8 نظريات مؤامرة جنونية تحيط بفيروس كورونا المستجد

منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19) أواخر عام 2019، اجتاح العالم موجة هائلة من المعلومات، لم تكن جميعها صحيحة أو دقيقة. ترافقت الأزمة الصحية العالمية مع “جائحة معلوماتية” موازية، ساهمت في تضليل الجماهير، وأثارت الشكوك، وعززت انعدام الثقة في المؤسسات الصحية والحكومية. من بين أبرز أوجه هذه الظاهرة، كانت نظريات المؤامرة التي أحاطت بفيروس كورونا، والتي تعددت وتنوعت إلى درجة بات من الصعب حصرها أو الإحاطة الكاملة بها.

في هذا المقال، نسلط الضوء على ثمانٍ من أكثر نظريات المؤامرة جنوناً التي ارتبطت بجائحة كورونا، موضحين سياقات ظهورها، وجذورها الاجتماعية والثقافية، ومدى انتشارها، وتأثيرها على السلوك العام والصحة العامة. لا يهدف المقال إلى الترويج لهذه النظريات، بل إلى تحليلها كظاهرة اجتماعية وإعلامية تستحق الدراسة والتمحيص.

1. كورونا مؤامرة لصنع نظام عالمي جديد

إحدى أشهر وأوسع نظريات المؤامرة انتشاراً، هي أن الفيروس لم يظهر بشكل طبيعي، بل تم تصنيعه ونشره عن عمد من قبل قوى خفية عالمية تسعى إلى إنشاء “النظام العالمي الجديد”. هذه النظرية تدّعي أن هناك نخبة من أصحاب النفوذ العالمي – مثل المليارديرات والسياسيين والمنتسبين إلى منظمات سرية كـ “الماسونية” أو “مجموعة بيلدربيرغ” – تسعى إلى إعادة تشكيل العالم وفقاً لمصالحها، مستخدمة الفيروس كذريعة لتقييد الحريات، وفرض المراقبة الجماعية، وتدمير الاقتصاد العالمي لإعادة بنائه بطريقة خاضعة لها.

ارتبطت هذه النظرية أيضاً بمفاهيم “التحكم السكاني” و”الشريحة الرقمية”، حيث رُوّج لفكرة أن اللقاحات ستكون وسيلة لزرع شرائح إلكترونية في البشر بهدف التجسس أو السيطرة على عقولهم، وهو أمر يفتقر إلى أي أساس علمي.

2. الجيل الخامس (5G) ونشر الفيروس

في واحدة من أكثر المزاعم غرابة، ربط البعض بين تقنية الجيل الخامس للاتصالات (5G) وظهور فيروس كورونا. هذه النظرية تفترض أن الأبراج الجديدة لشبكة 5G تضعف الجهاز المناعي للإنسان، أو أنها تصدر ترددات تساهم في نشر الفيروس. وذهب بعض أنصار النظرية إلى تدمير أبراج الاتصالات في عدد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وهولندا.

رغم عدم وجود أي دليل علمي يربط شبكات الاتصالات بانتقال الفيروسات، فقد وجدت هذه النظرية أرضاً خصبة في بيئة من الجهل التكنولوجي، والقلق من التطورات السريعة في تقنيات الاتصالات.

3. بيل غيتس ومخطط اللقاحات

لطالما ارتبط اسم بيل غيتس، مؤسس شركة “مايكروسوفت” والمساهم الرئيسي في مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية، بنظريات المؤامرة المتعلقة بالصحة العالمية. ومع جائحة كورونا، تصاعدت هذه المزاعم إلى ذروتها، حيث تم اتهامه بأنه وراء تصنيع الفيروس، وأنه يسعى إلى “تحصين” البشرية بلقاحات تحتوي على شرائح إلكترونية أو مواد تؤثر على الإنجاب.

تم تضخيم تصريحاته السابقة حول أهمية التلقيح ومخاطر الأوبئة، وتحريفها خارج سياقها لتتناسب مع رواية المؤامرة. وارتكز مروجو هذه النظرية على مخاوف حقيقية من الهيمنة التكنولوجية والبيانات الضخمة لتأجيج الشكوك حول اللقاحات.

4. الفيروس سلاح بيولوجي صيني (أو أمريكي)

برزت عدة روايات تزعم أن فيروس كورونا سلاح بيولوجي تم تطويره في مختبرات سرية. البعض اتهم الصين بتصنيعه ونشره عن عمد، إما للسيطرة الاقتصادية على العالم، أو كرد فعل على الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. في المقابل، ادّعى آخرون أن الفيروس صناعة أمريكية تم تهريبه إلى الصين ضمن خطة لتقويض الاقتصاد الصيني.

