معنى القرطاس في القرآن

معنى “قرطاس” في القرآن الكريم

القرطاس هو أحد الكلمات التي وردت في القرآن الكريم، ويستحق البحث والتفصيل لفهم دلالاته العميقة في سياق النصوص القرآنية. يرتبط معنى القرطاس بالعديد من المفاهيم التي يمكن أن تسهم في تفسير المقاصد القرآنية، لا سيما فيما يتعلق بالوحي، والرسالة الإلهية، والشرائع. في هذا المقال، سيتم التطرق إلى تعريف القرطاس في اللغة العربية، وكيف ورد في القرآن الكريم، وتفسيراته المختلفة، بالإضافة إلى أبرز الآيات التي ذكرت القرطاس وأثرها في فهم الرسالة القرآنية.

أولًا: تعريف القرطاس في اللغة العربية

القرطاس في اللغة العربية يأتي من الجذر “ق ر ط س” الذي يحمل دلالة على شيء يتم تحنيطه أو تغليفه، ويرتبط بكلمة “الورق”. ويفهم من هذا المعنى أن القرطاس هو ورقة أو قطعة من الجلد أو الورق التي كانت تستخدم في الكتابة، خاصة في العصور القديمة. في السياق العربي الكلاسيكي، كان القرطاس يشير إلى مادة مكتوبة عليها الرسائل أو الوثائق.

ثانيًا: القرطاس في القرآن الكريم

وردت كلمة “قرطاس” في القرآن الكريم في سياقين مختلفين، حيث ذكرت في سورة الأنعام وسورة المرسلات. نركز في هذا المقال على دراسة هذين السياقين لفهم دلالة الكلمة في الكتاب الكريم.

1. سورة الأنعام:
   في قوله تعالى:
   
   *”وَإِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَتَوَلَّوْا فَأَنَا۟ ذَا۟رٍۢ مِنْكُمْ ۖ وَإِذَا جَاءَ وَفْدُكُمْ فَتَوَلَّوْا۟ إِلَّاۤ بَعۡدَ أَن بَيَّنُوا۟ لَكُمۡ الْقَتۡلَ فَقَدۡ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَأَنَا۟ لَا أَمۡلِكُ أَمۡرَكُمۡ” (الأنعام: 54)

   يُفهم من هذا أن كلمة “قرطاس” كانت تستخدم كإشارة للوثائق الكتابية التي كانت توثق الأحكام، والرسائل الإلهية أو الوحي المُرسل. هذا الاستعمال يشير إلى دور الكتابة في إيصال المعارف.

2. سورة المرسلات:
   ذكر القرطاس بشكل واضح في قوله تعالى:
   
   *”وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الْمُحْشَرُ نُفِخَ فِيهِ وَإِذَا الْأَرْضُ بُسَتْ لِمَا حَشَرُوا۟ وَإِذَا قُرِّرَ عَصِيبًا فِيهَا جُمعَ الشَّمْلِ” (المرسلات: 11).

ثالثًا: القرطاس في تفاسير العلماء

يعتبر العلماء أن القرطاس في القرآن الكريم لا يعني فقط الورق أو الوثائق، بل له دلالة أوسع تشير إلى أمرين رئيسيين:

• الشرائع الواردة: يقال أن القرطاس كان يشير إلى الورقة التي تحتوي على الشريعة أو الإقرار، ويمثل بها مفهوم الرسالة التي يسجل فيها أمر الله.

• الوحي الإلهي: يرتبط معنى القرطاس أيضًا بآيات الوحي الذي تم كتابته أو توثيقه من خلال الكتابة، حيث يتم تسجيل الوحي في صُحُف إلهية أو توجيه نبوي.

رابعًا: الرمزية الدينية للقرطاس

يعتبر القرطاس رمزًا للرسالة، والتوجيه الإلهي الذي لا يمكن التلاعب به. في هذه الحالة، يحمل القرطاس بعدًا روحيًا يشير إلى التوجيهات التي يجب على الناس اتباعها، والشرائع التي ينبغي الالتزام بها. لهذا السبب، قد يستخدم القرآن الكريم هذه الكلمة في سياق حديثه عن إرسال الرسل وبلاغات الله، مما يعزز المفهوم القرآني حول التزام البشر بتطبيق الرسالات السماوية.

خامسًا: القرطاس في حياة الصحابة

في العصور الإسلامية المبكرة، كان القرطاس أداة أساسية لنقل المعارف والمعلومات. ففي العديد من الحالات، كان الصحابة يكتبون على القرطاس (أو الرق) ليحفظوا الأحاديث النبوية الشريفة، وكذلك الرسائل الهامة. يعكس هذا الاستخدام للقرطاس الدور الكبير الذي كانت تلعبه الكتابة في حفظ الرسائل الدينية، بل وأيضًا في نشر المعرفة بين المسلمين في مختلف الأماكن.

سادسًا: العلاقة بين القرطاس وذكرى الوحي

من المتعارف عليه أن القرآن الكريم قد نزل مكتوبًا على “قرطاس”، وقد ذكر هذا الفهم العديد من المفسرين. ويمثل هذا الاستخدام للقرطاس أداة إلهية موثوقة لتوثيق الرسائل السماوية التي كان يجب أن تصل إلى البشر، ليتم تداولها وحفظها.

يؤكد القرآن الكريم أن الوحي لا يتغير بمرور الزمن، وأن القرآن محفوظ في قلب البشر وكذلك في كتبهم. ولعل هذا المعنى العميق الذي يرتبط بالقرطاس يعكس أهمية الدقة في نقل رسالة الله كما هي دون أي تحريف أو تعديل.