حيَّاك الله، وبارك الله فيك على هذه المتابعة والتّتبع لجمال تاريخ المسلمين وازدهاره، وما ذكرته صحيح فالفنّ الإسلامي ظهر مع ظهور الإسلام، فقد نشأ في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- واستمر حتى نهاية القرن التاسع عشر.
وتُعد أول مرحلة مرّ بها الفنّ الإسلامي هي فترة وجود رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بين المسلمين؛ أي من القرن السابع إلى القرن التاسع، فكان البيت والمسجد الذي بناهما رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أوّل مبانٍ إسلامية تحمل طابعًا خاصًّا بها.
وكان للمسجد بناءً بصورة معينة على شكل ساحة واسعة وأعمدة، وكان من مواد بسيطة كالخشب وسعف النخيل والطحين، وبعد ذلك بدأ الفنّ الإسلامي بالتطور؛ فعندما انفتح المسلمون على باقي المناطق المحيطة بهم، بدأ المسلمون باكتساب معارف جديدة.
وكان ذلك في خلافة الأمويين الذين بنوا مسجد قبّة الصخرة في فلسطين، ولا يزال مَعْلمًا إسلاميًّا حتى وقتنا الحاضر، كما بنوا العديد من القلاع، وانتشر آنذاك العمل بالحِرَف اليدوية وهي أحد أهمّ الفنون الإسلاميّة، فكانوا يُشكّلون الخَزَف والمعادن ويستخدمونها في الزخرفة.
ثمّ أخذ الفنّ الإسلامي بالتطور بصورةٍ أكبر في الخلافة العباسيّة، فبنوا العواصم، وعملوا على هندسة المدن بشكلٍ دائريّ بحيث يكون المسجد في وسط المدينة، كما انتشرت صناعة الأثاث بصورةٍ جميلةٍ منقوشةٍ بالزخارف، وأهم المعالم التي تُبيّن جمال الفنّ الإسلامي في التاريخ العباسي؛ مسجد القيروان.
وكان ازدهار الفنّ الإسلامي في الفترة ما بين القرن التاسع وحتى الخامس عشر؛ حيث ظهرت العديد من الفنون الإسلاميّة الجميلة في بلاد المغرب والأندلس، وخاصة في فنّ العمارة؛ حيث بدأ النمط المعماري يتخذ شكلًا غير مألوف، كاستخدام الأقواس في المداخل؛ كما في المسجد الكبير في قرطبة، وقصر الحمراء، وغيرها من معالم.
ولم يكن هذا الازدهار في العمارة فحسب بل كان أيضًا في صناعة التحف التي أدخلوا فيها العاج، وكذلك الأقمشة والخشبيات وغيرها، ولم تكن الفنون الإسلاميّة في الأندلس والمغرب فقط، وإنما كانت في أغلب البلدان العربية، والذي ينظر اليوم إلى مصر وبلاد الشام يرى جمال الفنّ الإسلامي.
وفي القرن الخامس عشر استمر الفنّ الإسلامي في الازدهار حتى القرن التاسع عشر، فقد أَوْلى العثمانيون الفنّ الإسلامي رعايةً خاصةً وأبدعوا فيه، فازداد التمييز في فنّ العمارة، وعمدوا إلى إنتاج كمٍّ هائل من الخزف، وأخذت المساجد في عهدهم صفةً مميزةً وحديثة، فوسّعوا في مساحاتِها.
واستوحوا الأفكار من الأبنية التي كانت توجد آنذاك مثل: آيا صوفيا، وخصّصوا اللون الأحمر لصناعة الخزف، واستمر الفنّ الإسلامي بالتطور والتوسع، حتى ظهر في الحدائق العامة والخاصة، وفي الجامعات، والمساجد، وفي حياكة السجاد، والخزف، وغيرها من الفنون التي برَع بها المسلمون.
وختاماً نخلُصُ إلى إنّ الفنّ الإسلامي قديم النشأة، إلا أنّه ازدهر في سنوات معينة، وتوسّع بمرور الوقت ليشمل العديد من المجالات، وما تراه في الأندلس وفي غيرها ما هو إلا نماذج لإبداع المسلمين وعبقريتِهم.
المصدر: موقع موضوع