هشاشة العظام: أسباب وعلاج

هشاشة العظام: مرض يكسر حياتنا

تعد هشاشة العظام واحدة من أبرز الأمراض التي تهدد صحة الإنسان في العصر الحديث. إن هذا المرض لا يتسبب في الألم فحسب، بل يشكل أيضاً تهديداً حقيقياً لجودة الحياة اليومية. يعتبر العظم من الأنسجة الحية التي تتجدد بشكل مستمر، لكن في حالة هشاشة العظام، تصبح العظام هشة وضعيفة، مما يزيد من احتمال تعرضها للكسر حتى عند التعرض لجهد بسيط أو تأثير خفيف. هذه الحالة المرضية تتطور ببطء وغالبًا ما يتم اكتشافها بعد أن تتسبب في كسور مؤلمة تؤثر على قدرة الشخص على أداء مهامه اليومية.

ما هي هشاشة العظام؟

تعد هشاشة العظام من الأمراض التي تُصيب العظام وتؤدي إلى ضعفها، مما يجعلها أكثر عرضة للكسر. هذا المرض غالباً ما يُطلق عليه “القاتل الصامت” لأنه يتطور ببطء دون أن تظهر أعراضه بشكل واضح إلا في مراحل متقدمة. حيث تبدأ كثافة العظام بالانخفاض تدريجيًا، وتصبح العظام أكثر هشاشة وهشاشة، وهو ما يزيد من خطر الكسور.

عندما تكون العظام في حالة صحية جيدة، فإنها تمتلك هيكلًا قويًا يسمح لها بتحمل الضغط والتأثيرات. ومع ذلك، في حالة هشاشة العظام، يتغير هذا الهيكل بشكل جذري، مما يؤدي إلى ضعف في قدرة العظام على التحمل.

أسباب هشاشة العظام

من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هشاشة العظام هو انخفاض الكثافة العظمية بسبب فقدان المعادن المهمة مثل الكالسيوم والفوسفور. يعتبر نقص الكالسيوم من العوامل الأكثر شيوعًا التي تؤثر على صحة العظام، حيث لا يستطيع الجسم الحفاظ على قوة العظام عندما يكون هناك نقص في هذا المعدن الأساسي.

إضافة إلى نقص الكالسيوم، يمكن أن تلعب عدة عوامل دورًا في الإصابة بهذا المرض، مثل:

1. العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي من هشاشة العظام يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بها.

2. التغيرات الهرمونية: النساء، خاصة بعد انقطاع الطمث، يواجهن زيادة كبيرة في خطر الإصابة بهشاشة العظام بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم.

3. العمر: مع تقدم العمر، يصبح الجسم أقل قدرة على امتصاص الكالسيوم، مما يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام.

4. نمط الحياة: قلة النشاط البدني، وخاصة عدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم، تساهم في ضعف العظام.

5. التغذية السيئة: عدم الحصول على العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم وفيتامين D يمكن أن يضعف العظام ويزيد من خطر الكسور.

أعراض هشاشة العظام

في معظم الحالات، لا تظهر أعراض هشاشة العظام إلا بعد أن تتعرض العظام للكسر. لكن يمكن أن تظهر بعض الأعراض المبدئية التي تشير إلى بداية الإصابة، مثل:

• الألم المفاجئ أو المستمر في الظهر أو المفاصل، خاصة بعد القيام بحركة مفاجئة أو رفع شيء ثقيل.

• التقلصات العضلية أو الشعور بضعف في العضلات المحيطة بالعظام المصابة.

• تقوس في الظهر، والذي قد يحدث نتيجة للكسر أو الضغط على الفقرات.

• الشعور بالتعب والضعف العام نتيجة انخفاض النشاط البدني.

الكسور الناتجة عن هشاشة العظام

أحد أكثر المضاعفات شيوعًا لهشاشة العظام هو الكسور. وعادة ما تحدث هذه الكسور في الأماكن الأكثر تعرضًا للأذى مثل المعصمين والوركين والفقرات. هذه الكسور قد تكون شديدة وتتطلب فترة طويلة من العلاج.

