مدة حياة سيدنا موسى عليه السلام

كم عاش سيدنا موسى عليه السلام؟

سيدنا موسى عليه السلام هو أحد أعظم الأنبياء الذين بعثهم الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، ويعد من الشخصيات المهمة في الدين الإسلامي، وكذلك في الديانات السماوية الأخرى مثل اليهودية والمسيحية. لقد عاش موسى عليه السلام حياة مليئة بالمعجزات، والمواقف العظيمة التي ساهمت في تغيير مجرى التاريخ. السؤال حول مدة حياة سيدنا موسى عليه السلام هو من الأسئلة التي أثارت اهتمام العلماء والمفسرين، وقد اختلفت الآراء حولها استنادًا إلى النصوص الدينية والروايات التاريخية. في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بحياة سيدنا موسى عليه السلام، من ولادته إلى وفاته، مرورًا بتفاصيل حياته ومراحلها المختلفة، مع التركيز على تحديد إجابة دقيقة حول مدة حياته وفقًا لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

ولادة سيدنا موسى عليه السلام

ولد موسى عليه السلام في فترة كان فيها فرعون مصر قد طغى في الأرض، وفرض ظلمًا شديدًا على بني إسرائيل، حيث كانت الأوامر صادرة من فرعون بقتل كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل بسبب الخوف الذي انتابه من نبوءة تفيد أن مولودًا من بني إسرائيل سيقضي على حكمه. وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: “إِنَّ فِرْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ جَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ فَاسِقًا” (القصص: 4).

ورغم ذلك، شاءت إرادة الله أن يولد موسى في تلك الفترة العصيبة. وقد أمر الله تعالى والدته أن تلقيه في اليم (النهر) بعد أن حملته في قلبها، فاستجابت لأمر الله وألقته في النهر. وكان من تقدير الله أن وصل موسى إلى قصر فرعون، حيث وجدته زوجة فرعون، فقررت أن تأخذه ليكون لها ولدًا، فكان ذلك بداية رحلة موسى عليه السلام في حياة مليئة بالمعجزات.

سنوات موسى في قصر فرعون

مكث موسى عليه السلام في قصر فرعون كطفل رُبّي على يد امرأة فرعون التي كانت تحبه وتعتني به. ولكن موسى كان يعلم منذ صغره أنه ليس من أبناء فرعون، ولذلك تميزت حياته في القصر بالغرابة. وعاش في القصر حتى بلغ سن الشباب. وفي تلك الفترة حدثت حادثة قتل المصري الذي كان يضرب أحد بني إسرائيل، فدافع موسى عن بني إسرائيل وقتل المصري. وهذا الحادث كان سببًا في هروبه من مصر خوفًا من أن يبطش به فرعون، فخرج من مصر إلى مدين، حيث عاش فترة من حياته.

حياة موسى في مدين

في مدين، وجد موسى عليه السلام نفسه في مكان آمن، وعاش هناك مع رجل صالح يُدعى شعيب عليه السلام. وقام موسى عليه السلام بالعمل مع شعيب ورعايته له، حتى تزوج من إحدى بناته. هنا، بدأت فترة أخرى من حياة موسى عليه السلام، وهي فترة الهدوء والسكينة، بعيدًا عن مضطربات مصر، ولكن الله تعالى أراد أن يعيده إلى مصر مرة أخرى ليحقق مهمته الكبرى.

دعوة موسى عليه السلام إلى فرعون

لقد تلقى موسى عليه السلام من الله تعالى أمرًا بالعودة إلى مصر، ليواجه فرعون ويعلن له رسالته. وكان هذا بداية التحديات الكبرى في حياة موسى. فقد قام موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون، وكشف له عن دعوته ونبوته. قال الله تعالى في كتابه الكريم: “اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ” (النازعات: 17). وبعد عدة محاولات لإقناع فرعون بدعوته، أظهر الله تعالى له العديد من المعجزات، مثل العصا التي تحولت إلى ثعبان، واليد التي أضاءت. رغم ذلك، ظل فرعون مكابرًا وجاحدًا، ورفض الإيمان برسالة موسى عليه السلام.

معجزات موسى عليه السلام

من أعظم المعجزات التي أيد الله بها موسى عليه السلام كانت معجزة البحر، حينما أمر الله تعالى موسى أن يضرب بعصاه البحر، فانفلق البحر ليعبر بني إسرائيل من مصر إلى الأرض المقدسة. هذه الحادثة تمثل أحد أبرز المعجزات التي أظهرت قوة الله وعظمته. ثم، بعد أن عبر بني إسرائيل البحر، أغرق الله فرعون وجنوده حين حاولوا اللحاق بهم. هذه الحادثة تعد من أبرز الأحداث التي ساهمت في تعزيز مكانة موسى عليه السلام، وإثبات صدق رسالته.

مدة حياة موسى عليه السلام

فيما يتعلق بمقدار الزمن الذي عاشه موسى عليه السلام، فإن القرآن الكريم لا يذكر بشكل دقيق عدد السنوات التي عاشها. ومع ذلك، هناك بعض الروايات التاريخية التي تشير إلى أن موسى عليه السلام عاش حوالي 120 عامًا. ويعتمد هذا التقدير على بعض الأحاديث التي تشير إلى مدة حياة الأنبياء بشكل عام. وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: “موسى عليه السلام عاش مائة وعشرين سنة، سبعون منها في مصر، وثلاثون في مدين، وعشرون في التيه.”

ويستند هذا التفسير أيضًا إلى ما ورد في العديد من التفاسير التي أوردها العلماء حول حياة الأنبياء، حيث يتم تحديد الأعمار بناءً على ما تم ذكره في نصوص معينة، مثل عمر موسى عليه السلام عند وفاته في القرآن الكريم وفي بعض الأحاديث النبوية الشريفة.

وفاة موسى عليه السلام

فيما يتعلق بوفاة موسى عليه السلام، فقد اختلف العلماء حول مكان وزمان وفاته. هناك رأي يفيد بأن موسى عليه السلام توفي في أرض التيه، حيث قضى آخر سنوات حياته في تلك المنطقة، بعد أن قضى أربعين عامًا في قيادة بني إسرائيل وتوجيههم. ومن المهم أن نذكر أن وفاة موسى عليه السلام كانت بعيدة عن الأنظار البشرية، حيث نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “فَجَاءَ المَلَكُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَمَاتَهُ”. وهذا يدل على أن وفاة موسى عليه السلام كانت بأمر من الله سبحانه وتعالى.

الخلاصة

في النهاية، فإن حياة موسى عليه السلام كانت مليئة بالمعجزات والتحديات العظيمة. عاش موسى حياة طويلة، حسب الروايات التاريخية، قد تصل إلى 120 عامًا، لكنه أظهر خلالها الكثير من الصبر والعزم في مواجهة الطغيان والظلم. ومن خلال دعوته، وبما أن الله أيدّه بالعديد من المعجزات، استطاع موسى عليه السلام أن يُغير مجرى التاريخ، ليكون أحد أعظم الأنبياء الذين أرسلهم الله للبشرية.