متى يبدأ الطفل بالضحك؟

متى يضحك الطفل حديث الولادة؟

يعدّ الضحك من أجمل وأهم المعالم التي تدل على نمو وتطور الطفل، كما يعتبره الكثيرون علامة مميزة على السعادة والارتياح. ورغم أن الضحك يُعتبر أحد أشكال التعبير العاطفي للإنسان، فإن توقيت بداية الضحك لدى الأطفال حديثي الولادة يختلف من طفل لآخر، ويعتمد على العديد من العوامل البيولوجية والنمائية.

إن بداية الضحك ليست مجرد حدث مفاجئ، بل هي نتيجة لعدة عمليات معقدة تتداخل فيها العوامل العصبية والعاطفية، كما أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الضحك في مراحل مبكرة من عمر الطفل قد يكون ناتجًا عن بعض الانعكاسات العصبية أو النشاطات الجسدية التي تنعكس على وجه الطفل. وفي هذا المقال، سنغطي جميع الجوانب المتعلقة بالضحك عند الطفل حديث الولادة، بدءًا من وقت ظهور الضحك الفعلي، مرورًا بمراحله، وصولًا إلى تفسيراته المختلفة وأسباب حدوثه.

1. الضحك عند الأطفال حديثي الولادة: بداية المرحلة

في بداية حياة الطفل، أي في الأسابيع الأولى من ولادته، لا يُتوقع أن يبدأ في الضحك بشكل كامل كما يحدث في مرحلة لاحقة من تطوره. لكن يمكن ملاحظة بعض التغيرات البسيطة على وجه الطفل، مثل الابتسامات العفوية أو التقلصات في الوجه، والتي يمكن أن تثير اعتقادًا لدى الأهل بأنها ضحك حقيقي. لكن هذه الابتسامات أو التعبيرات لا تعتبر ضحكًا بمعناه الكامل، بل هي عادة ردود فعل لا إرادية للأحاسيس التي يشعر بها الطفل.

أحيانًا قد يلاحظ الأهل أن الطفل يبتسم عندما يشعر بالراحة أو الارتياح الجسدي، مثل بعد الرضاعة أو أثناء النوم. وهذه الابتسامات قد تكون مرتبطة بنشاط عصبي غير منظم في بداية حياة الطفل. ففي هذه المرحلة، لا يمتلك الطفل القدرة على التحكم الكامل في عضلاته، وهو ما يجعل هذه الابتسامات غير ذات معنى عاطفي في هذا السياق.

2. الضحك الاجتماعي: متى يبدأ؟

يتطور الضحك عند الطفل إلى مرحلة أكثر تحديدًا مع مرور الوقت، وخاصةً عندما يصل الطفل إلى عمر يتراوح بين 4 إلى 6 أشهر. في هذه الفترة، يبدأ الطفل في الرد على المحفزات الخارجية ويظهر ضحكًا حقيقيًا ينم عن استجابة عاطفية. هذا الضحك في هذا العمر يعتبر استجابة اجتماعية، حيث يصبح الطفل قادرًا على التفاعل مع الأشخاص المحيطين به بطريقة أكثر وعيًا.

إن الضحك الاجتماعي هو علامة على نمو وتطور الجهاز العصبي، حيث يبدأ الطفل في إدراك أن ما يحدث حوله يمكن أن يكون مصدرًا للمرح. قد يبدأ الطفل في الضحك استجابة للأصوات المضحكة مثل صوت والدته أو والده، أو حتى استجابة لوجوه مألوفة يتعرف عليها، وهو ما يعدُّ خطوة كبيرة نحو تطوير التفاعل الاجتماعي والعاطفي.

3. تفسير الضحك في مراحل مبكرة:

رغم أن الضحك في مرحلة حديثي الولادة يُعتبر نادرًا، فإن بعض الخبراء يعتقدون أن الضحك قد يحدث كرد فعل فسيولوجي على بعض الأحاسيس التي يمر بها الطفل، مثل التغيرات في حركة الأمعاء أو الشعور بالنشوة أثناء الرضاعة. يمكن أن يتسبب التفاعل بين الأعصاب والعضلات في حدوث تقلصات طفيفة في الوجه، مما يخلق ما يبدو وكأنه ضحك.

في بعض الأحيان، يحدث الضحك عند الأطفال نتيجة لمشاعر فطرية تنبع من إحساسهم بالراحة الجسدية، مثل شعورهم بالامتلاء بعد الرضاعة أو أثناء نومهم، حيث يواجه الطفل تجربة أمان وراحة تجعله يبدو وكأنه يضحك، إلا أنه في الواقع ليس ضحكًا اجتماعيًا.

