متى يعرف الطفل اسمه؟
تعد مرحلة نمو الطفل من أبرز الفترات التي تشهد تطورات عقلية وحسية متسارعة، حيث يبدأ الطفل في التعرف على العالم من حوله تدريجيًا. واحدة من أبرز المهارات التي يتمكن الطفل من إتقانها في مرحلة مبكرة هي التعرف على اسمه، وهي لحظة مشوقة بالنسبة للآباء والأمهات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: متى يبدأ الطفل في التعرف على اسمه؟ وما هي العوامل التي تؤثر في هذه العملية؟
مرحلة الولادة إلى 6 أشهر
في الأشهر الأولى من حياة الطفل، لا يمكنه بشكل مباشر فهم أو التعرف على اسمه. في هذه المرحلة، يكون الطفل في حالة من التفاعل البدائي مع العالم الخارجي، حيث يتمثل تركيزه في الطعام، الراحة، والأصوات المحيطة به. رغم ذلك، يبدأ الطفل في هذه الفترة بتعلم تمييز الأصوات المختلفة، بما في ذلك أصوات الوالدين والأشخاص القريبين منه.
على الرغم من أن الطفل في هذه المرحلة لا يفهم معنى اسمه، فإنه يستجيب للأصوات التي يسمعها بشكل متكرر. في هذه الفترة، تكون أذن الطفل حساسة للغاية تجاه الأصوات من حوله، وتبدأ في التفاعل مع الأصوات البشرية عن طريق الاستجابة البصرية أو الحركية البسيطة، مثل تحريك العينين أو الابتسامة عندما يسمع صوت أحد الوالدين أو شخصًا معتادًا عليه.
من 6 إلى 9 أشهر
بحلول نهاية الستة أشهر الأولى، يكتسب الطفل القدرة على فهم الأصوات بشكل أفضل، وتبدأ أذنه في التعرف على بعض الأصوات المألوفة، بما في ذلك اسمه. من خلال التكرار، يصبح الطفل قادرًا على تمييز صوت اسمه عن باقي الأصوات. يمكن أن يبدأ الطفل في الاستجابة بشكل طفيف عندما يُذكر اسمه، سواء كان ذلك بنظرة أو حركة رأس بسيطة.
في هذه المرحلة، يمكن أن يبدأ الطفل في اكتساب نوع من التفاعل عندما يُنادى عليه باسمه. يوضح هذا التفاعل قدرة الطفل على تحديد الأصوات المألوفة له، ورغم أنه لم يصل بعد إلى مرحلة الوعي الكامل بمعنى اسمه، فإنه يبدأ في ربط الصوت بشخصه.
من 9 إلى 12 شهرًا
بحلول الشهر التاسع، تبدأ قدرة الطفل على التعرف على اسمه بشكل أكثر وضوحًا. في هذه الفترة، يكون الطفل قد بدأ في تطوير الذاكرة السمعية، مما يعزز تفاعله مع المحيطين به. عندما يسمع الطفل اسمه يُنادى عليه، قد يبدأ في إظهار استجابة ملحوظة مثل الابتسام، تحريك يديه، أو حتى محاولة تحريك رأسه في الاتجاه الذي يعتقد أن الصوت يأتي منه.
مع ذلك، في هذه الفترة، لم يبدأ الطفل بعد في فهم المعنى الكامل لاسمه أو ارتباطه به ككائن مستقل. هو ببساطة يعرف أن هناك شيء مميز يحدث عندما يسمع هذا الصوت بشكل متكرر. يُظهر الطفل استجابة نحو هذا الصوت بسبب التعرف المتزايد على المحيط والأشخاص المألوفين.
من 12 إلى 18 شهرًا
بحلول سن 12 إلى 18 شهرًا، يبدأ الطفل في فهم المزيد من الكلمات والعبارات البسيطة. في هذه المرحلة، يتطور الإدراك اللغوي عند الطفل بشكل كبير، حيث يبدأ في ربط الكلمات مع المعاني. عندما يُنادى عليه باسمه، يبدأ في فهم أن الصوت المرتبط به يعني أنه هو المقصود. يصبح الاسم في هذه المرحلة أكثر من مجرد صوت مميز، بل يبدأ الطفل في إدراكه كجزء من هويته.
