متى يبدأ الطفل بالجلوس؟
الجلوس هو أحد المراحل المهمة التي يمر بها الطفل في رحلة نموه وتطور قدراته الحركية. إنه لا يمثل مجرد اكتساب مهارة جسدية جديدة، بل يعكس أيضًا تطورًا في التوازن والتنسيق بين العضلات والخلايا العصبية. عادةً ما يشير الجلوس إلى قدرة الطفل على البقاء مستقراً دون دعم، وهو أمر يتطلب مزيجًا من القوة العضلية، التوازن، والانتباه العصبي. في هذا المقال، سنتناول متى يبدأ الطفل بالجلوس، والعوامل التي تؤثر في هذه القدرة، وكيفية تعزيز هذه المهارة بشكل سليم.
1. مراحل التطور الحركي للأطفال
قبل الحديث عن متى يبدأ الطفل بالجلوس، من المهم فهم المراحل العامة للتطور الحركي للأطفال. يمر الأطفال بعدد من المراحل الحركية، بدءًا من الحركة غير المتحكم فيها عند الولادة وصولاً إلى القدرة على المشي والجري مع تقدم العمر.
1.1. الشهر الأول والثاني:
في أول شهرين من عمر الطفل، يقتصر تحركه على الحركات العفوية مثل تحريك الأطراف. يبدأ الطفل في تطوير تحكمه في رأسه، حيث يصبح قادراً على رفع رأسه لبضع ثوانٍ عند وضعه على بطنه. هذا التطور يعتبر مؤشراً مهماً على تطور القوة العضلية في الرقبة.
1.2. الشهر الثالث:
في هذا العمر، يمكن للأطفال أن يرفعوا رؤوسهم ويثبّتوا أجسادهم لفترات قصيرة على بطنهم. يبدأ الأطفال في تقوية عضلات الرقبة والظهر بشكل أكبر.
1.3. الشهر الرابع والخامس:
مع اقتراب الشهر الرابع والخامس، يبدأ الأطفال في تطوير قدرتهم على التحكم في أجسامهم بشكل أكبر، حيث يبدأ الطفل في محاولة رفع الجزء العلوي من جسده باستخدام ذراعيه أثناء تواجده على بطنه. كما قد يظهر بعض الأطفال قدرة على الجلوس لبعض الثواني عند مساعدة الوالدين لهم.
1.4. الشهر السادس:
يعتبر الشهر السادس هو الوقت الذي يبدأ فيه العديد من الأطفال في اكتساب مهارات الجلوس بشكل مستقل. في هذا الوقت، يكون لديهم القوة العضلية الكافية في منطقة الظهر والرقبة، مما يمكنهم من البقاء جالسين لفترات أطول. ومع ذلك، يظل بعض الأطفال بحاجة إلى دعم بسيط في هذا العمر.
2. متى يبدأ الطفل بالجلوس دون مساعدة؟
الجلوس دون مساعدة هو علامة على تطور عضلات الطفل وتنسيق حركته. عادةً ما يبدأ الطفل بالجلوس بمفرده بين الشهر السادس والسابع من العمر. يمكن أن يختلف هذا الوقت من طفل لآخر، حيث أن التطور الحركي مرتبط بعدة عوامل:
2.1. الاستعداد العضلي والتنسيق العصبي:
الجلوس يتطلب تطوير العضلات المركزية في منطقة الظهر والبطن، وهي العضلات التي تساعد في الحفاظ على توازن الجسم. مع نمو الطفل وزيادة قوتها العضلية، يبدأ الطفل في اكتساب القدرة على الجلوس المستقل.
2.2. توافر الوقت والممارسة:
الوقت الذي يقضيه الطفل في التمرين والتحرك على الأرض يعزز من قدرته على الجلوس. على سبيل المثال، الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول في وضعيات اللعب على البطن يتمتعون بفرصة أكبر لتطوير مهارات الجلوس.
2.3. التأثير البيئي:
البيئة المحيطة تؤثر أيضًا في تطور هذه المهارة. الأطفال الذين يتعرضون للمزيد من المحفزات الحركية مثل اللعب على الأرض أو التعامل مع الأسطح المختلفة، يميلون إلى تعلم الجلوس بشكل أسرع.
3. العوامل المؤثرة في بداية الجلوس
هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تؤثر على الوقت الذي يبدأ فيه الطفل الجلوس بمفرده. في حين أن بعض الأطفال يبدؤون في الجلوس في وقت مبكر، قد يتأخر البعض الآخر في هذه المهارة دون أن يكون هناك سبب مقلق.
3.1. العوامل الوراثية:
تلعب الوراثة دورًا كبيرًا في تحديد توقيت تطور مهارات الطفل الحركية. إذا كان الوالدان قد تطوروا بهذه المهارات في وقت مبكر، فمن المحتمل أن يكون الطفل أيضًا في وقت مشابه.
