في كتابه الذي يحمل عنوان “الولايات المتحدة ونهاية الحرب الباردة: تداولات، إعادة النظر، استفزازات”، يقدم جون لويس جاديس نظرة فاحصة وعميقة على نهاية الحرب الباردة والتأثيرات والتداولات التي نجمت عنها. انتهت الحرب الباردة بموجة من الأحداث المثيرة: سقوط جدار برلين، وصعود الشاعر المعارض فاتسلاف هافيل، والثورة في رومانيا. ابتهج الأمريكيون بالختام المثير لهذا الصراع الطويل. ومع ذلك، يشير جاديس إلى أن “الانتصارات في الحروب، سواء كانت ساخنة أو باردة، تميل إلى عدم تركيز العقل”. يقول: “يمكن أن يكون الأمر خطيرًا أن يكون لديك أهدافاً محققة، لأنه يتعين عليك بعد ذلك أن تقرر ما الذي ستفعله بعد ذلك”.
في هذا الكتاب المثير والمفيد، يقدم جاديس مقالات فكرية عديدة حول تاريخ العلاقات الدولية خلال النصف الثاني من القرن الماضي. إعادة تقييمه للشخصيات والمواضيع الهامة من الحرب الباردة تكون في بعض الأحيان مفاجئة. يصوّر جون فوستر داليس ورونالد ريغان، على سبيل المثال، على أنهما دولمين أكثر مرونة وتصوّراً من الرجال الدولة الذين يظهرون في رسوم توضيحية حاملين للصواريخ. كما يلقي نظرة ثانية على أهمية التجسس والاستخبارات في تاريخ الحرب الباردة، مجالاً غالبًا ما يترك لهواة الاستخبارات وكتّاب الجواسيس.
والأهم من ذلك، يركز على العناصر المركزية في العلاقات الفائقة القوة. في حساب أنيق للنمط الأمريكي للسياسة الخارجية في القرن العشرين، يستكشف كيف ظل الأمريكيون (بعد أن تعلموا الدرس من هتلر) يشبهون دائمًا أشكال حكومات الدول الأجنبية بسلوكها الخارجي، مفترضين أن تكون الدول الاستبدادية دائمًا دولًا عدوانية. كما يحلل “تكتونيات” تاريخ الحرب الباردة، موضحًا كيف بنى التغيير الطويل الأمد في الشؤون الدولية ودول الكتلة السوفيتية ضغوطًا أدت إلى الزلازل المفاجئة لعام 1989. وعلى طول الطريق، ينير جاديس مواضيع مثل دور الأخلاق في السياسة الخارجية الأمريكية، وأهمية الأسلحة النووية في توازن القوى، وأهداف الاحتواء. حتى يتضمن (وينتقد) مقالًا بعنوان “كيف يمكن أن تنتهي الحرب الباردة”، كتب قبل الأحداث المثيرة للسنوات الأخيرة، ليظهر كيف يمكن لمدى الزمن أن يطغى على التحليل المعاصر.
يختم جاديس بالنظرة الفكرية للمشكلات والقوى العاملة في عالم ما بعد الحرب الباردة. جون لويس جاديس، المؤلف الذي قدم أعمالًا مثل “السلام الطويل” و”استراتيجيات الاحتواء”، هو واحد من السلطات الرائدة في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية. في هذه المقالات البصرية والقابلة للقراءة بشكل ممتاز، يقدم تقييمًا جديدًا لتطور الحرب الباردة، ورؤية في طبيعة الأمور المستقبلية.