مراحل زراعة الشعر بالتفصيل

مراحل زراعة الشعر

تُعد زراعة الشعر واحدة من أكثر الإجراءات الطبية تطورًا وانتشارًا في مجال التجميل، وهي تقدم حلاً جذريًا لمشكلة تساقط الشعر والصلع الوراثي والمكتسب. وتُعد هذه التقنية ذات أهمية بالغة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل تساقط الشعر لأسباب متعددة، مثل العوامل الوراثية أو التغيرات الهرمونية أو العوامل البيئية والنفسية أو الإصابة بأمراض فروة الرأس. تتطلب زراعة الشعر مجموعة من المراحل الدقيقة التي يتم تنفيذها وفق معايير طبية صارمة تضمن تحقيق نتائج ناجحة وطبيعية وطويلة الأمد. يتناول هذا المقال بمحتواه الموسع شرحًا دقيقًا ومفصلًا لكل مرحلة من مراحل زراعة الشعر، مدعومًا بالمعلومات الطبية الحديثة والخبرة السريرية المعتمدة في هذا المجال.

المرحلة الأولى: التقييم الطبي والتشخيص

قبل الشروع في أي إجراء طبي، يجب أولاً إجراء تقييم شامل للحالة الصحية العامة للمريض. يشمل هذا التقييم:

• مراجعة التاريخ الطبي: يتم دراسة الحالات السابقة من الأمراض الجلدية أو المزمنة مثل السكري، الضغط، أمراض المناعة الذاتية أو مشاكل في تخثر الدم.

• فحص فروة الرأس: يُجري الطبيب المختص فحصًا سريريًا دقيقًا لتحديد نوع الصلع (وراثي، موضعي، منتشر) وتحديد مدى كثافة الشعر في المنطقة المانحة (غالبًا في مؤخرة الرأس).

• الفحوصات المخبرية: يتم إجراء تحاليل دم للكشف عن أي خلل في الهرمونات أو مستويات الفيتامينات (مثل فيتامين D، B12، الحديد) أو وجود التهابات.

هذا التشخيص يشكل الأساس الذي يحدد قابلية المريض للعملية ونوع التقنية المستخدمة وخطة توزيع البصيلات.

المرحلة الثانية: التحضير للعملية

قبل تنفيذ عملية زراعة الشعر، يجب تحضير المريض من النواحي الجسدية والنفسية. وتشمل هذه المرحلة ما يلي:

• توقيف بعض الأدوية: يُطلب من المريض التوقف عن تناول مضادات التخثر، الأسبرين، ومكملات فيتامين E لمدة 7 إلى 10 أيام قبل العملية.

• غسل الشعر بمستحضرات طبية: لتقليل خطر العدوى، يُطلب من المريض استخدام شامبو مضاد للبكتيريا قبل يوم العملية.

• الامتناع عن التدخين والكحول: يُنصح بالتوقف عن التدخين والكحول لمدة لا تقل عن أسبوع قبل وبعد العملية، لتفادي تقليل تدفق الدم إلى فروة الرأس.

• التوثيق الفوتوغرافي: يتم التقاط صور لمناطق الصلع والمنطقة المانحة لتوثيق الحالة قبل وبعد العملية.

المرحلة الثالثة: التخدير الموضعي

تُجرى معظم عمليات زراعة الشعر تحت التخدير الموضعي لتفادي الألم أثناء الجراحة. ويتم حقن المخدر في المنطقة المانحة والمنطقة المستقبِلة باستخدام إبر دقيقة جدًا. وتُفضل هذه الطريقة لأنها أقل خطورة من التخدير العام ولا تؤثر على وعي المريض.

المرحلة الرابعة: اقتطاف البصيلات (تقنية FUE أو DHI)

تعتمد طريقة اقتطاف البصيلات على التقنية المستخدمة في العملية، وهي مرحلة حساسة ودقيقة تستغرق وقتًا طويلاً وتُنفّذ بأجهزة عالية الدقة. من أبرز التقنيات:

تعتمد جودة هذه المرحلة على مهارة الطبيب وخبرته في الحفاظ على البصيلات دون تلف أثناء الاقتطاف.

المرحلة الخامسة: إعداد البصيلات

بعد الاقتطاف، يتم نقل البصيلات إلى وسط بارد ومعقم لحفظها حتى زراعتها. ويقوم الفريق الطبي بفحص كل بصيلة تحت المجهر لتحديد عدد الشعيرات في كل وحدة (عادة من شعرة إلى أربع). يتم بعد ذلك تصنيفها إلى مجموعات حسب عدد الشعيرات، ما يسهم في تحقيق توزيع جمالي طبيعي.

