متى يجب إضافة قسم الموارد البشرية إلى الشركة؟
تعد إدارة الموارد البشرية من الركائز الأساسية التي تساهم في نجاح واستدامة أي شركة. ومع تزايد التحديات والمنافسة في بيئات الأعمال الحديثة، أصبح من الضروري أن تكون هناك إدارة متخصصة تهتم بشؤون الموظفين وتضمن استثمارهم الأمثل في مصلحة المنظمة. لكن مع تطور الشركات ونموها، يبقى السؤال الهام هو: متى يجب أن تتم إضافة قسم الموارد البشرية إلى الشركة؟ في هذا المقال، سوف نستعرض الحاجة الملحة لإضافة قسم للموارد البشرية في الشركات، ومتى يمكن اعتبار وجوده ضرورة أساسية.
مراحل تطور الشركات وأهمية الموارد البشرية
مع بدء تأسيس أي شركة، يتركز الاهتمام على المنتج أو الخدمة المقدمة، فضلاً عن العمليات التشغيلية والتسويقية التي تُؤثر مباشرة على سير العمل وزيادة الإيرادات. في هذه المرحلة، قد يقتصر العمل على مجموعة صغيرة من الأفراد الذين يتعاونون معاً لتحقيق الأهداف الرئيسية للمنظمة. لكن مع مرور الوقت، يبدأ النمو التنظيمي للشركة في تسريع احتياجها لقسم متخصص يتولى إدارة شؤون الموظفين بشكل احترافي.
في بداية الأمر، قد لا يحتاج الفريق المؤسس لشركة ناشئة إلى قسم مستقل للموارد البشرية، حيث يمكن لأحد المسؤولين عن الإدارة أو المؤسسين أن يتولى المهام المتعلقة بالتوظيف والتطوير وإدارة الأداء. ولكن مع زيادة عدد الموظفين وتعدد المهام، يصبح من الضروري أن يتم تخصيص قسم الموارد البشرية لضمان سير العمل بشكل منظم وأكثر كفاءة.
العلامات التي تشير إلى ضرورة إضافة قسم الموارد البشرية
-
تزايد عدد الموظفين
عندما يبدأ عدد الموظفين في الزيادة بشكل ملحوظ، يصبح من الصعب على المديرين أو المؤسسين التعامل مع كل جانب من جوانب شؤون الموظفين. في هذه الحالة، يكون من الأفضل تخصيص إدارة متخصصة تتولى مسؤوليات التوظيف، متابعة الأداء، توفير التدريب، وتطبيق سياسات العمل. وجود قسم خاص يعني أن هناك شخصًا أو فريقًا مخصصًا لجميع أمور الموظفين بدلاً من تحمل عبء هذه المهام على الإدارة العليا، مما يسهم في تقليل الضغط التنظيمي. -
تنوع الأدوار والوظائف داخل الشركة
عندما تنمو الشركة وتن diversify عملياتها، يصبح من الضروري أن يكون هناك تفاعل مستمر بين الأقسام المختلفة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة. وفي مثل هذه الحالة، يكون قسم الموارد البشرية هو الجهة المثلى لتنظيم العلاقة بين الموظفين المتنوعين. هذا يضمن تنسيقًا فعالًا في التعامل مع كل الأقسام وتقديم الدعم اللازم في مجالات التوظيف، التطوير، وتوفير بيئة عمل تحفز الإنتاجية. -
الحاجة إلى تطوير سياسات العمل
مع نمو الشركة، يصبح من الضروري وضع سياسات واضحة وفعّالة للعمل، مثل سياسات التوظيف، إدارة الأداء، الفوائد، الإجازات، والحقوق الوظيفية الأخرى. في هذه المرحلة، يتحتم أن يكون هناك شخص مختص بوضع هذه السياسات وتنفيذها ومراجعتها بشكل دوري. وجود قسم للموارد البشرية يضمن أن جميع السياسات تتماشى مع القوانين المحلية والدولية وتخدم مصلحة كل من الموظفين والشركة. -
التحديات القانونية والإدارية
عندما تكبر الشركة وتصبح جزءًا من السوق الأوسع، تصبح الالتزامات القانونية والإدارية أكثر تعقيدًا. من المهم في هذه الحالة وجود شخص مختص في الموارد البشرية لضمان الامتثال لجميع القوانين المتعلقة بالعمالة، مثل قوانين العمل، حقوق الموظفين، وقوانين الأمان الوظيفي. قسم الموارد البشرية يساهم في تقليل المخاطر القانونية من خلال ضمان الالتزام الكامل بالقوانين المحلية والدولية، مما يحمي الشركة من القضايا القانونية المكلفة. -
الحاجة إلى تحسين بيئة العمل وزيادة إنتاجية الموظفين
