أولاً: الفسيولوجيا التشريحية للشخير

لفهم الشخير لا بد من الإلمام بكيفية تدفق الهواء خلال الجهاز التنفسي العلوي أثناء النوم. عند الشهيق، يدخل الهواء من الأنف أو الفم، ويمر عبر الحلق إلى القصبة الهوائية. في بعض الحالات، قد تضيق الممرات الهوائية نتيجة لاسترخاء العضلات في الحلق، ما يؤدي إلى اهتزاز الأنسجة المحيطة، وينتج عن هذا الاهتزاز الصوت المعروف بالشخير.

الشخير يمكن أن يصدر عن اهتزاز اللهاة (القطعة النسيجية المتدلية في مؤخرة الحلق)، أو الحنك الرخو، أو قاعدة اللسان، أو جدران الحلق. كلما كان التضييق أكبر، كان الشخير أعلى وأكثر تقطعًا، وقد يترافق مع توقف مؤقت في التنفس، وهي حالة تعرف بانقطاع النفس الانسدادي النومي.

ثانياً: الأسباب الرئيسية للشخير

1. السمنة وتراكم الدهون حول الرقبة

زيادة الوزن، خاصة عند تراكم الدهون في محيط العنق والحلق، تؤدي إلى تضيق الممرات الهوائية. هذا التضييق يزيد من مقاومة تدفق الهواء، ما يعزز احتمالية حدوث اهتزازات في الأنسجة. الدراسات تشير إلى أن السمنة تزيد من خطر الشخير بثلاثة أضعاف مقارنة بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، كما يرتبط محيط الرقبة الأكبر بزيادة شدة الشخير.

2. انسداد الأنف ومشكلات التنفس الأنفي

الاحتقان الأنفي الناتج عن الحساسية، نزلات البرد، التهاب الجيوب الأنفية، أو انحراف الحاجز الأنفي، يسبب صعوبة في التنفس من الأنف، ما يدفع الشخص للتنفس من الفم. التنفس الفموي يزيد من احتمالية انزلاق الفك السفلي للخلف أثناء النوم، وبالتالي ضيق مجرى الهواء واهتزاز الأنسجة الرخوة.

3. مشاكل الحلق والأنف الخلقية أو المكتسبة

تشمل هذه المشكلات تضخم اللوزتين أو اللحمية (الناميات الأنفية)، والتي تعيق تدفق الهواء، خاصة عند الأطفال. كما أن وجود زوائد لحمية في الأنف أو تضيق خلقي في الحنجرة أو الأنف يزيد من احتمال الشخير.

4. تقدم العمر

مع التقدم في العمر، تضعف عضلات الحلق واللسان، مما يزيد من احتمالية انهيار مجرى الهواء أثناء النوم. كما يصبح النسيج أكثر ليونة ورخاوة، ما يساهم في حدوث الشخير.

5. النوم على الظهر

النوم بوضعية الظهر يجعل قاعدة اللسان والحنك الرخو ينهاران إلى الخلف في اتجاه الحلق، ما يضيق مجرى الهواء. هذا التضييق يزيد من اهتزاز الأنسجة ويسبب الشخير.

6. تناول المهدئات والكحول

المهدئات والمنومات وكذلك الكحول تؤدي إلى ارتخاء مفرط في عضلات الحلق واللسان، ما يؤدي إلى انسداد مجرى الهواء. الكحول أيضًا يقلل من استجابة الدماغ لإشارات نقص الأوكسجين، مما يؤدي إلى تفاقم الشخير.

7. اختلالات هرمونية

بعض الاختلالات الهرمونية، كقصور الغدة الدرقية أو انقطاع الطمث لدى النساء، تؤثر على توتر العضلات ومرونة الأنسجة، ما قد يسهم في حدوث الشخير.

8. الوراثة

العوامل الوراثية تلعب دوراً ملحوظاً، حيث إن وجود تاريخ عائلي للشخير أو انقطاع التنفس أثناء النوم يزيد من احتمال الإصابة به. وقد تكون العوامل الوراثية مسؤولة عن شكل الحنك، أو حجم اللسان، أو بنية الحلق.

