مصادر استخراج الألماس وطرقها

من أين يستخرج الألماس؟

يعد الألماس من أندر وأثمن المعادن التي عرفتها البشرية على مر العصور. تتميز هذه الأحجار الكريمة بجمالها الفريد وصلابتها الفائقة، مما جعلها رمزًا للجمال والثراء والترف. لكن ما يثير فضول الكثيرين هو المصدر الذي يُستخرج منه هذا المعدن النادر وكيفية العثور عليه. في هذا المقال، سنستعرض عملية استخراج الألماس، الأماكن التي يتواجد فيها، والطرق التي تُستخدم لاستخراجه.

1. ما هو الألماس؟

الألماس هو معدن طبيعي يتكون من الكربون النقي تحت ضغط وحرارة هائلين في باطن الأرض على مدى ملايين السنين. يتبلور هذا المعدن في شكل بلورات متراصة تميزها صلابتها التي تصل إلى 10 على مقياس موس للصلابة، مما يجعله المادة الأكثر صلابة المعروفة للبشر. يتواجد الألماس بشكل رئيسي في الصخور البركانية المعروفة باسم “الكيمبرلايت”، كما يمكن أن يوجد أيضًا في الصخور البركانية الأخرى مثل “لامبروتايت”.

2. أماكن وجود الألماس

تتوزع مناطق استخراج الألماس في عدد من دول العالم، حيث يتم العثور على حقول الماس في قارات مختلفة. وتتمثل أبرز هذه المناطق في:

أ. أفريقيا

تعد القارة الأفريقية هي الأهم من حيث إنتاج الألماس، حيث تحتوي على بعض من أكبر المناجم في العالم. يُستخرج الألماس في العديد من الدول الأفريقية، أشهرها:

• جنوب أفريقيا: تشتهر جنوب أفريقيا بوجود أكبر وأغنى مناجم الألماس في العالم، وتعد منطقة “كرونك” و”مناجم كيمبرلي” من أشهر المناجم في هذه البلاد. مدينة “كيمبرلي” ذاتها هي المكان الذي اكتشف فيه أول ألماس صناعي في التاريخ، وتعد هذه المدينة اليوم مركزًا عالميًا لتجارة الألماس.

• بوتسوانا: تُعتبر بوتسوانا من أكبر منتجي الألماس في العالم. تحظى البلاد بسمعة طيبة بفضل شركات مثل “دي بيرز”، التي تسيطر على جزء كبير من صناعة الألماس في العالم.

• أنغولا: تعد أنغولا أيضًا من البلدان التي تعد من أكبر منتجي الألماس في أفريقيا، حيث تُستخرج كميات كبيرة من الألماس منها، سواء من المناجم أو من الفلزات الطبيعية.

• ** جمهورية الكونغو الديمقراطية (الكونغو)**: تُعد الكونغو من بين الدول التي تصدّر الألماس إلى الأسواق العالمية، وبالرغم من تحديات الأمن والسياسة، لا يزال إنتاج الألماس فيها مهمًا.

• زامبيا: تعد زامبيا واحدة من المنتجين الرئيسيين للألماس في أفريقيا، وتستفيد من مواردها الطبيعية الغنية في استخراج هذا المعدن.

ب. روسيا

تعتبر روسيا واحدة من أكبر الدول المنتجة للألماس، حيث تملك أكبر مناجم الألماس في العالم من حيث الاحتياطي. يُستخرج الألماس في روسيا من منطقة “ياقوتيا”، حيث يُعتقد أن هذا الإقليم يحتوي على أكبر مخزون من الألماس في العالم. كما تشتهر شركة “ألروسا” الروسية بأنها من أكبر شركات إنتاج الألماس على مستوى العالم.

ج. كندا

على الرغم من أن كندا ليست معروفة كما هو الحال في أفريقيا أو روسيا في إنتاج الألماس، إلا أنها تُعد اليوم من الدول المهمة في هذا المجال. تمتلك كندا عدة مناجم مثل “مناجم ديلاك” و”مناجم ديجر”، التي تُنتج كميات كبيرة من الألماس عالي الجودة. ويمثل الألماس الكندي اليوم جزءًا كبيرًا من السوق العالمي.