عندما تتحقق بعض من هذه المؤشرات، وتبدأ بيئة العمل في التأثر بسبب التحديات المختلفة، مثل سوء التواصل، تزايد التوترات بين الموظفين، أو تراجع الروح المعنوية، يصبح من الضروري تخصيص قسم للموارد البشرية للعمل على تحسين هذه البيئة. قسم الموارد البشرية يعنى بتعزيز بيئة العمل من خلال برامج تدريبية، ورش عمل للتطوير الشخصي، وتقديم الدعم اللازم للموظفين لحل المشاكل التي قد تؤثر سلبًا على إنتاجيتهم. ويعد تحفيز الموظفين وضمان رضاهم أحد الأهداف الأساسية التي يسعى قسم الموارد البشرية لتحقيقها. -
الحاجة إلى تطبيق استراتيجيات التوظيف الجيدة
في ظل المنافسة الشديدة بين الشركات لجذب أفضل الكفاءات، يصبح من الضروري أن يتم تخصيص قسم للموراد البشرية لتنفيذ استراتيجيات توظيف فعّالة. هذا القسم يمكنه من التعامل مع تحديات التوظيف واختيار الأشخاص المناسبين في المناصب المناسبة لضمان استمرار نمو الشركة. استراتيجيات التوظيف المدروسة تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستقبل الشركة من خلال اختيار موظفين ذوي مهارات عالية. -
الاهتمام بتطوير مهارات الموظفين
في الشركات التي تشهد نموًا وتوسعًا، يصبح من الضروري تقديم برامج تدريبية مستمرة للموظفين. وهذا يساهم في تطوير مهاراتهم مما ينعكس إيجابًا على أداء الشركة. كما أن قسم الموارد البشرية هو المسؤول عن تحديد الاحتياجات التدريبية والتطويرية للموظفين، وهو أيضًا من يضع آليات قياس التقدم في هذه البرامج. -
الحاجة إلى الاهتمام بالعلاقات الداخلية
في بيئة العمل المتنامية، من الممكن أن تظهر بعض التحديات المتعلقة بالعلاقات بين الموظفين أو بينهم وبين الإدارة. من خلال وجود قسم متخصص في الموارد البشرية، يمكن إدارة هذه العلاقات بفعالية. يتمثل دور هذا القسم في توفير حل النزاعات بين الموظفين وضمان التواصل الفعّال بين الجميع من خلال آليات شفافة وقائمة على الثقة والاحترام المتبادل.
متى يجب أن يتم تأسيس قسم الموارد البشرية؟
من الناحية العملية، لا توجد قاعدة ثابتة تحدد الوقت المثالي لإضافة قسم للموارد البشرية، إذ يختلف ذلك من شركة إلى أخرى بناءً على حجمها، قطاعها، وأهدافها التنظيمية. ومع ذلك، يمكننا تحديد بعض المؤشرات الرئيسية التي يجب على أصحاب الشركات أن يأخذوها في الاعتبار عند التفكير في إنشاء هذا القسم:
-
في مرحلة النمو المبكر والمتوسط:
في هذه المرحلة، عندما يتجاوز عدد الموظفين في الشركة الـ 30 موظفًا، يبدأ منسوب العمل المتعلق بالموارد البشرية في التزايد بشكل ملحوظ. قد يتطلب الأمر تعيين شخص متخصص أو إنشاء قسم منفصل يتولى المسؤولية عن جميع المهام المرتبطة بالموارد البشرية، بدءًا من التوظيف حتى التقييم الوظيفي. -
عند الحاجة إلى هيكلة متكاملة:
إذا كانت الشركة تخطط للنمو بشكل مستدام وتوسيع فرق العمل، فإنه يصبح من الضروري أن يكون هناك هيكل تنظيمي متخصص وفعّال، يشمل قسمًا للموارد البشرية. في هذه المرحلة، يعتبر هذا القسم أداة حيوية للمساعدة في بناء الثقافة المؤسسية وتعزيز التواصل بين الموظفين والإدارة. -
عند الرغبة في الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين:
إذا كان الهدف هو ضمان استمرارية واحتفاظ الشركة بأفضل المواهب لديها، فإن وجود قسم متخصص للموارد البشرية يصبح ضرورة لتطوير استراتيجيات الاحتفاظ بالموظفين وتقديم برامج تحفيزية فاعلة.
الخلاصة
من الواضح أن وجود قسم الموارد البشرية يعتبر أمرًا أساسيًا في مرحلة معينة من نمو أي شركة. مع تزايد عدد الموظفين وتنوع الأعمال، يزداد الحاجة إلى إدارة متخصصة لتنظيم شؤون الموظفين وتحقيق التوازن بين احتياجاتهم واحتياجات الشركة. من خلال تخصيص قسم للموارد البشرية، يمكن للشركات ضمان بيئة عمل مستدامة، رفع كفاءة الموظفين، وتقليل المخاطر القانونية.
