مفيدة شيحة: مسيرة إعلامية مبدعة

مفيدة شيحة: سيرة إعلامية مشرفة ومسيرة حافلة بالإنجازات في الإعلام المصري

تُعد مفيدة شيحة واحدة من أبرز الإعلاميات المصريات في العصر الحديث، فقد استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة بارزة في ساحة الإعلام التلفزيوني بفضل حضورها القوي، وثقافتها العالية، وقدرتها على إدارة الحوارات بذكاء ومهارة. تنتمي مفيدة إلى جيل من الإعلاميين الذين ساهموا في تشكيل وعي الرأي العام، من خلال برامجها التي تميزت بالمصداقية والطرح الجريء للقضايا المجتمعية، إضافة إلى الأسلوب المهني في التقديم والتواصل مع الجمهور.

ولدت مفيدة شيحة في بيئة مصرية ذات طابع ثقافي واجتماعي، حيث كانت منذ صغرها شغوفة بالإعلام والعمل العام، الأمر الذي دفعها إلى الالتحاق بهذا المجال الذي وجدت فيه ذاتها، واستثمرت موهبتها الإعلامية حتى أصبحت واحدة من الأسماء اللامعة التي أثبتت جدارتها في ساحة مزدحمة بالمواهب والتحديات. لم يكن صعودها في عالم الإعلام مجرد حظ أو مصادفة، بل كان نتيجة جهد دؤوب، وعمل متواصل، وحرص دائم على التطور والاطلاع ومواكبة المستجدات.

بدايات مشوارها الإعلامي

دخلت مفيدة شيحة مجال الإعلام في تسعينيات القرن الماضي، وبدأت مشوارها من خلال العمل في القنوات الرسمية، ثم انتقلت إلى مجموعة من المحطات الخاصة التي كانت آنذاك في طور التأسيس والتطور. ومنذ بداياتها أظهرت تميزًا في تقديم البرامج التي تجمع بين الترفيه والثقافة، كما امتلكت قدرة فريدة على جذب المشاهد من خلال شخصيتها المرحة وفي الوقت نفسه الجادة.

عملت مفيدة في عدد من البرامج التليفزيونية التي حققت نجاحاً ملحوظاً، وحرصت على تقديم محتوى يلامس اهتمامات الجمهور المصري والعربي، مع التركيز على قضايا المرأة والمجتمع والأسرة، مما ساعدها على بناء قاعدة جماهيرية واسعة وثابتة.

برنامج “الستات ما يعرفوش يكدبوا”: المحطة الأهم

من أهم المحطات التي صنعت شهرة مفيدة شيحة، كان برنامج “الستات ما يعرفوش يكدبوا” الذي عُرض على قناة CBC، وحقق نسب مشاهدة مرتفعة على مدار سنوات طويلة. البرنامج الذي تناول قضايا المرأة المصرية والعربية من منظور اجتماعي وإنساني، كان مساحة مفتوحة للنقاش الجريء والعميق حول التحديات التي تواجهها النساء في المجتمع.

من خلال هذا البرنامج، أثبتت مفيدة شيحة أنها ليست مجرد مذيعة، بل صوت حقيقي للمرأة المصرية، وقد قدمت العديد من الحلقات التي ناقشت مواضيع شائكة مثل العنف الأسري، والمساواة بين الجنسين، والتحرش، ومشكلات الزواج والطلاق، كما لم تبتعد عن مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على حياة الأسرة المصرية بشكل مباشر.

ما ميز البرنامج أيضًا هو روح الفريق بين مفيدة شيحة وزميلاتها من الإعلاميات، حيث شكّلن معًا نموذجًا متوازنًا للحوار الإعلامي الهادف بعيداً عن التصنع أو المبالغة، ما جعل البرنامج يحافظ على شعبيته لسنوات طويلة ويصبح واحداً من العلامات الفارقة في الإعلام المصري الحديث.

مفيدة شيحة: نموذج للمرأة العاملة الناجحة

لم تكتف مفيدة شيحة بدورها كمقدمة برامج، بل شكلت على مدار سنوات نموذجاً يحتذى به للمرأة العاملة في مصر، حيث وازنت بين حياتها المهنية والالتزامات الأسرية، مع إصرار دائم على التطور المهني. وقد مثلت صوتًا حقيقيًا للمرأة في الإعلام، خاصة تلك التي تناضل يوميًا لتحقيق التوازن بين الطموح المهني والمسؤوليات الاجتماعية.

تتميز مفيدة بأسلوبها الحواري الذي يجمع بين الصرامة واللين، فهي قادرة على فرض النظام في الحوار مع الضيوف دون اللجوء إلى مقاطعتهم أو استفزازهم، ما منحها احترامًا واسعًا من قبل متابعيها وضيوفها على حد سواء. كما أنها من الإعلاميين القلائل الذين يحافظون على الخط المهني الرصين دون الانزلاق نحو الإثارة الإعلامية أو المبالغات المفتعلة.