عادةً، يبدأ الأطفال في هذه المرحلة بالاستجابة بشكل أكثر دقة لاسمهم، سواء عن طريق التفاعل مع الأشخاص الذين ينادونهم أو عن طريق البحث عن الشخص الذي يصرخ اسمه. هذه المرحلة تكون غالبًا بداية الوعي الاجتماعي، حيث يفهم الطفل بشكل مبدئي أنه كائن منفصل وله اسم يميّزه عن الآخرين.
من 18 إلى 24 شهرًا
في هذه المرحلة، يصبح الطفل أكثر تطورًا من الناحية اللغوية. يبدأ الطفل في التعبير عن نفسه باستخدام الكلمات، ويصبح أكثر قدرة على تمييز الأوامر والمفاهيم البسيطة. عند مناداة الطفل باسمه، قد يبدأ في الرد بشكل متوقع وواضح. يُظهر الطفل هنا ارتباطًا أوثق بين اسمه وهويته الذاتية. كما يبدأ الطفل في تكرار بعض الكلمات، بما في ذلك اسمه، كجزء من محاولاته لتعلم اللغة.
في هذه المرحلة، يلاحظ الآباء أن الطفل يبدأ في استخدام اسمه بشكل مستقل أحيانًا. في بعض الأحيان، قد يبدأ الطفل في مناداة نفسه باسمه في حالات اللعب أو التفاعل مع الآخرين، مما يعكس مستوى متقدمًا من الفهم.
العوامل المؤثرة في تعرف الطفل على اسمه
لا يمكن تحديد عمر ثابت يبدأ فيه الطفل في التعرف على اسمه، حيث أن هذه العملية تعتمد على عدة عوامل:
-
البيئة المحيطة: تكرار مناداة الطفل باسمه في مواقف متنوعة يساعده على التعرف عليه بشكل أسرع. إذا كان الوالدان وغيرهم من الأشخاص المحيطين بالطفل يستخدمون اسمه بشكل منتظم، فإن الطفل سيتعرف عليه بسرعة أكبر.
-
التفاعل الاجتماعي: الأطفال الذين ينمون في بيئة تفاعلية ومشجعة على التحدث معهم واستخدام أسمائهم في محادثات منتظمة، عادةً ما يبدأون في التعرف على أسمائهم بشكل أسرع.
-
القدرة السمعية: بعض الأطفال قد يواجهون صعوبة في التمييز بين الأصوات بسبب اختلافات في السمع، مما قد يؤخر التعرف على أسمائهم. إذا كانت قدرة الطفل السمعية منخفضة، فقد يحتاج إلى وقت أطول حتى يبدأ في التفاعل مع اسمه بشكل ملحوظ.
-
التطور العام للطفل: بعض الأطفال يظهرون تطورًا أسرع في مهارات التعرف على الأسماء، بينما قد يستغرق آخرون وقتًا أطول. تختلف سرعة نمو الأطفال من طفل لآخر، وهذا يشمل أيضًا التعرف على اسمه.
-
التفاعل العاطفي: الأطفال الذين يواجهون استجابة عاطفية من والديهم أو من الأشخاص المحيطين بهم عندما يسمعون اسمهم قد يربطون الصوت بشعور إيجابي، مما يعزز تفاعلاتهم مع اسمهم.
خلاصة
إن عملية تعرف الطفل على اسمه ليست ثابتة أو مفاجئة، بل هي جزء من تطور الطفل الاجتماعي واللغوي. يبدأ الطفل في التفاعل مع اسمه في مراحل مبكرة من حياته، ويستمر في تنمية فهمه لهذه الكلمة مع تقدم عمره. يبدأ الطفل في تمييز اسمه في الأشهر الأولى من حياته، ومع مرور الوقت، يزداد وعيه بهويته الذاتية، ويتطور فهمه للغة والارتباط بين الكلمات والمعاني.
