مفهوم المال والعرض النقدي في أمريكا

مفهوم المال (النقود) والعرض النقدي الأساسي بالولايات المتحدة الأمريكية

المال هو أداة أساسية في الاقتصاد، حيث يعمل كوسيلة للتبادل، ووحدة قياس للقيمة، وحفظ للقيمة، وأداة للتسوية المؤجلة. تمثل النقود أحد أعمدة النظام الاقتصادي في كل دولة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أكبر اقتصاد في العالم. من هنا، تتشابك مفاهيم المال والنقود مع العرض النقدي، الذي يشير إلى الكمية الإجمالية للنقود المتاحة في الاقتصاد في وقت معين. وفي الولايات المتحدة، يشمل العرض النقدي عدة مقاييس رئيسية، أهمها “العرض النقدي الأساسي” (M0) الذي يعد من الأدوات الهامة في تحليل السياسة النقدية للولايات المتحدة.

مفهوم المال (النقود)

النقود هي أي شيء يُستخدم كوحدة للتبادل، وقيمة لتخزين الثروة، ووحدة لقياس القيمة، ووسيلة للدفع المؤجل. عبر العصور، تطورت النقود من شكلها البدائي (كالسلع) إلى العملة الورقية والمعادن، ثم تطورت إلى الشكل الرقمي في الوقت الحاضر.

النقود في مفهومها العام تتكون من ثلاثة عناصر أساسية:

1. وحدة التبادل: تمكن الأفراد من شراء السلع والخدمات وتبادلها دون الحاجة إلى المقايضة.

2. وحدة قياس القيمة: توفر مقياسًا موحدًا للقيمة، بحيث يمكن مقارنة قيمة السلع والخدمات المختلفة.

3. وسيلة للاحتفاظ بالقيمة: تُستخدم النقود كأداة لتخزين الثروة، حيث يمكن للأفراد ادخارها لاستخدامها في المستقبل.

يتميز النظام النقدي في الولايات المتحدة بكونه يعتمد على الدولار الأمريكي كوحدة عملة رسمية. الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية التي تُستخدم في معظم العمليات الاقتصادية الداخلية والخارجية، ويعتبر إحدى أهم العملات في النظام المالي العالمي.

أنواع النقود في الولايات المتحدة

تتعدد أنواع النقود المتداولة في الاقتصاد الأمريكي، ويمكن تقسيمها بشكل عام إلى:

1. النقود التقليدية (النقود النقدية): وهي العملات الورقية والمعدنية التي تصدرها الحكومة الفيدرالية، مثل فئات الدولار الأمريكي (1، 5، 10، 20، 50، 100).

2. النقود المصرفية (النقود الإلكترونية): وهي الأموال التي توجد في حسابات الأفراد والشركات في البنوك وتُستخدم للتحويلات المصرفية عبر الإنترنت أو من خلال البطاقات الائتمانية.

3. النقود المودعة في حسابات التوفير: تشمل الحسابات البنكية التي تتيح للناس الاحتفاظ بأموالهم مع الحصول على فائدة على المدخرات.

النقود في النظام الاقتصادي الأمريكي لا تقتصر فقط على النقد المتداول بين الأفراد، بل تتضمن أيضًا النقود الرقمية التي تعتمد على التقنيات الحديثة مثل بطاقات الائتمان والتحويلات الرقمية عبر الإنترنت.

العرض النقدي الأساسي (M0)

العرض النقدي يشير إلى كمية النقود المتاحة في الاقتصاد في وقت معين. يتكون العرض النقدي من عدة مقاييس، وأكثرها استخدامًا في الولايات المتحدة هو:

1. M0 (العرض النقدي الأساسي): وهو المقياس الأضيق والأكثر تحديدًا، ويتضمن النقود المتداولة فعلاً في يد الجمهور مثل الأوراق النقدية والعملات المعدنية.

2. M1: يشمل M0 بالإضافة إلى الودائع الجارية، التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقد.

3. M2: يتضمن M1 بالإضافة إلى حسابات التوفير والودائع الأخرى التي يمكن تحويلها إلى نقد ولكن بتأخير قصير.

4. M3: يشمل M2 بالإضافة إلى حسابات كبيرة مثل الودائع الكبرى وأدوات السوق المالية.

M0: دور العرض النقدي الأساسي في الاقتصاد الأمريكي

العرض النقدي الأساسي (M0) هو المقياس الأكثر مباشرة للنقود في النظام الاقتصادي. ويعني M0 إجمالي كمية النقود المطبوعة والمعتمدة من قبل البنك المركزي (الاحتياطي الفيدرالي) والتي هي في يد الأفراد والشركات في شكل نقدي أو عملات معدنية. تمثل هذه النقود المحسوبة في M0 النقد المتداول الفعلي بين الأفراد داخل الاقتصاد الأمريكي.