انخراطها في المجال المجتمعي والتنموي

إلى جانب نشاطها الإعلامي، ساهمت مفيدة شيحة في العديد من المبادرات الاجتماعية والتنموية التي تهدف إلى تمكين المرأة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والنهوض بالمجتمع المصري. شاركت في مؤتمرات وندوات عدة تناولت قضايا المرأة وحقوق الإنسان، كما دعمت حملات ضد الزواج المبكر وختان الإناث والعنف الأسري.

انتماؤها لهذا النوع من النشاط يعكس الوعي العميق لديها بأهمية الدور الاجتماعي للإعلام، وأنه لا يقتصر فقط على تقديم البرامج أو جذب المشاهدات، بل يمتد ليشمل المساهمة في تغيير العقليات وتوجيه الرأي العام نحو التغيير الإيجابي.

الهوية الإعلامية والانتماء المهني

ما يميز مفيدة شيحة هو قدرتها على الحفاظ على هوية إعلامية مستقلة وواضحة، فهي لا تنتمي إلى مدرسة الإعلام الصدامي أو الاستعراضي، بل تختار دائمًا تقديم المحتوى المهني والرصين، وهذا ما جعلها تحظى باحترام وتقدير مختلف الشرائح المجتمعية. كما أنها تتعامل مع الإعلام كمهنة لها قواعد وأصول، لا كمجرد وسيلة للشهرة.

تُعرف مفيدة بانحيازها التام للحقيقة، ورفضها التام لتزييف الوقائع أو الانسياق وراء الشائعات، كما أنها حريصة على تقديم الرأي والرأي الآخر، وهي من القلائل الذين يتمسكون بمعايير الموضوعية حتى في أكثر القضايا حساسية.

خروجها من برنامج “الستات ما يعرفوش يكدبوا”

بعد سنوات من التألق، أعلنت مفيدة شيحة خروجها من برنامج “الستات ما يعرفوش يكدبوا”، وهو القرار الذي أثار ردود فعل واسعة من جمهور البرنامج. البعض اعتبر أن البرنامج فقد جزءًا من تميّزه بخروج مفيدة، في حين رأى آخرون أن التغيير سنة من سنن العمل الإعلامي. وعلى الرغم من هذا القرار، لم تغب مفيدة عن الساحة، بل استمرت في التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبّرت عن نيتها لتقديم مشروعات إعلامية جديدة أكثر تطوراً وجرأة في الطرح.

مسيرتها بعد البرنامج: انطلاقة جديدة واستثمار للخبرة

بعد انسحابها من البرنامج، لم تتوقف مفيدة شيحة عن العمل الإعلامي، بل بدأت مرحلة جديدة قائمة على الاستفادة من خبرتها الطويلة في إنتاج محتوى إعلامي رقمي حديث. ظهرت في العديد من اللقاءات والفعاليات، وعملت على التحضير لمشروعات إعلامية تستهدف فئات مختلفة من الجمهور، خاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت بديلًا للمنصات التقليدية في كثير من الأحيان.

هذا التحول يعكس قدرة مفيدة على التكيّف مع تحولات المشهد الإعلامي، ومواكبة التطور التكنولوجي الذي أصبح ضرورة لأي إعلامي يسعى إلى الاستمرار والتأثير.

الأسلوب الإعلامي ومهارات التقديم

الأسلوب الذي تنتهجه مفيدة شيحة في تقديم البرامج يعتمد على البساطة والوضوح، مع الالتزام الكامل بالموضوعية. تتمتع بقدرة عالية على التفاعل مع الضيوف وطرح الأسئلة الدقيقة التي تلامس جوهر الموضوع دون الخروج عن النص. كما أنها تحرص دائمًا على تقديم محتوى غني بالمعلومات، وتستخدم لغة تتسم بالرصانة والاحتراف، ما جعلها قدوة للعديد من الإعلاميات الشابات في مصر والوطن العربي.

فيما يلي جدول يوضح أبرز محطات مفيدة شيحة المهنية:

مكانتها في الإعلام العربي وتأثيرها الثقافي

لا يقتصر تأثير مفيدة شيحة على الإعلام المصري فقط، بل امتد ليشمل الإعلام العربي بشكل أوسع، خاصة وأن برامجها كانت تتابع من قبل جمهور في عدد من الدول العربية، لما فيها من طروحات تعالج قضايا إنسانية شاملة. شكلت مثالًا للإعلامية العربية القادرة على التعبير عن قضايا مجتمعها دون الخضوع للضغوط أو الانجرار وراء الإثارة.

خاتمة: إرث إعلامي ومكانة راسخة

تمثل مفيدة شيحة رمزاً من رموز الإعلام المهني والواعي في مصر، حيث استطاعت أن تبني مسيرة إعلامية مشرفة قائمة على الجهد والمثابرة والتجديد. بقيت وفيّة لمبادئها المهنية، ومخلصة لجمهورها، وسعت دوماً إلى تقديم إعلام يليق بالمشاهد العربي من حيث القيمة والمحتوى والأسلوب. ومع استمرارها في العطاء، فإن تأثيرها سيظل قائماً سواء على الشاشة أو في الذاكرة الجماعية للجمهور الذي تابعها لسنوات.

المصادر:

1. موقع قناة CBC الرسمي

2. مقابلات صحفية منشورة في جريدة اليوم السابع والأهرام