متى تكون العقيقة للمولود؟
العقيقة من السنن التي شرعها الإسلام لتكون مناسبة من المناسبات السعيدة التي تبارك قدوم المولود، ولها دور كبير في إظهار الفرح والاحتفال بالطفل الذي أنعم الله به على الأسرة. تختلف العقيقة في مواعيدها وأحكامها حسب المذهب الفقهي، لكنها تمثل طقسا محببا في المجتمعات الإسلامية، وله فوائد دينية واجتماعية عديدة. في هذا المقال، سنقوم بتوضيح متى تكون العقيقة، وما هي كيفية أدائها، وكذلك أهم الأحكام الشرعية المتعلقة بها.
مفهوم العقيقة
العقيقة هي ذبح شاة أو أكثر (عادة تكون شاتين) في اليوم السابع من ولادة المولود. والغرض من هذه السنة هو شكر الله تعالى على النعمة التي أنعم بها على الأهل والمجتمع. كما يُقال أن العقيقة تأتي للحماية من الشرور، ولتكون بمثابة تكفير عن الذنوب. على الرغم من أن العقيقة ليست فريضة، إلا أنها تعتبر سنة مؤكدة، ويشجع الإسلام على أدائها لكونها تُعبر عن امتنان الله على نعمة المولود.
توقيت العقيقة
من بين الأسئلة الأكثر شيوعاً فيما يتعلق بالعقيقة هو متى يجب ذبح العقيقة؟ والإجابة على هذا السؤال قد تختلف قليلاً بين المذاهب الفقهية، لكن الرأي الغالب بين العلماء هو أن العقيقة تُذبح في اليوم السابع من الولادة. هذا هو التوقيت الذي يُعتبر الأكثر استحباباً في معظم المذاهب الفقهية، ومنها المذهب الحنفي، المالكي، والشافعي، والحنبلي.
اليوم السابع
يُعد اليوم السابع من الولادة هو اليوم الأمثل لإقامة العقيقة، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه”. (رواه البخاري) وهذا يدل على أن العقيقة هي سنة مؤكدة يتم إحياؤها في اليوم السابع.
في هذا اليوم، يتم ذبح شاة واحدة للمولود إذا كان أنثى، وشاتين إذا كان مولوداً ذكراً. بعض العلماء يعتبرون أنه يُستحب أيضا أن يتم حلق رأس المولود في هذا اليوم، وإعطاءه اسمًا، إضافة إلى ذبح العقيقة.
هل يمكن تأجيل العقيقة؟
رغم أن اليوم السابع هو الأفضل، لكن هناك بعض الآراء الفقهية التي تسمح بتأجيل العقيقة إلى ما بعد اليوم السابع في حالات معينة، مثل ظروف صحية، أو صعوبة في توفير الذبائح في ذلك الوقت. يُشجع في هذه الحالة على أداء العقيقة في أقرب وقت ممكن بعد اليوم السابع.
كما يذكر بعض العلماء أنه لا يوجد ما يمنع من تأجيل العقيقة إلى ما بعد الأسبوع السابع، بل يمكن تأجيلها إلى أي وقت من السنة، بشرط أن لا يكون التأجيل لعدة سنوات، إذ أن العقيقة تصبح غير مستحبة بعد مرور وقت طويل على المولود.
العقيقة بعد مرور اليوم السابع
على الرغم من أن أفضل وقت للعقيقة هو اليوم السابع، إلا أنه من الممكن أداء العقيقة في أيام أخرى بعد السابع، لكن من الأفضل أن تُؤدى في أقرب وقت ممكن. وقد أشار بعض الفقهاء إلى أن العقيقة لا تسقط إذا تأخرت عن اليوم السابع، بل يمكن ذبحها في أي وقت طالما كان الطفل لم يصل إلى سن البلوغ.
من المهم أيضًا ملاحظة أن بعض العلماء أشاروا إلى أن العقيقة تُؤدى على المولود حتى لو كان قد بلغ سن الرشد، ولكن يُستحب أن تُؤدى في سن مبكر لأنه يكون أكثر تأثيرًا من الناحية الروحية والاجتماعية.
