أسباب آلام الظهر الشائعة

أسباب آلام الظهر

تُعد آلام الظهر من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا على مستوى العالم، حيث يعاني منها الملايين من الناس في مختلف الأعمار والبيئات. وتُصنف كواحدة من أبرز أسباب الإعاقة المؤقتة أو المزمنة، وقد تؤدي إلى تراجع جودة الحياة والإنتاجية إذا لم تُعالج بالشكل المناسب. تتفاوت أسباب هذه الآلام بين عوامل ميكانيكية، وأخرى مرضية، أو نفسية، وقد تكون نتيجة لأنماط الحياة غير الصحية، أو العمل البدني الشاق، أو حتى نتيجة لحالات طبية مزمنة. هذا المقال يستعرض بتفصيل شامل جميع الأسباب المعروفة لآلام الظهر، وفقًا للتصنيفات الطبية الحديثة.

أولاً: الأسباب الميكانيكية والهيكلية

1. الإجهاد العضلي وتمزق الأربطة

يُعد الإجهاد العضلي وتمزق الأربطة من أكثر الأسباب شيوعًا لآلام الظهر، وغالبًا ما يحدث نتيجة:

• رفع أشياء ثقيلة بطريقة خاطئة

• حركات مفاجئة أو التواءات غير متوقعة

• العمل البدني المتكرر أو المفرط

• النوم في وضعيات غير صحية

عند حدوث تمزق أو شد في عضلات الظهر، يظهر الألم بشكل حاد ومفاجئ، وقد يزداد سوءًا مع الحركة أو الوقوف لفترات طويلة.

2. الانزلاق الغضروفي (الديسك)

يتكون العمود الفقري من فقرات تفصل بينها أقراص غضروفية تعمل كمخدات لتقليل الاحتكاك. عند تمزق هذه الأقراص أو انزلاقها، قد تضغط على الأعصاب المحيطة، مسببةً:

• ألم حاد في الظهر يمتد للساقين

• ضعف أو تنميل في الأطراف السفلية

• صعوبة في المشي أو الوقوف

3. تضيق القناة الشوكية

يحدث عندما تضيق القناة التي يمر من خلالها الحبل الشوكي، ما يؤدي إلى ضغط على الأعصاب. وغالبًا ما يُلاحظ عند كبار السن نتيجة:

• تنكّس الغضاريف

• تكوّن زوائد عظمية

• أمراض مثل التهاب المفاصل

4. التهابات المفاصل الفقرية

تشمل حالات مثل خشونة المفاصل (الفصال العظمي)، أو الالتهاب الفقاري التلاصقي، والتي تؤدي إلى:

• تصلب في العمود الفقري

• ألم مزمن يزداد مع الصباح

• تراجع حركة الظهر بمرور الوقت

5. الانحرافات البنيوية

بعض الأشخاص يُولدون أو يطوّرون مع الوقت مشكلات بنيوية في العمود الفقري مثل:

• الجنف (انحناء جانبي)

• الحدب (انحناء أمامي)

• التزحلق الفقري

هذه الحالات تؤدي إلى توزيع غير متوازن للوزن على العمود الفقري، مما يسبب ألمًا تدريجيًا ومتزايدًا.

ثانيًا: الأسباب المرضية والطبية

1. هشاشة العظام

هي حالة تتسبب في ضعف العظام وزيادة قابليتها للكسر. في العمود الفقري، قد تؤدي إلى:

• كسور انضغاطية مؤلمة

• قصر القامة مع الزمن

• انحناء الظهر بشكل غير طبيعي

2. الأورام

قد تكون أورامًا أولية (من منشأ العمود الفقري) أو ناتجة عن انتشار من أعضاء أخرى مثل البروستات أو الثدي. وتسبب:

• ألم شديد غير مرتبط بالحركة

• ألم ليلي يزداد في الراحة

• فقدان الوزن والتعب العام

3. العدوى

تشمل التهابات الأقراص أو الفقرات مثل التهاب العظم والنقي أو السل الفقاري (داء بوت)، وتتميز بـ:

• ألم مستمر

• حمى

• ضعف في الحركة

4. أمراض الكلى والبنكرياس

في بعض الأحيان، يكون ألم الظهر ناتجًا عن أمراض في الأعضاء المجاورة للعمود الفقري مثل:

• حصى الكلى أو التهاباتها

• التهاب البنكرياس

• أمراض الحوض عند النساء

5. الأمراض الروماتيزمية والمناعية

مثل الذئبة الحمراء أو التهاب الفقار اللاصق، والتي تؤدي إلى التهابات مزمنة في العمود الفقري والمفاصل المحيطة.

