يُعد نجم “الطائر” أو “التير” (Altair) من أبرز النجوم في سماء الليل، ويشتهر بكونه واحداً من ألمع النجوم في كوكبة العقاب (Aquila)، ويُعتبر ثالث ألمع نجم في السماء الشمالية بعد نجم “العيوق” ونجم “فيغا”. يُقدّر علماء الفلك العديد من خصائص هذا النجم المثيرة، والتي تعكس تطوراته الفلكية والديناميكية. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل مميزة حول نجم الطائر من حيث بُعده، لمعانه، قطره، ودرجة حرارته، بالإضافة إلى تصنيفه الطيفي.
المسافة عن الأرض
نجم الطائر يقع على بُعد 16.67 سنة ضوئية من الأرض. وهذا يجعله من أقرب النجوم المرئية بالعين المجردة. تُعد هذه المسافة قصيرة نسبياً مقارنة بالعديد من النجوم الأخرى في مجرة درب التبانة، ما يسمح لعلماء الفلك بدراسة الطائر بسهولة باستخدام الأدوات التلسكوبية الحديثة.
اللمعان (Luminosity)
يُظهر نجم الطائر سطوعاً أعلى بكثير من شمسنا، إذ يبلغ لمعانه حوالي 11.92 ضعف لمعان الشمس. ويعني هذا أن نجم الطائر يشع طاقة أكبر بعدة مرات من الطاقة التي تصدرها الشمس. هذه الزيادة الكبيرة في اللمعان تعود بشكل أساسي إلى درجة حرارته العالية وحجمه النسبي الكبير مقارنة بالشمس.
القطر (Radius)
يصل نصف قطر نجم الطائر إلى 1.57 ضعف نصف قطر الشمس، وهذا يعني أن هذا النجم أكبر حجماً من شمسنا، على الرغم من أن حجمه لا يصل إلى حجم النجوم العملاقة. كبر حجم الطائر نسبيًا يؤثر على درجة إشعاعه وحرارته، ويجعله يتفوق على الشمس في نواحٍ عدة، بما في ذلك الطاقة المنبعثة.
درجة الحرارة السطحية
تُعتبر درجة حرارة سطح نجم الطائر مرتفعة نسبياً مقارنة بالشمس، إذ تصل إلى 7536 كلفن. وتعد هذه الحرارة نموذجية للنجوم من الفئة الطيفية A، التي تكون أكثر سخونة من النجوم ذات الفئة G مثل الشمس. درجة الحرارة العالية تؤدي إلى إشعاع ضوء أكثر إشراقاً وباللون الأبيض المزرق الذي يتميز به الطائر.
التصنيف الطيفي (Spectral Class)
ينتمي نجم الطائر إلى التصنيف الطيفي A7V، وهذا يشير إلى أنه نجم ذو تسلسل رئيسي، أي أنه في المرحلة المستقرة من حياته حيث يندمج الهيدروجين في نواته لتكوين الهيليوم. هذه المرحلة هي التي يكون فيها النجم في أقصى درجات استقراره ويُصدر طاقة بشكل متواصل. النجوم من هذا النوع تتميز بأن لها حرارة سطحية عالية نسبياً، وتنبعث منها أشعة بيضاء مزرقة.
خصائص ديناميكية مميزة
بالإضافة إلى ما سبق، يتميز نجم الطائر بسرعة دوران كبيرة حول محوره. هذا الدوران السريع يؤدي إلى انبعاج واضح في شكل النجم، حيث يكون قطره عند خط الاستواء أكبر بشكل ملحوظ من قطره عند الأقطاب. مثل هذه الديناميكية تؤثر على توزيع درجات الحرارة على سطح النجم، حيث تكون درجات الحرارة أعلى عند الأقطاب مقارنةً بخط الاستواء.
موقعه في السماء
يُعد نجم الطائر جزءاً من كوكبة العقاب، ويُستخدم كأحد النجوم الثلاثة المكونة لمثلث الصيف الشهير في نصف الكرة الشمالي، إلى جانب النجمين فيغا (Vega) ودينيب (Deneb). هذا المثلث يُعد واحداً من المعالم الفلكية الرئيسية التي يستدل بها المراقبون في الليالي الصيفية.
الطائر في الفلك القديم
نجم الطائر كان له مكانة مميزة في الثقافات القديمة، حيث كان يُستخدم لتحديد المواسم والملاحة في الليل. اسمه باللغة العربية يعني “النجم الطائر”، إشارةً إلى السرعة الظاهرة لحركته عبر السماء مقارنة بالنجوم الأخرى، ما جعله مميزاً في عيون مراقبي السماء منذ آلاف السنين.
خاتمة
نجم الطائر ليس مجرد نقطة لامعة في السماء، بل هو أحد أكثر النجوم دراسة من قبل علماء الفلك. بفضل قربه النسبي من الأرض وخصائصه الفيزيائية المثيرة، يوفر نجم الطائر فرصة مميزة لفهم تطور النجوم من الفئة الطيفية A وكيفية تأثير عوامل مثل الدوران السريع على شكل النجم وخصائصه الديناميكية.