يعد نجم “ألتاير” (Altair) واحدًا من أشهر النجوم في السماء، وهو جزء من كوكبة النسر الطائر (Aquila)، ويحتل مكانة مميزة بين النجوم القريبة من الأرض. يبعد عن الأرض بمقدار 16.6 سنة ضوئية تقريبًا، مما يجعله واحدًا من النجوم الأقرب إلينا بعد شمسنا. هذا القرب يجعله ظاهرًا بوضوح في السماء، ويمكن رؤيته بالعين المجردة في معظم الأوقات.
الخصائص الفيزيائية لنجم ألتاير:
1. البُعد والمسافة:
يقع نجم ألتاير على بعد حوالي 16.6 سنة ضوئية، وهو مسافة صغيرة مقارنة ببعد العديد من النجوم الأخرى عن الأرض. بفضل هذا القرب، يُعتبر ألتاير من النجوم الأكثر سطوعًا في السماء الليلية، حيث يملك لمعانًا ظاهريًا واضحًا للعيان.
2. اللمعان:
بمقارنة لمعانه بلمعان الشمس، فإن ألتاير يتمتع بلمعان يبلغ 9.98 ضعف لمعان الشمس. هذه القوة في الإضاءة تجعله نجمًا لامعًا بشكل خاص، وهو من بين النجوم الأكثر إشعاعًا في كوكبة النسر الطائر.
3. نصف القطر:
بالنسبة إلى حجمه، يبلغ نصف قطر نجم ألتاير حوالي 1.63 ضعف نصف قطر الشمس. وعلى الرغم من أن هذا يبدو أكبر بكثير من الشمس، إلا أن ألتاير يُعتبر نجمًا متوسط الحجم مقارنةً ببعض العمالقة الكونية.
4. درجة الحرارة:
يمتلك ألتاير درجة حرارة سطحية تصل إلى حوالي 7509 كلفن، وهي أعلى من درجة حرارة الشمس التي تبلغ حوالي 5778 كلفن. هذا الفارق في درجة الحرارة يُفسر لونه الأبيض المائل إلى الأزرق، وهو لون يُميز النجوم ذات درجات الحرارة العالية.
5. النوع الطيفي:
يصنف ألتاير ضمن الفئة الطيفية A7V، وهو ما يعني أنه نجم يقع ضمن فئة النجوم ذات الحرارة المتوسطة العالية، ويتميز بسطوع أبيض مزرق. النجوم من هذه الفئة الطيفية تعتبر أكثر سخونة وأكبر حجمًا من الشمس، لكنها ليست كبيرة أو حارة كنجوم الفئة O أو B.
الدور الفلكي لألتاير:
ألتاير هو جزء من مثلث الصيف (Summer Triangle)، وهو تشكيل نجمي شهير في نصف الكرة الشمالي، يشمل أيضًا النجوم “فيغا” (Vega) و”دينيب” (Deneb). يعتبر هذا التكوين واحدًا من أبرز المعالم السماوية خلال ليالي الصيف.
حركة نجم ألتاير:
أحد الأمور المثيرة للاهتمام حول ألتاير هو سرعته الدورانية العالية. يعتقد العلماء أن ألتاير يدور حول نفسه بسرعة هائلة تبلغ حوالي 286 كيلومترًا في الثانية عند خط استوائه، مما يجعله يدور في مدة زمنية قصيرة جدًا تصل إلى أقل من 10 ساعات. وبالمقارنة، فإن الشمس تدور حول نفسها في حوالي 25 يومًا. هذه السرعة الكبيرة تؤدي إلى تفلطح نجم ألتاير عند أقطابه وتوسع استوائه، مما يجعله نجمًا غير كروي تمامًا.
ألتاير في الثقافة:
لطالما ارتبط ألتاير بالعديد من الثقافات والحضارات. ففي الأساطير العربية القديمة، كان يُعرف باسم “النسر الطائر” أو “الطائر”، وكانت له مكانة مهمة في السماء العربية القديمة. كما كان ألتاير أيضًا جزءًا من الأساطير الصينية واليابانية، حيث يُعرف في الأسطورة الصينية باسم “نيو لانغ”، وهو يمثل راعي الأبقار الذي وقع في حب “النسيج” (تمثله النجم فيغا)، مما يُعتبر جزءًا من قصة حب رومانسية تُروى في الثقافات الآسيوية.
أهمية دراسة نجم ألتاير:
دراسة ألتاير توفر معلومات قيمة عن كيفية تشكل وتطور النجوم ذات الكتلة المتوسطة في مجرتنا. بفضل قربه النسبي وسهولة رصده، يُستخدم ألتاير كنموذج لفهم الديناميات الفلكية للنجوم التي تدور بسرعة عالية. الدوران السريع لهذا النجم يفتح المجال للعديد من الأبحاث التي تدرس تأثير السرعة الدورانية على شكل النجوم وتوزيع الكتلة والطاقة فيها.
الختام:
نجم ألتاير هو واحد من الأجرام السماوية التي لا تقتصر أهميتها على سماء الليل بل تمتد إلى جوانب فلكية وثقافية مختلفة. بفضل خصائصه الفريدة، من لمعانه وقربه ودورانه السريع، يظل ألتاير مصدر إلهام للعلماء والمراقبين على حد سواء.