د. أستراليا

أستراليا كانت لفترة طويلة من أكبر المنتجين للألماس، ولكن تم غلق مناجم الألماس الكبيرة هناك مثل “مناجم أرغويل” في 2020، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الألماس في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال أستراليا تعتبر من الدول المصدرة للألماس، وخاصة الألماس الصناعي.

3. طرق استخراج الألماس

هناك عدة طرق تُستخدم لاستخراج الألماس من باطن الأرض. تعتمد الطريقة المستخدمة على عمق وجود الألماس وطبيعة الرواسب التي يحتويها. ومن بين أشهر هذه الطرق:

أ. التعدين السطحي (التعدين المفتوح)

يتم استخدام هذه الطريقة في حالة تواجد الألماس على سطح الأرض أو بالقرب من السطح. يشمل التعدين السطحي إزالة التربة والطبقات الصخرية العلوية للوصول إلى خام الألماس الذي يُستخرج من طبقات الأرض. تُستخدم في هذه العملية الآلات الثقيلة مثل الحفارات والمجارف لنقل الصخور إلى المصانع المخصصة لاستخراج الألماس.

ب. التعدين تحت الأرض

عندما يكون الألماس مدفونًا في أعماق الأرض، يتم استخدام التعدين تحت الأرض للوصول إلى الرواسب الغنية بالألماس. تتطلب هذه الطريقة حفر أنفاق عمودية أو مائلة للوصول إلى الأعماق الكبيرة حيث تتواجد الصخور المحتوية على الألماس. يتم في هذه الحالة استخدام آليات ثقيلة لتنقل الصخور المستخرجة إلى سطح الأرض حيث يتم فصل الألماس عن المعادن الأخرى.

ج. التعدين البحري

يتم أيضًا استخراج الألماس في بعض المناطق من قاع البحر باستخدام تقنيات التعدين البحرية. يتم استخدام السفن الخاصة التي تحتوي على معدات متطورة لسحب الصخور من قاع البحر. تعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق صعوبة وتكلفة، إلا أن بعض الحقول البحرية تحتوي على كميات كبيرة من الألماس.

4. عملية الفصل

بعد استخراج الصخور المحتوية على الألماس، يتم إرسالها إلى منشآت لفصل الألماس عن الصخور الأخرى. يتم ذلك باستخدام عدة تقنيات، مثل:

• الفصل باستخدام الماء: في هذه الطريقة، تُغسل الصخور في المياه الجارية أو في آلات متخصصة لفصل الألماس من المواد الأخرى بناءً على كثافته.

• الفصل اليدوي: في بعض الحالات، يتم الفصل اليدوي للألماس باستخدام تقنيات بسيطة، مثل استخدام الضوء لفحص البلورات وتحديد الألماس.

• الفصل المغناطيسي: في حال كانت الصخور تحتوي على مواد مغناطيسية، يتم استخدام المغناطيس لفصل الألماس عن المواد الأخرى.

5. التحديات والمستقبل

على الرغم من أن الألماس يعد من المعادن الثمينة، إلا أن صناعة استخراج الألماس تواجه العديد من التحديات. تشمل هذه التحديات قضايا البيئة، حيث أن عمليات التعدين تتسبب في تدمير البيئة المحلية وتلوث المياه. بالإضافة إلى ذلك، فإن تجارة الألماس تواجه أحيانًا مشاكل تتعلق بالحقوق الإنسانية، مثل ما يعرف بـ”ألماس الدم”، حيث يُستخرج الألماس من مناطق النزاع، مما يثير القلق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

من جهة أخرى، مع تزايد الطلب على الألماس الصناعي، بدأ الناس يبحثون عن بدائل لاستخراج الألماس الطبيعي. يعتبر الألماس الصناعي اليوم خيارًا متزايدًا في صناعة المجوهرات، حيث يُصنع في المختبرات باستخدام تقنيات الضغط والحرارة العالية.

6. خاتمة

إن عملية استخراج الألماس هي مزيج من العلم والتكنولوجيا، والتحديات البيئية والاجتماعية، حيث تلتقي طرق استخراج الألماس الحديثة مع المشاكل التقليدية. تبقى هذه الأحجار الكريمة محط إعجاب وتقدير البشر، سواء كانت طبيعية أو صناعية، لكن من المهم التذكير بأن استخراجها يتطلب مواكبة لمعايير بيئية وإنسانية أكثر صرامة لضمان استدامتها للأجيال القادمة.