4. كيف يختلف ضحك الطفل عن ضحك البالغين؟

من المهم التمييز بين الضحك الذي يظهره الطفل حديث الولادة وبين الضحك الذي يظهره البالغون. حيث يتسم الضحك عند الأطفال حديثي الولادة بكونه عفويًا وغير متوقع، وقد يكون ناتجًا عن عوامل جسدية أو استجابة لمواقف غير اجتماعية. لكن مع تقدم الطفل في العمر، يبدأ الضحك في أن يكون أكثر تحديدًا وتوجهًا نحو المواقف الاجتماعية، مثل الاستجابة لمحاكاة من قبل الآخرين أو محاولة اللعب مع الأشخاص المحيطين.

في الواقع، الطفل في مراحل نموه المبكرة يبدأ في تعلم المفاهيم الاجتماعية من خلال التفاعل مع أفراد العائلة. ومع تحسن قدرته على فهم الانفعالات من حوله، يتطور الضحك ليصبح أكثر ارتباطًا بالعواطف الإيجابية، مثل الفرح واللعب.

5. العوامل التي تؤثر على توقيت الضحك عند الطفل:

هناك عدة عوامل تؤثر في توقيت بدء الضحك عند الطفل حديث الولادة. من بين هذه العوامل:

• النمو العصبي: تطور الجهاز العصبي للطفل يعد العامل الأكثر أهمية في تحديد الوقت الذي يبدأ فيه الطفل في الضحك بشكل اجتماعي. الطفل الذي يمتلك نموًا عصبيًا صحيًا وسريعًا قد يظهر ضحكه في وقت أبكر من غيره.

• التفاعل الاجتماعي: بعض الأطفال يبدون أكثر استجابة للتفاعل مع الأشخاص من حولهم، وهو ما يؤثر في الوقت الذي يبدأون فيه الضحك. في حين أن بعض الأطفال قد يكونون أكثر انطوائية ويظهرون ضحكًا أقل في المرحلة المبكرة.

• البيئة المحيطة: إذا كانت البيئة المحيطة بالطفل مليئة بالأصوات المضحكة والوجوه المحببة، فقد يبدأ الطفل في الضحك مبكرًا نظرًا للتفاعل الإيجابي الذي يتلقاه.

• الأسلوب الوالدي: أسلوب الأب والأم في التفاعل مع الطفل له دور كبير في تحديد متى يبدأ الطفل في الضحك. الأطفال الذين يتعرضون لمزيد من اللمسات الحنونة والتفاعلات العاطفية يكون لديهم فرصة أكبر للضحك في مرحلة مبكرة.

6. تطور الضحك مع نمو الطفل:

بمجرد أن يبدأ الطفل في الضحك الاجتماعي، يمكن ملاحظة كيف يتطور هذا السلوك مع تقدم الوقت. في البداية، قد يبدأ الضحك في حالات بسيطة، مثل الأصوات المضحكة أو الوجوه البسيطة، ولكن مع مرور الوقت، يتعلم الطفل أن الضحك يمكن أن يكون وسيلة للتفاعل مع الأشخاص الذين يحبهم. يبدأ الضحك عند الطفل أيضًا في أن يصبح أكثر تعبيرًا عن فرح حقيقي، وهو ما يتجلى عندما يصبح الطفل أكثر قدرة على اللعب مع الآخرين واستكشاف العالم المحيط به.

تستمر هذه المرحلة من الضحك العاطفي حتى عمر السنة تقريبًا، حيث يبدأ الطفل في إدراك أن الضحك هو وسيلة للتعبير عن نفسه والتفاعل مع الآخرين. وفي مرحلة لاحقة، يصبح الضحك عند الطفل جزءًا من مهاراته الاجتماعية التي يستخدمها للتواصل مع أقرانه.

7. الاستنتاج:

يعتبر الضحك عند الطفل حديث الولادة حدثًا معقدًا يتداخل فيه العديد من العوامل الفسيولوجية والنفسية. وبينما قد يبدأ الطفل في الابتسام أو إظهار تعبيرات وجهية بسيطة في الأسابيع الأولى، فإن الضحك الاجتماعي الفعلي يبدأ في الظهور مع نمو قدراته العصبية والاجتماعية في حدود 4 إلى 6 أشهر. وبالرغم من أن بعض الابتسامات قد تكون عفوية وليست تعبيرًا عن مشاعر الفرح الحقيقية، إلا أن تطور الضحك لدى الطفل يُعتبر خطوة هامة نحو التفاعل العاطفي والنمو الاجتماعي.

إن فهم مراحل تطور الضحك يساعد الآباء على التفاعل بشكل أفضل مع أطفالهم، ويعزز الرابط العاطفي بينهم.