في كتابه المثير للفكر والتحليل العميق، يقدم الكاتب يوسف اليوسف تحليلاً مفصلاً وموثقاً للأسباب التي أدت إلى فشل دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق التنمية والأمن خلال مدة تزيد عن أربعة عقود. يعتبر الكتاب نقطة انطلاق حيوية لفهم التحديات التي واجهت هذه الدول وكشف الستار عن الجوانب المظلمة والتحولات الكبيرة التي شهدتها.
يركز اليوسف في تفحصه على مثلث الوراثة والنفط والتدخلات القوى الأجنبية كعوامل رئيسية في إلقاء الضوء على تلك التحديات. يعزو الكاتب فشل المنطقة إلى تواجدها في مثلث مفرغ، حيث تتقاطع فيه قضايا الوراثة السياسية وثراء الموارد النفطية وتأثير القوى الأجنبية.
عندما نلقي نظرة على الأضلاع الثلاثة لهذا المثلث، نجد أن النُظُم السياسية الوراثية تشكل أحد أضلاعه، حيث يتمتع الحكم في هذه الدول بطابع وراثي ينعكس على استقرار السياسة واستمرارية الحكم. يرفع اليوسف للتحليل النقدي العميق لهذه النُظُم وكيف أنها قد أثرت سلباً على تحقيق التنمية المستدامة.
وفي الضلع الثاني، يسلط الضوء على الثروة النفطية وكيف أنها، بالرغم من كونها مصدر غني، إلا أنها كانت سبباً رئيسياً في تقويض جهود التنمية. يستعرض اليوسف كيف أن تلك الثروة قد أثرت في التوزيع غير المتساوي للثروة وزيادة التباين الاقتصادي، مما قوض فرص تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وفي الضلع الأخير، يتناول الكاتب تأثير التدخلات القوى الأجنبية على الساحة الخليجية. يفحص بعناية كيف أن تداخل القوى الخارجية قد أدى إلى استقرار هش وتحولات سياسية مستمرة، مما أثر سلبًا على قدرة هذه الدول على تحقيق الأمان والاستقرار الداخلي.
يتألق الكتاب بأسلوبه السلس والقوي، مدعومًا بتوثيق دقيق وتحليل شامل. يشكل هذا العمل الأدبي البحثي إضافة قيمة إلى ميدان الأدب الاقتصادي، حيث يقدم فهمًا عميقًا لتحديات مجلس التعاون الخليجي، مما يجعله قراءة لا غنى عنها للمهتمين بالشؤون الاقتصادية والسياسية في المنطقة.