في أي شهر يمشي الطفل: مراحل المشي وتطور الحركة عند الرضع

يمثل المشي أحد أهم الإنجازات الحركية التي يحققها الطفل خلال سنواته الأولى، فهو علامة بارزة على نموه الجسدي والعقلي والاجتماعي. يسعى العديد من الآباء لمعرفة متى يبدأ طفلهم بالمشي، متى تكون تلك الخطوة متوقعة، وما هي المراحل التي يمر بها الطفل قبل أن يبدأ بالتحرك مستقلاً على قدميه. هذا المقال يستعرض بالتفصيل مراحل تطور المشي عند الأطفال، العوامل التي تؤثر على توقيت المشي، وأهمية كل مرحلة في النمو الحركي.

مفهوم المشي عند الطفل وأهميته

المشي هو حركة متقدمة تعتمد على توازن الجسم، قوة العضلات، التنسيق بين الأطراف، والقدرة على التفاعل الحسي والحركي مع المحيط. يبدأ الطفل منذ الولادة في مراحل متتابعة من التحكم في حركات جسده، بدءًا من رفع الرأس، الجلوس، الزحف، والوقوف، ثم المشي.

تمكن الطفل من المشي ليست فقط مسألة حركية، بل هي أيضًا مؤشر على تطور الجهاز العصبي المركزي، صحة العضلات والعظام، وتطور الإدراك الحسي. كما أن المشي يفتح أمام الطفل آفاقاً أوسع لاستكشاف بيئته، مما ينعكس إيجابًا على تنمية مهاراته الاجتماعية واللغوية.

متى يبدأ الطفل بالمشي عادة؟

يختلف توقيت بداية المشي من طفل لآخر، ويعتمد على عوامل متعددة منها الوراثة، البيئة، التغذية، والدعم الحركي المقدم له. عمومًا، يبدأ الأطفال بمحاولة المشي بين عمر 9 أشهر و18 شهرًا، مع نسبة كبيرة تبدأ المشي المستقل ما بين 12 و15 شهرًا.

في الغالب، يبدأ الطفل بالمشي في الشهر الـ12 تقريبًا، لكن هناك من يمشي قبل ذلك أو بعده بفترة، وهذا أمر طبيعي ما لم يصاحب التأخر علامات مرضية أو مشكلات في النمو.

مراحل تطور المشي عند الطفل

يمكن تقسيم تطور المشي إلى عدة مراحل متتابعة تؤدي في نهايتها إلى المشي المستقل:

1. السيطرة على الرأس والجلوس (من الولادة إلى 6 أشهر)

في هذه المرحلة يكتسب الطفل القدرة على التحكم برأسه، وهو أساس هام لتطوير التوازن لاحقًا. بعد ذلك يبدأ في الجلوس بمساعدة ثم بمفرده، مما يطور من قوته العضلية واستقراره.

2. الزحف والزحف على اليدين والركب (من 6 إلى 10 أشهر)

يمر الطفل بمرحلة الزحف، وهي تمهد لتقوية عضلات اليدين والقدمين والظهر، كما تنمي تنسيق الحركة بين الأعضاء المختلفة، ما يساهم في الاستعداد للوقوف والمشي.

3. الوقوف مع المساعدة (من 9 إلى 12 شهرًا)

يبدأ الطفل في محاولة الوقوف مستندًا على الأثاث أو يد أحد الأشخاص. هذه المرحلة حرجة لتطوير توازن الجسم وقوة الأرجل، ويبدأ الطفل في تجربة نقل الوزن من قدم إلى أخرى.

4. المشي بالمساندة أو الإمساك بالأثاث (من 10 إلى 14 شهرًا)

في هذه المرحلة يمشي الطفل إمساكًا بالأثاث (المشي المساند) أو يمشي مع يد أحد الأشخاص، ويبدأ في تنمية ثقة أكبر في الحركة والتوازن.

5. المشي المستقل (من 12 إلى 18 شهرًا)

مع نمو العضلات وتطور التوازن، يبدأ الطفل بالمشي بدون دعم، غالبًا ما تكون الخطوات قصيرة ومترددة في البداية، ثم يزداد الثبات تدريجياً مع زيادة الخبرة.

