موقع نخاع العظم في الجسم

مقدمة حول نخاع العظم

يُعد نخاع العظم من أهم الأنسجة الحيوية في جسم الإنسان، وله دور محوري في تكوين خلايا الدم المختلفة وضمان استمرارية الوظائف الحيوية للجسم. يتواجد هذا النسيج الرخو داخل تجاويف العظام، ويتميز بلونه الذي يتراوح بين الأحمر والأصفر بناءً على مكوناته ووظائفه. لفهم الأهمية البالغة لنخاع العظم، من الضروري التعمق في دراسة موقعه، أنواعه، وظيفته، وعلاقته بالصحة العامة والعديد من الأمراض.

ما هو نخاع العظم؟

نخاع العظم هو نسيج إسفنجي يتواجد داخل تجاويف العظام الطويلة والقصيرة والمسطحة. يتكون من شبكة معقدة من الأوعية الدموية والخلايا الجذعية التي تنتج خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. يُعد هذا النسيج المصنع الأساسي لخلايا الدم في الجسم، وهو مسؤول عن الحفاظ على التوازن بين إنتاج وتدمير هذه الخلايا لضمان استمرارية الوظائف الحيوية.

أين يوجد نخاع العظم في الجسم؟

توزيع نخاع العظم في الجسم البشري

نخاع العظم لا يتواجد في منطقة واحدة فقط داخل الجسم، بل يتم توزيعه على العديد من العظام في الهيكل العظمي، حيث يختلف توزع النخاع الأحمر والنخاع الأصفر حسب نوع العظام وعمر الإنسان. يمكن توضيح توزيع نخاع العظم في الجسم كما يلي:

• الجمجمة: تحتوي عظام الجمجمة، وخاصة العظام المسطحة منها مثل العظم الجبهي والعظم الجداري، على نخاع العظم الأحمر، حيث يتم إنتاج خلايا الدم بكفاءة.

• العمود الفقري: يتواجد نخاع العظم بكثافة داخل الفقرات، ويعتبر العمود الفقري من أغنى أماكن الجسم بنخاع العظم الأحمر النشط.

• الأضلاع: تحتوي الأضلاع على نخاع العظم الأحمر الضروري لتكوين خلايا الدم، حيث تتميز هذه العظام بكونها عظام مسطحة تحتوي على تجاويف واسعة تسمح بوجود النخاع.

• عظام الحوض: تُعد عظام الحوض من أهم الأماكن التي تحتوي على نخاع العظم الأحمر، ويُعتبر الحوض المصدر الأكثر استخدامًا عند الحاجة لسحب عينات من نخاع العظم لأغراض طبية.

• عظام القص: تتواجد كمية كبيرة من نخاع العظم الأحمر داخل عظمة القص، وهي العظمة المسطحة التي تقع في منتصف الصدر.

• عظام الفخذ: تحتوي على نخاع العظم الأصفر، خاصة في التجاويف المركزية للعظم الطويل، ومع تقدم العمر يقل نشاط النخاع الأحمر في هذه العظام لتحل محله الدهون التي تُعطي اللون الأصفر.

• عظام الذراعين: تحتوي كذلك على نخاع العظم الأصفر، وخاصة في العظام الطويلة مثل عظم العضد.

النخاع الأحمر والنخاع الأصفر

يوجد نوعان رئيسيان من نخاع العظم:

• النخاع الأحمر: يوجد بكثافة في العظام المسطحة مثل الجمجمة، الأضلاع، عظام الحوض، الفقرات وعظمة القص، ويكون مسؤولاً عن إنتاج خلايا الدم بأنواعها الثلاثة.

• النخاع الأصفر: يوجد في العظام الطويلة مثل عظام الفخذ والذراع، ويتكون معظمه من خلايا دهنية، ويُعد مخزناً احتياطياً يمكن أن يتحول إلى نخاع أحمر عند الحاجة الماسة لإنتاج خلايا دم إضافية مثل حالات النزيف الحاد.

التغيرات مع العمر

يتغير توزيع نخاع العظم مع التقدم في السن. فعند الأطفال حديثي الولادة، يكون معظم نخاع العظم أحمر ونشط جداً في إنتاج خلايا الدم. ومع تقدم العمر، يتحول جزء كبير من هذا النخاع إلى نخاع أصفر يحتوي على خلايا دهنية، وتبقى الأماكن النشطة مثل الحوض والقص والجمجمة مسؤولة عن إنتاج خلايا الدم.

الجدول التفصيلي لتوزيع نخاع العظم في الجسم

التركيب الخلوي لنخاع العظم

نخاع العظم يحتوي على خلايا متعددة تُؤدي وظائف معقدة ومتكاملة، وأهم هذه الخلايا:

• الخلايا الجذعية المكونة للدم (Hematopoietic Stem Cells): وهي الخلايا الأساسية التي تتمايز لإنتاج خلايا الدم المختلفة.

• الخلايا الشحمية: تُخزن الدهون في النخاع الأصفر.

• الخلايا النسيجية الشبكية: تُشكل الهيكل الداعم للخلايا المنتجة للدم.

• الخلايا المبطنة للأوعية الدموية: تضمن تزويد النخاع بالأوكسجين والمواد الغذائية اللازمة.