9. تضخم اللسان أو ارتخائه أثناء النوم

في بعض الحالات، يكون حجم اللسان كبيراً نسبياً مقارنة بتجويف الفم، وعند الاستلقاء يندفع للخلف، فيغلق جزءاً من الحلق. كما أن ارتخاء عضلات اللسان بسبب التعب أو التقدم في السن يؤدي إلى الشخير.

ثالثاً: أنواع الشخير من حيث النمط والخطورة

رابعاً: المضاعفات المحتملة للشخير المزمن

رغم أن الشخير البسيط قد يكون غير ضار في بعض الحالات، فإن الشخير المزمن، خصوصاً عندما يقترن بانقطاع النفس الانسدادي، قد يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات الخطيرة، من بينها:

• اضطرابات النوم المزمنة: مثل الأرق، والإفراط في النعاس أثناء النهار.

• أمراض القلب: الشخير المستمر يزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب، وتصلب الشرايين.

• السكتات الدماغية: تشير دراسات إلى وجود علاقة بين الشخير الشديد وزيادة احتمالية الإصابة بالسكتات.

• ضعف التركيز وفقدان الذاكرة: نتيجة الانقطاعات المتكررة في النوم وعدم الحصول على نوم عميق.

• الاكتئاب والقلق: الأرق المزمن واضطرابات التنفس الليلية تؤثر على الصحة النفسية بشكل كبير.

• ضعف الأداء الجنسي: نتيجة انخفاض مستويات الأوكسجين واضطراب إنتاج الهرمونات الجنسية.

خامساً: العوامل المؤثرة في الشخير حسب الفئة العمرية

الأطفال:

غالباً ما يكون الشخير عند الأطفال نتيجة لتضخم اللوزتين أو اللحمية، وقد يتطلب تدخلاً جراحياً في بعض الحالات.

البالغون:

تتنوع الأسباب، ولكن السمنة، التدخين، والضغوط النفسية، والخلل الهرموني تمثل العوامل الأبرز.

كبار السن:

تزيد احتمالية الشخير مع التقدم في العمر بسبب ضعف العضلات وارتخاء الأنسجة، إضافة إلى تأثير الأدوية والعلاجات المزمنة.

سادساً: تشخيص الشخير وأدوات تقييمه

تتطلب حالات الشخير المزعجة أو المزمنة فحوصات دقيقة لتحديد السبب. ومن الأدوات المستخدمة:

• تخطيط النوم الليلي (Polysomnography): وهو اختبار شامل يراقب موجات الدماغ، نسبة الأوكسجين، معدل ضربات القلب، والتنفس أثناء النوم.

• تسجيل فيديو منزلي: يمكن للمريض استخدام أجهزة مراقبة النوم المنزلية لتسجيل الأصوات والحركات.

• التقييم التنفسي والأنفي: يشمل فحص الأنف والحلق باستخدام منظار لتحديد وجود تضيق أو نمو غير طبيعي.

• مقياس نعاس إيبورث (Epworth Sleepiness Scale): لتقييم مدى النعاس خلال النهار.

سابعاً: أبرز عوامل الخطر المرتبطة بالشخير

ثامناً: الدراسات الحديثة حول الشخير

تشير دراسات نُشرت في المجلة الأمريكية لطب النوم (Journal of Clinical Sleep Medicine) إلى أن 30-40% من الرجال و15-28% من النساء يعانون من الشخير بشكل منتظم. كما أظهرت دراسة في جامعة بنسلفانيا أن الشخير المزمن مرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، وهو ما يفسر العلاقة بين الشخير والسكري وارتفاع الكوليسترول.

دراسة أخرى أجريت في الصين على أكثر من 11 ألف مشارك، ربطت بين الشخير وارتفاع مستويات بروتين C التفاعلي، ما يشير إلى وجود التهاب مزمن قد يكون عاملاً مشتركاً في أمراض القلب.

المصادر

1. Mayo Clinic. Snoring: Symptoms and Causes. https://www.mayoclinic.org

2. American Academy of Sleep Medicine. https://www.sleepeducation.org