3.2. الوزن والطول:
الأطفال الذين يزنون أكثر قد يواجهون صعوبة في الجلوس في البداية بسبب الحاجة إلى مزيد من القوة العضلية. بينما الأطفال الأقل وزنًا قد يظهرون قدرة أكبر على الجلوس في وقت أبكر.
3.3. البيئة والأنشطة اليومية:
قد يكون للبيئة المحيطة والتفاعل اليومي دورٌ مهم في تسريع أو تأخير هذه المهارة. إذا كان الطفل يتعرض للكثير من الأنشطة التي تشمل التمرين البدني، مثل اللعب على الأرض أو التفاعل مع ألعاب تعزز الحركة، فقد يتطور الجلوس بشكل أسرع.
3.4. تغذية الطفل:
التغذية السليمة تلعب دورًا كبيرًا في تطوير مهارات الحركة. الأطفال الذين يتناولون طعامًا غنيًا بالفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والفيتامين D يكونون أكثر قدرة على النمو الصحي للأعضاء والعضلات.
4. التطورات التي تلي الجلوس
بعد أن يبدأ الطفل في الجلوس بشكل مستقل، تبدأ مراحل أخرى من التطور الحركي. من بين هذه المراحل:
4.1. الزحف:
في وقت لاحق من عمر الطفل، حوالي الشهر السابع أو الثامن، يبدأ الأطفال في الزحف كخطوة تمهيدية للمشي. الزحف يعزز من التنسيق بين اليدين والقدمين ويساعد في تقوية العضلات الأساسية التي تدعم القدرة على المشي لاحقًا.
4.2. الوقوف:
بعد أن يتقن الطفل الجلوس والزحف، يبدأ في محاولة الوقوف مستندًا على الأثاث أو دعم خارجي. هذا يعد خطوة هامة نحو تعلم المشي.
4.3. المشي:
بمجرد أن يتقن الطفل الوقوف والتوازن، يبدأ في أخذ خطواته الأولى، وهو تطور طبيعي ومرحلة مثيرة في حياته.
5. كيفية تشجيع الطفل على الجلوس
تشجيع الطفل على الجلوس يتطلب دعمًا فسيولوجيًا وعاطفيًا. إليك بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في تطوير مهارة الجلوس:
5.1. اللعب على البطن:
من المهم جدًا أن يخصص الوالدان وقتًا كافيًا للطفل للعب على بطنه. هذه الوضعية تساعد في تقوية عضلات الظهر والرقبة، مما يعزز قدرة الطفل على الجلوس بشكل أسرع.
5.2. استخدام الأدوات المساعدة:
استخدام الوسائد أو الأجسام الداعمة الأخرى يمكن أن يساعد في توفير بعض الاستقرار للطفل عند محاولته الجلوس. ومع مرور الوقت، سيبدأ الطفل في التعرف على كيفية الحفاظ على توازنه بنفسه.
5.3. تجنب استخدام المقعد المتحرك:
بعض الأطفال قد يبدؤون في الجلوس بشكل أسرع في حال تم تشجيعهم على استخدام المقاعد المتحركة. ومع ذلك، ينصح بتقليل الاعتماد على هذه المقاعد حيث يمكن أن تؤثر على تطوير العضلات الضرورية للجلوس المستقل.
5.4. التحفيز البصري:
وضع ألعاب ملونة أو محطمة على بعد قليل من الطفل أثناء التمرين يمكن أن يساعده في جذب انتباهه وتشجيعه على محاولة الجلوس.
6. متى يجب استشارة الطبيب؟
على الرغم من أن الجلوس في الوقت المتوقع هو علامة على تطور طبيعي، إلا أن هناك بعض الحالات التي قد تتطلب استشارة الطبيب. إذا كان الطفل لا يظهر أي محاولة للجلوس بمفرده حتى الشهر التاسع أو العاشر من العمر، أو إذا كانت هناك مشاكل أخرى في النمو الحركي أو العضلي، فإنه من الأفضل استشارة طبيب الأطفال. في بعض الأحيان، قد يشير التأخر في الجلوس إلى وجود مشكلات في العضلات أو الأعصاب.
7. الخاتمة
إن مرحلة الجلوس تعد خطوة مهمة في حياة الطفل، فهي تمثل بداية استقلاليته الجسدية وتحسين قدراته الحركية. على الرغم من أن هناك تباينًا في توقيت الجلوس بين الأطفال، إلا أن معظم الأطفال يحققون هذه المهارة بين الشهر السادس والسابع. على الوالدين توفير بيئة آمنة وداعمة لتحفيز الطفل على الجلوس وتنمية قدراته الحركية.