وظائف نخاع العظم

نخاع العظم يلعب دوراً محورياً في الصحة العامة من خلال الوظائف التالية:

• إنتاج خلايا الدم الحمراء: المسؤولة عن نقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم.

• إنتاج خلايا الدم البيضاء: التي تُعد عناصر الدفاع الرئيسية ضد العدوى.

• إنتاج الصفائح الدموية: التي تساهم في تخثر الدم ووقف النزيف.

• تخزين الدهون: خاصة في النخاع الأصفر، حيث يتم تخزين الطاقة على شكل دهون يمكن للجسم استخدامها عند الحاجة.

• إنتاج خلايا مناعية متخصصة: مثل الخلايا اللمفاوية التي تلعب دوراً مهماً في جهاز المناعة.

أمراض نخاع العظم

فقر الدم اللاتنسجي (Aplastic Anemia)

يُعد من أخطر أمراض نخاع العظم، حيث يفشل النخاع في إنتاج كميات كافية من خلايا الدم، مما يؤدي إلى فقر دم حاد، ضعف المناعة، وزيادة خطر النزيف.

اللوكيميا (سرطان الدم)

هي حالة مرضية يتكاثر فيها نوع غير طبيعي من خلايا الدم البيضاء داخل نخاع العظم، مما يعيق إنتاج الخلايا السليمة.

سرطان نخاع العظم (المايلوما)

يتطور في خلايا البلازما داخل النخاع، ويؤثر بشكل كبير على بنية العظام ووظيفة الجهاز المناعي.

متلازمات خلل التنسج النقوي (Myelodysplastic Syndromes)

تشمل مجموعة من الاضطرابات التي تؤدي إلى إنتاج خلايا دم غير ناضجة أو مشوهة مما يؤثر على فعالية الدورة الدموية.

العوامل المؤثرة على صحة نخاع العظم

• العوامل الوراثية: بعض الأمراض الوراثية تؤثر على قدرة النخاع على إنتاج خلايا الدم.

• التعرض للإشعاع: يمكن أن يدمر الخلايا الجذعية داخل النخاع.

• العلاج الكيميائي: يؤثر بشكل مباشر على نخاع العظم بسبب استهدافه للخلايا النشطة.

• سوء التغذية: نقص الفيتامينات والمعادن يؤثر على إنتاج خلايا الدم، وخاصة فيتامين ب12 والحديد وحمض الفوليك.

• العدوى المزمنة: بعض الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية يمكن أن تؤثر على وظيفة نخاع العظم.

طرق تشخيص أمراض نخاع العظم

• فحص تعداد الدم الكامل (CBC): يُعد الخطوة الأولى للكشف عن اضطرابات إنتاج خلايا الدم.

• خزعة نخاع العظم: يتم فيها سحب عينة صغيرة من النخاع لتحليلها تحت المجهر.

• فحوصات نخاع العظم الطيفية: تُستخدم للكشف عن الاضطرابات النوعية والكمية في الخلايا الجذعية.

العلاجات المرتبطة بأمراض نخاع العظم

• زراعة نخاع العظم: تُعد الحل الأمثل في بعض الحالات مثل اللوكيميا الحادة، حيث يتم استبدال نخاع العظم المريض بنخاع سليم من متبرع.

• العلاج الكيميائي: يُستخدم للسيطرة على نمو الخلايا غير الطبيعية.

• العلاج الإشعاعي: يُستعمل في بعض أنواع السرطان التي تؤثر على نخاع العظم.

• نقل الدم: يُساعد في علاج فقر الدم الحاد الناتج عن فشل نخاع العظم.

• العلاجات الداعمة: مثل استخدام محفزات نمو خلايا الدم لتحفيز النخاع على إنتاج خلايا جديدة.

أهمية الحفاظ على صحة نخاع العظم

الحفاظ على صحة نخاع العظم يتطلب نمط حياة صحي يعتمد على التغذية المتوازنة الغنية بالفيتامينات والمعادن الضرورية لإنتاج خلايا الدم مثل الحديد وفيتامين ب12 وحمض الفوليك، بالإضافة إلى تجنب التعرض المستمر للمواد الكيميائية الضارة والإشعاعات. كما يُعد النشاط البدني المعتدل من العوامل التي تساهم في تحسين كفاءة الدورة الدموية وبالتالي دعم صحة نخاع العظم.

خلاصة

نخاع العظم هو عنصر حيوي وأساسي في جسم الإنسان يتواجد داخل العديد من العظام، وخاصة العظام المسطحة مثل الجمجمة والأضلاع والحوض والفقرات. يقوم هذا النسيج بإنتاج خلايا الدم التي تضمن استمرار حياة الجسم بصورة طبيعية. تتوزع أنواع النخاع بين الأحمر الذي ينتج خلايا الدم بنشاط، والأصفر الذي يُخزن الدهون ويُمثل احتياطياً حيوياً. تتأثر صحة نخاع العظم بالعديد من العوامل، ويُمكن أن يتعرض لأمراض خطيرة مثل السرطانات وفقر الدم اللاتنسجي. يتطلب الحفاظ على صحته الالتزام بأسلوب حياة صحي والحرص على التغذية الجيدة.

المصادر

• Kumar V, Abbas AK, Aster JC. Robbins Basic Pathology, 10th Edition. Elsevier, 2017.

• Hoffbrand AV, Moss PAH. Essential Haematology, 7th Edition. Wiley-Blackwell, 2016.