العوامل التي تؤثر على توقيت المشي

تختلف سرعة تطور المشي بين الأطفال تبعًا لعدة عوامل، أهمها:

• العوامل الوراثية: تاريخ المشي في العائلة يمكن أن يؤثر على سرعة اكتساب الطفل لهذه المهارة.

• الوزن والطول: الأطفال الذين يعانون من زيادة في الوزن قد يتأخرون في المشي نتيجة لصعوبة حمل وزنهم.

• التغذية: نقص بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين د والكالسيوم، قد يؤثر على قوة العظام والعضلات.

• الصحة العامة: بعض الأمراض أو الحالات الطبية مثل الشلل الدماغي أو مشاكل في العضلات قد تؤخر المشي.

• البيئة والتشجيع: توفير بيئة محفزة وآمنة للطفل تساعده على استكشاف الحركة وتشجيعه على المحاولة.

• النمط الحركي: الطفل الذي يحصل على فرص أقل للحركة مثل الزحف أو المشي بمساعدة يكون معرضًا للتأخر.

المؤشرات التي تدل على تطور المشي الطبيعي

يمكن للوالدين مراقبة علامات معينة تدل على أن الطفل يتطور في المهارات الحركية بشكل سليم نحو المشي:

• القدرة على الجلوس بدون دعم.

• الزحف أو التنقل على البطن أو اليدين والركب.

• الوقوف بثبات مع أو بدون دعم.

• محاولة المشي مستخدمًا اليدين أو الأثاث.

• المشي قصير الخطوات مستقلاً.

• الحفاظ على التوازن لفترات قصيرة.

التأخر في المشي وأسبابه

يعتبر التأخر في المشي شائعًا بين الأطفال، ويُعرّف عادة بعد تجاوز عمر 18 شهراً دون مشي مستقل، ولكن هذا لا يعني بالضرورة وجود مشكلة صحية. بعض الأسباب الشائعة للتأخر تشمل:

• ضعف العضلات أو تأخر النضج العصبي.

• مشاكل في السمع أو البصر تؤثر على التوازن.

• أمراض وراثية أو تشوهات في العظام.

• نقص فيتامين د أو سوء التغذية.

• عدم وجود حافز أو دعم كافٍ للطفل للحركة.

يجب في حالات التأخر الملاحظ استشارة طبيب مختص لتقييم الحالة بشكل دقيق.

نصائح لتعزيز المشي عند الأطفال

• توفير بيئة آمنة: يجب إزالة الأجسام الحادة أو الخطرة من منطقة تحرك الطفل.

• تشجيع الزحف: إعطاء الطفل مساحة كافية وحوافز للتحرك على الأرض.

• استخدام الألعاب التحفيزية: الألعاب التي تحفز الطفل على الحركة، مثل الكرة أو السيارات الصغيرة.

• المشي بمساندة: مساعدة الطفل بالوقوف والمشي باليدين لتقوية العضلات.

• التفاعل الإيجابي: تشجيع الطفل ومدحه عند تحقيق أي تقدم حركي.

أهمية المشي المبكر والمتأخر

المشي المبكر يمكن أن يدل على تطور جيد في الجهاز العصبي والعضلي، لكن المشي المتأخر ليس بالضرورة سلبيًا إن لم يكن مرتبطًا بمشكلات صحية، فقد يتطور الطفل بوتيرة مختلفة. المهم هو متابعة المهارات الحركية بشكل عام وعدم مقارنة الطفل بالآخرين بشكل مفرط.

جدول يوضح متوسط عمر بداية المشي وفقًا لمراحل النمو

الخلاصة

يمثل المشي مرحلة حيوية في نمو الطفل، ويبدأ عادة بين 9 و18 شهرًا، مع متوسط شائع بين 12 و15 شهرًا. يعتمد توقيت المشي على العديد من العوامل الصحية، الوراثية، والبيئية، ويجب مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال. مراحل تطور المشي تبدأ من التحكم في الرأس، الجلوس، الزحف، الوقوف، المشي بمساعدة، وأخيرًا المشي المستقل. تقديم الدعم والتشجيع الملائمين للطفل يسهل عملية اكتساب هذه المهارة ويعزز نموه الصحي الشامل.

المراجع

1. American Academy of Pediatrics (AAP). Developmental milestones: Walking. https://www.healthychildren.org

2. Mayo Clinic. Infant developmental milestones: Walking. https://www.mayoclinic.org