مكونات البراكين المركبة
البراكين المركبة، والمعروفة أيضًا بالبراكين الطبقية، هي نوع من البراكين التي تتسم بتكويناتها المعقدة والتي تشمل طبقات متعددة من الحمم البركانية، الرماد، والصخور البركانية المتراكمة بمرور الزمن. تشكل هذه البراكين أحد أكثر أنواع البراكين شيوعًا، وتتميز بتنوع مكوناتها وطبيعة انفجاراتها التي قد تكون شديدة ودموية في بعض الأحيان.
تعتبر البراكين المركبة من الظواهر الجيولوجية المثيرة، حيث لا تقتصر على طرد الحمم السائلة فقط، بل تشمل أيضًا إطلاق غازات سامة، ورماد، وصخور صغيرة تتطاير إلى مسافات بعيدة. وللتعرف على كيفية تكوّن هذه البراكين، يجب دراسة مكوناتها الرئيسة، وطريقة تفجرها، وأثرها على البيئة المحيطة بها.
1. الحمم البركانية
الحمم البركانية هي أحد المكونات الأساسية للبراكين المركبة، وهي عبارة عن الصخور المنصهرة التي تندفع من فوهة البركان عند حدوث ثورانه. تتكون الحمم من معادن منصهرة مثل السيليكا، والحديد، والمغنيسيوم، والتي تختلف في تركيبها وحجمها وفقًا لنوع البركان.
عندما تندفع الحمم إلى السطح، تتعرض لتغيرات في الضغط ودرجة الحرارة، مما يؤدي إلى تشكل طبقات متعددة. هذه الطبقات هي ما يمنح البركان شكله الطبقي أو المركب. كما أن الحمم قد تكون لزجة أو سائلة، وذلك حسب محتوى السيليكا في الحمم؛ حيث أن الحمم عالية السيليكا تكون أكثر لزوجة.
2. الرماد البركاني
الرماد البركاني هو الجسيمات الدقيقة التي تتكون نتيجة لتحلل الصخور المنصهرة أثناء الانفجار البركاني. يمكن أن يكون الرماد البركاني مصدرًا كبيرًا للتهديدات البيئية، حيث يمكن أن يغطي مناطق شاسعة من الأراضي المجاورة، ويؤثر بشكل كبير على الحياة البرية والزراعة. كما أن الرماد يحتوي على معادن ومواد سامة قد تلوث المياه والتربة.
يعتبر الرماد أحد المكونات المميزة للبراكين المركبة، حيث يساهم في تكوين طبقات متعددة فوق سطح البركان. تتراكم هذه الطبقات مع مرور الوقت لتشكل بنية معقدة تحتوي على مزيج من الرماد والحمم البركانية.
3. الغازات البركانية
تتسرب الغازات البركانية بشكل مستمر من البراكين خلال ثوراتها. تشمل هذه الغازات ثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد الكربون، والبخار، والنيتروجين، وغيرها من الغازات السامة. بعض الغازات قد تتسبب في تلوث الهواء والماء، مما يؤدي إلى تهديد حياة الإنسان والحيوان في المناطق المجاورة.
يتم إطلاق الغازات البركانية من الفوهة البركانية بشكل مكثف، وقد تتسبب في تلوث البيئات المحيطة. كما أن هذه الغازات يمكن أن تؤثر على المناخ على المدى الطويل إذا كانت الانفجارات البركانية كبيرة بما فيه الكفاية.
4. الصخور البركانية
تعتبر الصخور البركانية أحد المكونات الأساسية للبراكين المركبة، حيث تنشأ من التجمد السريع للحمم البركانية التي تخرج إلى السطح. تتنوع الصخور البركانية في شكلها وحجمها، وقد تشمل الصخور الخفيفة مثل البازلت، أو الصخور الثقيلة مثل الغرانيت.
تتراكم هذه الصخور على مر الزمن وتؤدي إلى تكوين الطبقات التي تمنح البركان شكله الطبقي. كما أن تكوين هذه الصخور يعد عاملًا مهمًا في تحديد شدة الانفجار البركاني.
5. الفوهة البركانية
الفوهة هي فتحة البركان التي يتسرب منها الحمم والغازات. تتسم الفوهة البركانية في البراكين المركبة بأنها واسعة نسبيا، ولها شكل دائري أو بيضاوي. يحدث فيها تجمع كبير للمواد البركانية التي تدفع نحو الأعلى، وتتراكم بشكل تدريجي حول الفوهة، مكونة طبقات متعددة.
