التخلص من رهاب المرتفعات بسهولة

4 نصائح للتخلص من رهاب المرتفعات

يعد رهاب المرتفعات أو ما يُعرف بـ “أكروفوبيا” واحدًا من أكثر أنواع الرهاب شيوعًا، إذ يشعر المصاب به بخوف غير مبرر عند التواجد في أماكن مرتفعة، أو حتى عند التفكير في ذلك. يمكن أن تتراوح هذه المخاوف من القلق البسيط إلى حالة من الذعر التام الذي يعوق الحياة اليومية للعديد من الأشخاص. ولكن، مثلما هو الحال مع العديد من أنواع الرهاب، يمكن علاج رهاب المرتفعات من خلال تطبيق بعض الاستراتيجيات الفعّالة التي تساعد في تخفيف الشعور بالخوف وتطوير قدرة الشخص على مواجهة هذه المخاوف.

1. التعرض التدريجي للمواقف المرهبة

أحد أبرز الأساليب العلاجية المتبعة للتخلص من رهاب المرتفعات هو “العلاج بالتعرض”، وهو يهدف إلى تعريض الشخص تدريجيًا للمواقف التي تثير خوفه. يعتمد هذا الأسلوب على فكرة أن الخوف يتضاءل مع الوقت إذا تم مواجهته بشكل منظم ومتدرج، ما يسمح للعقل بإعادة تقييم الخطر بشكل أكثر موضوعية.

كيف يعمل العلاج بالتعرض؟

يبدأ العلاج عادةً بتقديم مواقف مرتبطة بالمرتفاعات، لكن بشكل أقل تهديدًا. على سبيل المثال، قد يبدأ الشخص بالنظر إلى صور لأماكن مرتفعة أو مشاهدة فيديوهات لأشخاص يتواجدون في أماكن مرتفعة. بعد أن يعتاد الشخص على هذه الصور أو الفيديوهات دون الشعور بقلق شديد، يمكن الانتقال إلى مراحل أكثر تحديًا، مثل الوقوف على منصة منخفضة، ثم الصعود إلى أماكن أعلى بشكل تدريجي.

الهدف من هذه الطريقة هو تقليل مستوى الخوف بشكل تدريجي حتى يصبح الشخص قادرًا على التعامل مع المواقف المرتفعة دون الشعور بالذعر. من المهم أن يتم هذا العلاج تحت إشراف مختص لضمان سلامة الشخص وعدم تعرضه لمواقف قد تزيد من حالة القلق.

2. تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق

في كثير من الحالات، يشعر الشخص المصاب برهاب المرتفعات بنوبات من الذعر الشديد عند التعرض لمواقف معينة. يمكن أن تشمل هذه النوبات تسارع ضربات القلب، التعرق، ضيق التنفس، وحتى الدوار. لمواجهة هذه الأعراض الجسدية، يمكن استخدام تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق التي تساعد في تهدئة الجسم والعقل.

كيف يمكن استخدام تقنيات التنفس العميق؟

يتمثل الأسلوب الأكثر شيوعًا في التنفس العميق في أخذ نفس طويل من الأنف، ثم الاحتفاظ به لعدة ثوانٍ قبل إخراجه ببطء من الفم. تكرار هذه العملية عدة مرات يساعد في استعادة توازن الجهاز العصبي اللامركزي، مما يقلل من الشعور بالقلق والضيق. يمكن ممارسة هذه التقنية في بداية أي موقف يشعر فيه الشخص بالخوف أو القلق من المرتفعات.

كما يمكن دمج تمارين الاسترخاء الأخرى مثل التأمل أو اليوغا، والتي تعمل على تقليل التوتر وتعزز الشعور بالهدوء الداخلي. هذه التقنيات مفيدة بشكل خاص قبل أو أثناء التعرض لمواقف قد تثير الخوف.

3. التدريب المعرفي السلوكي (CBT)

يُعد العلاج السلوكي المعرفي أحد الأنماط الأكثر فعالية لعلاج رهاب المرتفعات. يعتمد هذا العلاج على تعديل الأفكار السلبية والمشوهة التي تتعلق بالمواقف المرتفعة، وكذلك تعديل السلوكيات المرتبطة بها.

كيف يعمل العلاج المعرفي السلوكي؟

يركز العلاج السلوكي المعرفي على تغيير الأفكار المبالغ فيها التي تثير الخوف. على سبيل المثال، قد يعتقد الشخص المصاب برهاب المرتفعات أن الوقوف في مكان مرتفع سيؤدي إلى سقوطه أو إلى تعرضه لمخاطر جسيمة. من خلال تقنيات العلاج المعرفي السلوكي، يمكن تعلم كيفية تحدي هذه الأفكار، وفحص مدى واقعيتها، مما يساعد في تقليل تأثيرها على الشخص.

يتضمن العلاج المعرفي السلوكي أيضًا تعلم استراتيجيات للتعامل مع مواقف الخوف. بدلاً من الهروب من المواقف المرتفعة، يساعد هذا النوع من العلاج الشخص على مواجهة مخاوفه بشكل تدريجي مع إيمان كامل بأنه يمكنه التعامل مع التوتر بطريقة صحية.

يتمثل الجانب الآخر من العلاج المعرفي السلوكي في فهم الآليات التي تؤدي إلى زيادة الشعور بالخوف. فعلى سبيل المثال، إذا شعر الشخص بالقلق من السقوط من مكان مرتفع، فإن التشخيص والتفسير الصحيح للواقع يمكن أن يزيل تلك الأفكار المبالغ فيها ويجعله أكثر قدرة على الاسترخاء في المواقف التي تثير خوفه.

4. استخدام العلاج بالأدوية (في الحالات المتقدمة)

في بعض الحالات، قد يكون رهاب المرتفعات شديدًا لدرجة يصعب فيها تطبيق الأساليب النفسية التقليدية بشكل فعال. في مثل هذه الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية التي تساعد في تقليل القلق والضيق المصاحب لرهاب المرتفعات.

ما هي الأدوية المستخدمة؟

تشمل الأدوية التي تُستخدم بشكل شائع في علاج الرهاب الأدوية المضادة للاكتئاب (مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية)، وأدوية القلق (مثل البنزوديازيبينات). تُستخدم هذه الأدوية في حالات القلق الشديد، حيث تساعد في تقليل التوتر العصبي وتخفيف الأعراض الفسيولوجية المصاحبة للخوف.

من المهم أن يتم استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبي، لأنها قد تحمل بعض الآثار الجانبية وتحتاج إلى مراقبة مستمرة لضمان الفعالية والأمان. غالبًا ما يتم الجمع بين الأدوية والعلاج النفسي لتحقيق نتائج أفضل في إدارة رهاب المرتفعات.

الخلاصة

رهاب المرتفعات هو حالة شائعة يمكن أن تؤثر على نوعية حياة الشخص، لكن من الممكن السيطرة عليها والتخلص منها باستخدام تقنيات مثبتة علميًا. سواء كان من خلال التعرض التدريجي للمواقف المرهبة، استخدام تقنيات الاسترخاء، العلاج المعرفي السلوكي، أو في بعض الحالات العلاج بالأدوية، يمكن تحقيق تقدم ملحوظ في التغلب على هذا النوع من الرهاب.

من خلال الصبر والمثابرة، يمكن للأفراد أن يتعلموا كيفية إدارة خوفهم والعيش بشكل طبيعي في أي بيئة، بغض النظر عن ارتفاعاتها.