هذه النظريات غذتها التوترات الجيوسياسية بين بكين وواشنطن، وساهمت بعض وسائل الإعلام في تغذيتها عبر تقارير غير موثقة. كما ارتبطت هذه المزاعم بمختبر “ووهان” للفيروسات الذي خضع لتحقيقات متعددة، دون العثور على دليل قاطع يدعم فرضية “التسريب المعمّد”.

5. اللقاحات وسيلة للسيطرة على العقول أو إحداث العقم الجماعي

إحدى أكثر نظريات المؤامرة رواجاً في العالم العربي وأفريقيا، أن اللقاحات التي تم تطويرها ضد فيروس كورونا تحتوي على مواد كيميائية تؤثر على القدرة الإنجابية للرجال والنساء، أو على العقل والتفكير، في خطة مدروسة للحد من عدد سكان بعض المناطق أو لإخضاعهم فكرياً.

تعود جذور هذه النظرية إلى عقود من الشك في الحملات الصحية الدولية، خاصة في المجتمعات التي عانت من التهميش أو الاستعمار، مما جعل أي تدخل صحي أجنبي محل ريبة. كما ساهمت الحملات الإعلامية المشبوهة، وبعض خطابات رجال الدين، في تضخيم هذه المزاعم.

6. الفيروس خدعة كبرى ولا وجود له

في اتجاه معاكس تماماً لما سبق، هناك من ذهب إلى أن فيروس كورونا غير موجود أصلاً، وأنه مجرد “خدعة إعلامية عالمية” تهدف إلى خلق حالة من الذعر، تمهيداً لفرض السيطرة على الشعوب، أو بيع الأدوية واللقاحات.

تستند هذه النظرية إلى التشكيك في الأرقام المعلنة، والتباين في الإجراءات الحكومية بين الدول، وتروّج لفكرة أن المستشفيات تمتلئ بأشخاص لديهم أمراض موسمية عادية، يتم تصنيفها زوراً على أنها إصابات بكورونا.

هذا الإنكار أدى إلى رفض واسع للتدابير الصحية، مثل ارتداء الكمامات أو التباعد الاجتماعي، مما أسهم في ارتفاع معدلات الإصابة والوفاة في بعض الدول.

7. التحكم العالمي عبر منظمة الصحة العالمية

تدّعي هذه النظرية أن منظمة الصحة العالمية (WHO) ليست سوى أداة في يد النخب العالمية، يتم استخدامها لفرض إجراءات صحية عالمية تهدف إلى إعادة تشكيل السياسات الوطنية، وتقويض سيادة الدول. وفق هذه الرواية، فإن التوصيات الصادرة عن المنظمة، كالإغلاق والحظر والتلقيح، لا تستند إلى معطيات علمية بقدر ما هي جزء من مخطط أكبر للسيطرة السياسية والاقتصادية.

تعززت هذه النظرية بعد الانتقادات التي وُجهت للمنظمة في بداية الجائحة، بسبب تباطؤها في إعلان حالة الطوارئ، وتناقض بعض توصياتها بشأن الكمامات أو الانتقال الجوي للفيروس.

8. التحكم بالمناخ لنشر الفيروس

واحدة من أكثر النظريات عبثية، لكنها وجدت من يؤمن بها، تفترض أن جهات ما قامت باستخدام تقنيات “التحكم بالمناخ” أو “الهندسة المناخية” لتغيير الظروف الجوية بشكل يسمح بانتشار الفيروس بشكل أسرع. وتستند هذه النظرية إلى مزاعم سابقة حول مشاريع مثل “هارب” (HAARP) الأمريكي، التي كانت موضوعاً لعديد من نظريات المؤامرة المتعلقة بالزلازل والكوارث الطبيعية.

لا توجد أدلة علمية تدعم وجود قدرة بشرية على تعديل المناخ بشكل دقيق لنشر الفيروسات. ومع ذلك، فإن النظرية لاقت رواجاً في بعض الدوائر الإلكترونية التي تمزج بين الخيال العلمي والهوس بالمراقبة العالمية.

الجدول: مقارنة بين أبرز نظريات المؤامرة حول كورونا

المراجع

1. World Health Organization (WHO) – https://www.who.int

2. Douglas, K. M., Sutton, R. M., & Cichocka, A. (2017). The Psychology of Conspiracy Theories. Current Directions in Psychological Science, 26(6), 538–542.

هل تود مقالًا موازياً عن تأثير هذه النظريات على الصحة النفسية أو على جهود التطعيم العالمية؟