يعد M0 أحد المكونات الأساسية لتحديد السيولة في الاقتصاد الأمريكي. فعندما يكون العرض النقدي الأساسي منخفضًا، يعني أن هناك كمية محدودة من الأموال المتاحة للاستهلاك أو الاستثمار. وعلى العكس، عندما يزيد M0، يكون هناك وفرة من النقود في الأسواق، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات.

أهمية M0 في السياسة النقدية:

يعتبر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) العرض النقدي أداة رئيسية لتنظيم الاقتصاد وضبط التضخم. من خلال تعديل مستويات M0، يمكن للبنك الفيدرالي التأثير على السيولة في السوق، والتي بدورها تؤثر على مستويات الأسعار، معدلات الفائدة، والنشاط الاقتصادي بشكل عام.

1. خفض العرض النقدي: عندما يريد الاحتياطي الفيدرالي التحكم في التضخم أو تقليل الأنشطة الاقتصادية المفرطة، فإنه قد يقوم بتقليل العرض النقدي عن طريق رفع معدلات الفائدة أو بيع السندات الحكومية. يؤدي هذا إلى سحب الأموال من السوق، مما يساهم في تقليل الطلب.

2. زيادة العرض النقدي: في فترات الركود الاقتصادي أو الأزمة المالية، قد يقوم الاحتياطي الفيدرالي بزيادة العرض النقدي عن طريق خفض معدلات الفائدة أو شراء السندات الحكومية. يعمل ذلك على ضخ مزيد من السيولة في الاقتصاد لتعزيز النمو الاقتصادي.

تأثيرات التغيرات في M0 على الاقتصاد الأمريكي

الزيادة في M0:
زيادة العرض النقدي الأساسي قد تكون ضرورية في حالات الانكماش الاقتصادي، حيث يواجه الأفراد والشركات صعوبة في الوصول إلى الائتمان. عندما يزيد الاحتياطي الفيدرالي من عرض النقود، يصبح المال أكثر توافرًا، ما يساهم في زيادة الاستهلاك والاستثمار. إلا أن هذه الزيادة إذا كانت مفرطة، قد تؤدي إلى التضخم، حيث يرتفع سعر السلع والخدمات بسبب زيادة الطلب.

النقص في M0:
في المقابل، قد يسبب النقص في العرض النقدي في تباطؤ الاقتصاد. عندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بسحب الأموال من السوق، فإن الشركات قد تجد صعوبة في تمويل استثماراتها، وقد تقل القدرة الشرائية للأفراد، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب العام في الاقتصاد. هذا يمكن أن يؤدي إلى حدوث ركود اقتصادي إذا لم تتم معالجته بشكل سريع.

العلاقة بين M0 والأدوات النقدية الأخرى:

العرض النقدي الأساسي (M0) يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع مقاييس أخرى مثل M1 وM2، حيث يُعد M0 أساسًا للعرض النقدي الأوسع الذي يشمل الأموال المودعة في البنوك وحسابات التوفير. في حين أن M0 يقيس الأموال المتاحة فعليًا للتداول، فإن M1 وM2 يضيفان أبعادًا أكبر للعرض النقدي ويعكسان قدرة الاقتصاد على التوسع باستخدام النقود في النظام المصرفي.

السياسة النقدية والاحتياطي الفيدرالي:

الاحتياطي الفيدرالي هو المسؤول عن مراقبة مستويات العرض النقدي في الولايات المتحدة، ويعمل على ضمان استقرار الاقتصاد من خلال التحكم في مستويات M0 وبقية مقاييس العرض النقدي. يستخدم البنك المركزي الأمريكي مجموعة من الأدوات لتوجيه السياسة النقدية، مثل:

• رفع أو خفض معدلات الفائدة: تؤثر هذه الفائدة على تكلفة الاقتراض، وبالتالي على القرارات الاقتصادية المتعلقة بالإنفاق والاستثمار.

• العمليات المفتوحة: حيث يشتري أو يبيع السندات الحكومية في السوق المالية لتعديل السيولة في النظام.

• احتياطي البنوك: زيادة أو تقليل نسبة الاحتياطي الإلزامي الذي يجب أن تحتفظ به البنوك.

خاتمة

العرض النقدي الأساسي (M0) هو أحد الأركان الأساسية لفهم كيفية سير النظام المالي والاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية. إنه يمثل النقود الفعلية المتداولة في الاقتصاد، والتي تعد أداة حيوية في رسم السياسة النقدية. من خلال التحكم في هذه الكمية من النقود، يمكن للبنك الفيدرالي التأثير على مستويات التضخم والنمو الاقتصادي، وكذلك التحكم في سيولة السوق بشكل عام. يعد فهم M0 والأساليب التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي في تنظيم العرض النقدي أمرًا بالغ الأهمية لفهم الاقتصاد الأمريكي والقرارات التي يتم اتخاذها في هذا الصدد.