حكم العقيقة
العقيقة ليست فرضاً، ولكنها سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. يعتقد بعض العلماء أن العقيقة من السنة المؤكدة في حق الوالدين، بينما يراها آخرون أنها غير واجبة وإنما مستحبة. على أي حال، يجب أن تكون العقيقة من مال الوالدين، ويجب أن تتم بطريقة شرعية وفقاً لما هو منصوص عليه في السنة.
ماذا يتم عمله في العقيقة؟
عند ذبح العقيقة، من السنن أن يتم توزيع اللحم على الفقراء والجيران والأقارب، حيث يُشجع على التصدق بجزء من اللحم، وجزء آخر يتم توزيعه على الأسرة والأصدقاء. يمكن الاحتفاظ بجزء صغير من اللحم، لكن توزيع اللحم يعتبر جزءًا من طقوس العقيقة التي تعزز من معاني التعاون والمشاركة في المجتمع.
كما يُستحب أيضًا أن يكون الذبح وفقًا للأحكام الشرعية، وذلك بأن يتم ذبح الشاة أو الشاتين بطريقة صحيحة وفقًا للآداب الشرعية، سواء في الذبح أو في تناول اللحم.
العقيقة في المذهب المالكي
في المذهب المالكي، يُشترط أن تُذبح العقيقة في اليوم السابع إذا أمكن، لكن لا بأس في تأجيلها إلى ما بعد ذلك إن دعت الحاجة. ويُشترط أن تكون العقيقة من حيوان صالح للذبح، وأن يتم الذبح بواسطة مسلم. بالإضافة إلى ذلك، يُشترط أن لا تكون العقيقة ملزمة في حال توفى المولود قبل أن تُؤدى العقيقة، ففي هذه الحالة تسقط العقيقة.
العقيقة في المذهب الشافعي
في المذهب الشافعي، العقيقة تُعتبر من السنن المؤكدة أيضًا، ولكن لديهم مرونة أكبر في تأجيل العقيقة بعد اليوم السابع. كما أن الشافعية لا يرون ضرورة أن تُذبح العقيقة في ذات يوم الولادة أو اليوم السابع، بل يمكن تأجيلها إلى أي وقت بعد ذلك.
العقيقة في المذهب الحنبلي
أما في المذهب الحنبلي، فقد نص العلماء على أن العقيقة تُذبح في اليوم السابع أيضًا، وإذا تأخرت عن هذا الموعد فلا حرج، ولكن يُفضل الإسراع في أدائها حتى لا تُسقط عن المولود. ويجدر بالذكر أن الحنابلة يعتبرون العقيقة من السنن المؤكدة في حالة المولود الذكر أو الأنثى.
الفرق بين العقيقة والذبح العادي
العقيقة تميزها نية الذبح. فلا يُعتبر الذبح العادي مثل ذبح الأضحية أو الذبح العادي في عيد الأضحى بمثابة عقيقة إلا إذا كانت النية موجهة لذلك. أما بالنسبة للأضحية، فتكون في عيد الأضحى وتختلف عن العقيقة في توقيتها وأحكامها.
أهمية العقيقة
العقيقة ليست مجرد طقس ديني، بل هي وسيلة للتعبير عن الفرح والشكر لله على نعمة المولود، كما أنها تُسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد. إضافة إلى ذلك، فإنها تُعتبر نوعًا من التكفير عن الذنوب وتعمق المشاعر الإيمانية لدى الوالدين. كما يُعتبر توزيع اللحم على الفقراء والمحتاجين نوعًا من التكافل الاجتماعي.
الخلاصة
العقيقة هي سنة مؤكدة في الإسلام، يُستحب أداؤها في اليوم السابع من ولادة المولود، وهي تتضمن ذبح شاة أو شاتين حسب جنس المولود، وتوزيع اللحم على الفقراء والأقارب والجيران. تأجيل العقيقة لا يُعد محرمًا، ولكن يُستحسن أن تُؤدى في أقرب وقت ممكن بعد اليوم السابع.