ثالثًا: الأسباب النفسية والعصبية

1. التوتر والاكتئاب

يرتبط الإجهاد النفسي بزيادة التوتر العضلي، خاصة في منطقة الظهر والرقبة. كما يُعتقد أن الاكتئاب قد يغير من إحساس الشخص بالألم ويزيد من استمراريته.

2. اضطرابات النوم

قلة النوم أو نوعيته الرديئة يؤديان إلى ضعف التعافي العضلي وزيادة التشنجات. كما قد تؤثر قلة الراحة على استقبال وإدراك الألم.

3. الآلام الجسدية ذات المنشأ النفسي

يُشخص بعض المرضى بآلام في الظهر لا تظهر لها أسباب عضوية واضحة، وتُعزى في هذه الحالات إلى عوامل نفسية مثل القلق، القهر العاطفي أو الضغوط الاجتماعية.

رابعًا: أنماط الحياة والعوامل البيئية

1. الجلوس لفترات طويلة

الجلوس المتواصل، خاصة بوضعيات غير صحيحة، يزيد من الضغط على الأقراص الغضروفية والعضلات الظهرية، ويُعد من العوامل الأساسية في تفشي آلام الظهر بين العاملين بالمكاتب.

2. نقص النشاط البدني

قلة الحركة تضعف العضلات الداعمة للفقرات، مما يزيد من العبء الواقع على العمود الفقري عند القيام بأبسط الأنشطة.

3. الوزن الزائد والسمنة

كل كيلوغرام إضافي من الوزن يضع حملًا إضافيًا على العمود الفقري، خصوصًا في منطقة أسفل الظهر، مما يسبب اختلال التوازن وزيادة احتمالية الإصابة بالديسك أو الخشونة.

4. استخدام أحذية غير مناسبة

الأحذية ذات الكعب العالي أو تلك التي لا توفر دعماً مناسباً للقدم، تؤدي إلى اضطراب في طريقة المشي، مما يسبب توزيعًا خاطئًا للوزن وزيادة الإجهاد على العمود الفقري.

خامسًا: الأسباب المتعلقة بالعمر والجنس

1. التقدم في العمر

كلما تقدم الإنسان في العمر، زاد احتمال حدوث:

• تآكل الأقراص الغضروفية

• ضعف العضلات

• تكلس الأربطة والمفاصل

2. التغيرات الهرمونية

النساء، خاصة بعد انقطاع الطمث، يعانين من انخفاض كثافة العظام بسبب تغير مستويات الإستروجين، مما يزيد من احتمالية آلام الظهر وهشاشة العظام.

3. الحمل

من الأسباب الشائعة المؤقتة لألم أسفل الظهر، ويحدث نتيجة:

• زيادة الوزن المفاجئ

• تغير مركز ثقل الجسم

• ارتخاء الأربطة بسبب هرمونات الحمل

سادسًا: أسباب متعلقة بالمهن والأنشطة اليومية

1. الأعمال التي تتطلب رفعًا متكررًا

مثل العمل في المصانع أو التوصيل أو الزراعة، ما يؤدي إلى تكرار الضغط على العمود الفقري.

2. الرياضات العنيفة

بعض الرياضات مثل رفع الأثقال أو الجمباز تؤدي إلى إجهاد الفقرات ورفع خطر الإصابة بانزلاقات غضروفية.

3. قيادة المركبات لفترات طويلة

تعرض الجسم للاهتزازات المستمرة والجلوس الطويل، ما يزيد من الضغط على أسفل الظهر.

جدول توضيحي لأسباب آلام الظهر الرئيسية:

المراجع:

1. Mayo Clinic Staff. (2023). Back pain – Symptoms and causes. Mayo Clinic. Retrieved from: https://www.mayoclinic.org

2. National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS). (2022). Low Back Pain Fact Sheet. Retrieved from: https://www.ninds.nih.gov

هذا المقال يُبرز تعقيد وتشابك أسباب آلام الظهر، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا ومتكاملاً من قِبل المختصين لضمان التشخيص السليم والعلاج المناسب. فهم المسببات هو الخطوة الأولى نحو الوقاية والعلاج الفعّال.