1. كسور المعصم: تحدث عادة نتيجة للسقوط على اليد الممتدة. وقد يتسبب هذا في ألم شديد وفقدان القدرة على الحركة بشكل كامل.

2. كسور الورك: تعتبر كسور الورك من بين أكثر الكسور التي تسبب الإعاقة الدائمة. غالباً ما يتطلب علاجها جراحة قد تكون معقدة.

3. كسور العمود الفقري: يمكن أن تؤدي إلى انحناء الظهر أو تغير في الشكل الطبيعي للجسم، وهو ما يتسبب في ألم مزمن وضعف القدرة على التحرك.

تشخيص هشاشة العظام

يتم تشخيص هشاشة العظام غالبًا من خلال فحص كثافة العظام باستخدام جهاز “DXA” (المسح بالأشعة السينية مزدوجة الطاقة). يعتبر هذا الفحص هو المعيار الذهبي لتحديد كثافة العظام وقياس مستوى هشاشتها. تعتمد النتيجة على معامل يسمى “T-score”، الذي يقارن كثافة العظام لديك بالكثافة المثالية لشخص في العشرينات من عمره.

علاج هشاشة العظام

بما أن هشاشة العظام مرض يصيب العظام بشكل تدريجي، فإن الوقاية والعلاج المبكر يلعبان دورًا كبيرًا في تحسين الجودة الحياتية للأفراد المصابين. على الرغم من أنه لا يمكن عكس هشاشة العظام تمامًا، إلا أن هناك العديد من الخيارات العلاجية التي يمكن أن تساعد في تقليل تأثير المرض وزيادة قوة العظام:

1. الأدوية: تشمل الأدوية المستخدمة لعلاج هشاشة العظام أدوية مثل “البايفوسفونيت” و”الرينوكسيفين” التي تساعد في زيادة كثافة العظام ومنع كسورها. كما يمكن أن يستخدم “الستيرويدات” في حالات معينة لتحفيز إنتاج العظام.

2. التغذية: من الضروري أن يتبع المصابون بهشاشة العظام نظامًا غذائيًا غنيًا بالكالسيوم وفيتامين D. يمكن الحصول على الكالسيوم من الأطعمة مثل الألبان، والخضروات الورقية الداكنة، والمكملات الغذائية. كما يساعد فيتامين D في تحسين امتصاص الكالسيوم من الأطعمة.

3. ممارسة الرياضة: النشاط البدني مهم جدًا للحفاظ على صحة العظام. تمارين مثل المشي، ورفع الأثقال، وتمارين المقاومة يمكن أن تساعد في تقوية العظام وزيادة كثافتها.

4. التقنيات الجراحية: في بعض الحالات التي تكون فيها الكسور شديدة أو العظام في حالة تهدم متقدم، قد تكون هناك حاجة لإجراء عمليات جراحية مثل زرع العظام أو إجراء عمليات على الفقرات لتحسين القوة الهيكلية للجسم.

الوقاية من هشاشة العظام

يعد الوقاية من هشاشة العظام أحد أفضل الطرق للحفاظ على صحة العظام على المدى الطويل. ويشمل ذلك اتباع نمط حياة صحي يتمثل في:

1. التغذية الجيدة: تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين D، بالإضافة إلى تجنب استهلاك الكحول والتدخين، الذين يمكن أن يضعفوا العظام.

2. ممارسة الرياضة بانتظام: الحفاظ على نشاط بدني يساعد في تقوية العظام وحمايتها من الهشاشة.

3. فحص كثافة العظام: إجراء الفحوصات الدورية للكثافة العظمية للكشف المبكر عن هشاشة العظام.

الخاتمة

إن هشاشة العظام ليست مجرد مرض يؤثر على العظام فقط، بل هي مشكلة صحية تؤثر على الحياة اليومية للمصابين بها، من الألم المستمر إلى تأثيراتها على القدرة الحركية. إذن، من الضروري أخذ الاحتياطات اللازمة والقيام بالفحوصات المناسبة لتشخيص المرض في مراحل مبكرة والقيام بالعلاج المناسب. من خلال العناية المستمرة، التغذية الجيدة، والحفاظ على نشاط بدني مناسب، يمكن الحد من تأثيرات هشاشة العظام بشكل كبير.