7 أشياء يتعلمها الجنين قبل أن يولد
في عالم الأبحاث الطبية والبيولوجية، يتضح أن الحياة تبدأ قبل أن يخرج الجنين إلى النور. وهو ما قد يفاجئ الكثيرين أن الجنين يتعلم ويتطور في بيئة الرحم التي توفر له ليس فقط الدعم الجسدي والنمو، بل أيضًا فرصًا متنوعة للتعلم والتكيف مع البيئة التي سيخرج إليها في النهاية. وعلى الرغم من أن الدماغ البشري عند الجنين في مراحل نموه الأولى لا يكون قد اكتمل بعد، إلا أن العديد من الدراسات أثبتت أن الجنين قادر على التعلم في مراحل مبكرة جدًا من تطوره. في هذا المقال، نستعرض سبع أشياء أساسية يتعلمها الجنين قبل أن يولد، ليكون جاهزًا للانخراط في عالمه الجديد.
1. السمع والتعرف على الأصوات
من أبرز الحواس التي يبدأ الجنين بتطويرها في رحم أمه هي حاسة السمع. في الشهر الخامس من الحمل، يصبح الجنين قادرًا على سماع الأصوات خارج الرحم، بما في ذلك صوت الأم، نبض قلبها، وصوت جهاز هضمها. ومع تقدم الحمل، تبدأ الأذنان في التقاط الأصوات المحيطة، مما يساهم في تعزيز قدرة الجنين على التعرف على الأصوات المألوفة. الدراسات أظهرت أن الجنين يمكنه تمييز صوت أمه بعد الولادة بفترة قصيرة، وهو ما يُظهر قدرة الجنين على التعلم والتفاعل مع الأصوات في البيئة المحيطة.
كما أن الجنين يتعلم تمييز الأصوات البشرية من خلال تكرار التعرض للأصوات، مما يشير إلى أنه في وقت الولادة، يمكن للجنين تمييز الأصوات المألوفة والمريحة له، كصوت الأم أو الأصوات المحيطة في المنزل. هذا الأمر يعكس قدرات التعلم المبكر عند الجنين ويشمل عملية تعرفه على نغمات الحديث واللغات.
2. الذوق والتعرف على الطعوم
من الأمور التي قد لا يعرفها الكثيرون هي أن الجنين يبدأ في التعرف على الطعوم والروائح قبل أن يولد. من خلال السائل الأمينوسي الذي يحيط بالجنين، يبدأ الجنين في التفاعل مع ما تأكله الأم، إذ ينتقل إليها المذاق عن طريق هذا السائل. دراسات أظهرت أن الجنين قد يتفاعل مع بعض المكونات الطعميّة للأطعمة التي تتناولها الأم، مثل الثوم، أو الفانيليا. هذا التفاعل يمكن أن يعزز من قدرة الجنين على تمييز أنواع الطعوم المختلفة.
يعتقد العلماء أن هذه القدرة لها دور في تهيئة الجنين للمرحلة التي تلي الولادة، حيث سيكون لديه تفاعل مع الطعام في مرحلة الرضاعة. كما أن تناول الأم للطعام يمكن أن يؤثر على تفضيلات الطفل الغذائية المستقبلية. بمعنى آخر، الجنين لا يتعلم فقط عن العالم الذي سيخرج إليه، بل يتعلم أيضًا تفضيلاته الغذائية بناءً على تجارب ما قبل الولادة.
3. اللمس والحركة
الجنين في رحم أمه يبدأ في التعلم والتفاعل مع بيئته من خلال حاسة اللمس، حيث يصبح قادرًا على الشعور باللمسات والضغطات المختلفة على بطن الأم. يمكن للجنين أن يلمس جدار الرحم، وأن يشعر بالحركات التي تحدث له مثل الركلات، أو الرفرفة في السائل الأمينوسي. وعندما تتحرك الأم أو تمارس نشاطات معينة، يشعر الجنين بذلك ويبدأ في التكيف مع هذه الحركات.
عند بلوغ الجنين مراحل معينة من النمو، مثل الشهر الخامس أو السادس، يصبح أكثر قدرة على تفاعل جسده مع التغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة به. من هنا، يبدأ الجنين في تعلم كيفية التحكم في حركاته، ما يعكس ملامح النمو العقلي والعصبي للطفل. هذه الحركات المبكرة أيضًا تدعم تطور النظام العصبي لدى الجنين.