تتراوح فوهات البراكين المركبة من الفوهات الصغيرة إلى الفوهات الضخمة التي قد تكون مملوءة بالماء، مما يخلق بحيرات بركانية. بالإضافة إلى ذلك، قد تحدث انهيارات جزئية أو كاملة للفوهة، مما يؤدي إلى تكوين ما يُعرف بالكالديرا.
6. اللاڤا والقنوات البركانية
اللاڤا هي الصخور المنصهرة التي تخرج من فوهة البركان وتدفق على سطح الأرض، ويمكن أن تتراكم على شكل طبقات متتالية بمرور الوقت. القنوات البركانية هي الأنابيب التي تمر عبرها الحمم، وقد تكون مفتوحة أو مغلقة حسب طبيعة النشاط البركاني.
تتشكل القنوات البركانية عندما يتم دفع الحمم عبر فتحات ضيقة أو ممرات في الصخور. وعادة ما تكون القنوات البركانية محمية من الخارج بواسطة الصخور المتصلبة حولها، مما يسمح للحمم بالتدفق ببطء إلى المناطق المحيطة.
7. البنية الداخلية للبركان المركب
تتكون البراكين المركبة من عدة طبقات مكونة من مواد بركانية متراصة فوق بعضها البعض. وتشمل هذه الطبقات الحمم، والرماد، والغازات المتجمدة. كل طبقة لها خصائص مختلفة من حيث السمك والتمدد والصلابة.
عند حدوث ثوران، يتراكم المزيد من المواد على هذه الطبقات، مما يعزز شكل البركان الطبقي. قد تحتوي بعض البراكين المركبة على مناطق فارغة داخل بنية البركان نتيجة الانفجارات السابقة، حيث تتسبب الانفجارات القوية في انهيار بعض الطبقات. تُعرف هذه الفراغات بالكالديرا، وهي مساحات واسعة تحتوي عادة على بحيرات.
8. الأنشطة البركانية المتنوعة
البراكين المركبة تعتبر الأكثر تنوعًا من حيث الأنشطة البركانية. قد يتراوح النشاط البركاني من الثورات الصغيرة التي تتمثل في إطلاق الغاز والرماد إلى الثورات الكبيرة التي تندلع فيها الحمم البركانية السائلة وتغطي مساحات شاسعة.
يعتبر البركان المركب أكثر عرضة للثورانات المدمرة بسبب تعدد المكونات المترسبة فيه، ويمكن أن تتسبب الثورات البركانية العنيفة في تشكيل سحب ضخمة من الرماد تؤثر على الحركة الجوية، علاوة على تأثيراتها البيئية الخطيرة.
9. التأثيرات البيئية للبراكين المركبة
تعتبر البراكين المركبة من الظواهر الطبيعية التي تترك آثارًا بيئية كبيرة. حيث تؤثر الانفجارات البركانية على الهواء، الماء، التربة، والنباتات والحيوانات المحيطة. قد تكون الحمم والرماد ملوثين للهواء، مما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء.
إلى جانب ذلك، فإن الرماد البركاني يحتوي على معادن ومواد كيميائية قد تكون سامة بالنسبة للنباتات والحيوانات. على المدى الطويل، يمكن أن تؤدي الانفجارات البركانية إلى تحولات في المناظر الطبيعية، وقد تؤدي إلى تغييرات في البيئة الجغرافية التي قد تستمر لمئات السنين.
10. الاستفادة من البراكين المركبة
على الرغم من الآثار السلبية التي قد تترتب على البراكين المركبة، إلا أن هذه البراكين توفر فوائد اقتصادية كبيرة. فالحمم البركانية المتصلبة يمكن أن تستخدم في البناء، ويُستخرج منها الصخور البركانية التي تتميز بخصائص معينة تجعلها مناسبة لعدد من التطبيقات.
إضافة إلى ذلك، فإن المواقع البركانية تشهد في كثير من الأحيان زيادة في النشاط السياحي، حيث يتوافد السياح لمشاهدة المناظر الطبيعية المثيرة الناجمة عن البراكين، مما يساهم في الاقتصاد المحلي.