المرحلة السادسة: فتح القنوات في المنطقة المستقبلة

في هذه المرحلة يتم فتح فتحات دقيقة جدًا في فروة الرأس حيث سيتم زرع البصيلات. تختلف زاوية واتجاه وعمق كل فتحة بحسب:

• كثافة الشعر الطبيعي المحيط.

• اتجاه نمو الشعر الأصلي.

• المنطقة المزروعة (خط المقدمة، التاج، الجوانب).

تُعد هذه المرحلة الأهم من حيث التأثير الجمالي النهائي للعملية. استخدام ميكروأدوات دقيقة يضمن نتائج أكثر دقة ومظهرًا طبيعيًا.

المرحلة السابعة: زراعة البصيلات

يتم زرع البصيلات واحدة تلو الأخرى في القنوات المفتوحة باستخدام ملقط دقيق أو قلم تشوي في تقنية DHI. ويشرف الطبيب على التوزيع لضمان:

• كثافة متجانسة.

• خط مقدمة طبيعي.

• دمج سلس مع الشعر الأصلي.

تُعد هذه المرحلة الأطول زمنيًا والأكثر دقة، وتتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الطاقم الطبي بأكمله.

المرحلة الثامنة: ما بعد العملية الفورية

بعد الانتهاء من الزراعة، يتم إعطاء المريض التعليمات التالية:

• تغطية الرأس بضماد خفيف لمدة 24 ساعة.

• تجنب لمس أو غسل المنطقة المزروعة.

• تناول مضادات حيوية ومضادات التهاب لمدة 5 أيام.

• النوم بوضعية مرفوعة لتقليل التورم.

• مراجعة الطبيب بعد 2-3 أيام لفك الضماد.

غالبًا ما يُلاحظ تورم خفيف واحمرار خلال الأيام الأولى، وهو أمر طبيعي يزول تدريجيًا.

المرحلة التاسعة: فترة التعافي والنمو

تمر نتائج زراعة الشعر بعدة مراحل حتى يظهر الشعر الجديد بشكل نهائي:

1. الأسبوع الأول إلى الثالث:

   • تساقط الشعر المزروع مؤقتًا (ظاهرة “shock loss”).

   • يُحتفظ بجذر البصيلة فقط.

2. الشهر الثاني إلى الرابع:

   • تبدأ البصيلات بالنشاط، ويبدأ الشعر بالنمو ببطء.

   • قد يظهر حب الشباب نتيجة لنمو الشعر الجديد.

3. الشهر الخامس إلى الثامن:

   • زيادة تدريجية في كثافة الشعر وظهور نتائج أولية ملحوظة.

   • تحسن واضح في خط الشعر الأمامي.

4. من الشهر التاسع إلى الثاني عشر:

   • اكتمال نتائج الزراعة بنسبة 80-90%.

   • الشعر يصبح أكثر سماكة وطولًا.

المرحلة العاشرة: المتابعة والعناية المستمرة

العناية بالشعر بعد الزراعة عامل حاسم للحفاظ على النتائج. وتشمل التوصيات:

• استخدام شامبو خفيف وخالٍ من الكبريتات.

• تجنب استخدام منتجات تصفيف الشعر الكيميائية القوية.

• الامتناع عن صبغ الشعر لمدة 6 أشهر.

• تناول مكملات الفيتامينات مثل البيوتين والزنك.

• إجراء جلسات PRP (حقن البلازما) للمساعدة في تغذية الشعر.

• مراقبة التساقط الدوري، لأن الزراعة لا تمنع تساقط الشعر الأصلي غير المزروع.

خاتمة معلوماتية

تُعد زراعة الشعر إجراءً دقيقًا يتطلب دراسة واهتمامًا بكل مرحلة من مراحله، بدءًا من التقييم الأولي، مرورًا بالاقتطاف والزراعة، وصولًا إلى المتابعة طويلة المدى. نجاح هذه العملية يعتمد على عدة عوامل مجتمعة: كفاءة الفريق الطبي، جودة البصيلات، مدى التزام المريض بالتعليمات، واختيار التقنية المناسبة لكل حالة. وتكمن أهمية فهم هذه المراحل في تمكين المريض من اتخاذ القرار المناسب وتوقع النتائج الواقعية ومعرفة كيفية العناية بالشعر الجديد لضمان ديمومة النتائج.

المراجع:

1. Bernstein Medical – Center for Hair Restoration. (2023). “Hair Transplant Basics.”

2. International Society of Hair Restoration Surgery (ISHRS), Annual Reports.