4. التعرف على الضوء والظلام
على الرغم من أن الجنين يعيش في بيئة مظلمة تمامًا داخل الرحم، إلا أن الأبحاث الحديثة أظهرت أن الجنين يمكنه بالفعل أن يتفاعل مع الضوء والظلام. بحلول الأسبوع السابع والعشرين، يبدأ الجنين في فتح عينيه وإغلاقهما. في هذه المرحلة، تتشكل أولى التفاعلات البصرية، ويمكن للجنين أن يشعر بالتغيرات في الضوء عبر جدار الرحم. في الأوقات التي يتعرض فيها الرحم لأضواء قوية، يلاحظ الجنين تأثيرات الضوء من خلال تحركاته، ما يشير إلى أنه يملك قدرة على التمييز بين الضوء والظلام.
عندما يُعرض الجنين للضوء، يتفاعل بهدوء أو يتحرك كما لو كان يبتعد عن الضوء، وهي سمة تعلم تتعلق بحمايته الجسدية. هذا الأمر يعد مؤشرًا على أن عملية تعلم الجنين والتفاعل مع محيطه تبدأ مبكرًا جدًا، حتى قبل أن يكون قادرًا على إدراك الصورة المرئية بشكل كامل.
5. النوم والاستيقاظ
من المثير أن الجنين ليس في حالة نوم مستمر، بل يتعلم أيضًا أن يميز بين أوقات النوم وأوقات الاستيقاظ داخل الرحم. دراسات عديدة أظهرت أن الجنين يمتلك أنماطًا يومية للنوم واليقظة، حيث قد ينام لأكثر من 16 ساعة يوميًا في مراحل معينة من الحمل، ولكنه يستيقظ في فترات منتظمة. هذه الأنماط يمكن أن تكون ناتجة عن تغيرات في سلوك الأم أو تغييرات في بيئة الرحم.
ومن المهم الإشارة إلى أن الجنين يتعلم من خلال هذه الأنماط أوقات الراحة والتنبه، وهو ما يعد خطوة مبكرة نحو تعلم تنظيم النوم والاستيقاظ بعد الولادة. أيضًا، أثناء النوم، يستمر الدماغ في التطور، مما يسهم في تحسين وظائفه الإدراكية والعصبية.
6. الذاكرة المبكرة
يبدأ الجنين في تطوير نوع من الذاكرة مبكرًا في مراحل نموه. على الرغم من أن الذاكرة طويلة المدى لا تتشكل بعد، إلا أن الجنين يمكن أن يخزن ذكريات قصيرة الأجل. بعض الدراسات تشير إلى أن الجنين يتذكر الأصوات والتجارب البسيطة التي تحدث له أثناء الحمل. يمكنه تمييز التغيرات في صوته وأصوات البيئة المحيطة، ما يشير إلى قدرة الجنين على تذكر التفاصيل المبدئية من محيطه.
هناك أدلة تشير إلى أن هذه الذاكرة يمكن أن تساهم في عملية تعلم الجنين، مما يسمح له بالتكيف بشكل أسرع مع العالم الذي سيخرج إليه. هذه الذاكرة لا تقتصر على الأصوات فقط، بل تشمل أيضًا تفاعلاته مع الحركة واللمس، مما يخلق نوعًا من الذاكرة الحسية التي ستساعده على التأقلم بعد الولادة.
7. التحكم في وظائف الجسم الأساسية
أثناء تواجده في الرحم، يتعلم الجنين كيفية التحكم في بعض الوظائف الجسدية الأساسية مثل التنفس والمص. في الأسابيع الأخيرة من الحمل، يبدأ الجنين في ممارسة حركات تنفسية، على الرغم من أن التنفس الفعلي لا يحدث إلا بعد الولادة. يقوم الجنين بالتنفس بواسطة السائل الأمينوسي الذي يحيط به، ما يُعتبر بمثابة تدريب على التنفس الفعلي عند الولادة. بالإضافة إلى ذلك، يتعلم الجنين كيفية التحرك والرضاعة باستخدام الحركات التلقائية التي تسبق عملية الرضاعة الطبيعية.
هذه الوظائف الأساسية هي مؤشر على أن الجنين ليس مجرد كائن غير نشط، بل كائن يتعلم ويتكيف مع متطلبات الحياة المستقبلية.
الخلاصة
يمكن القول إن الجنين ليس مجرد كائن يتطور في رحم أمه بمعزل عن العالم، بل هو كائن حي يتعلم ويتفاعل مع محيطه حتى قبل أن يخرج إلى هذا العالم. من خلال حواسه المختلفة، يتعلم الجنين الكثير من الأشياء التي ستساعده في التكيف مع الحياة بعد الولادة. إن هذه التجارب المبكرة لا تعكس فقط تطور الجنين من الناحية البيولوجية، بل تشير أيضًا إلى مدى تعقيد ونظام هذه العملية التي تبدأ منذ اللحظات الأولى من الحمل.
