في صدر عرصة الأدب الاقتصادي يقف كتاب “لعنة النفط؛ الاقتصاد السياسي للاستبداد”، من تأليف الكاتب البارع جوردون جونسون، الذي يعكس في صفحاته الخمس والأربعين متنوعة الألوان والتفاصيل المعقدة لتلك الظاهرة الاقتصادية والسياسية التي تحمل عنوان “لعنة النفط”. يعد هذا العمل الأدبي من الأعمال التي تسبر أغوار الاقتصاد السياسي لتلك الثروة الطبيعية الهائلة، والتي يتناول فيها جونسون العديد من الجوانب الحيوية والمتشعبة لهذه اللعنة الاقتصادية.
تبدأ الرحلة الأدبية في صفحات هذا الكتاب القيِّم بفتح باب الفهم للقارئ، حيث يقدم جوردون جونسون رحلة استكشافية عبر غابة معقدة من الأفكار والتحليلات، تلك التي تتناول مشكلة الاستبداد الذي ينبثق من ثروة النفط. يستعرض الكتاب بأناقة فائقة كيف أن هذا المورد الطبيعي، الذي يُعَدُّ قاعدة اقتصادية للكثير من الدول، قد تحول في كثير من الأحيان إلى لعنة تعيق التنمية وتزيد من حدة التوترات السياسية.
من خلال الأرقام والإحصائيات التي يقدمها الكاتب بدقة فائقة، يتناول الكتاب تأثير النفط على هياكل السلطة والنظم السياسية في الدول المتأثرة بهذه الثروة. يتجلى هذا التأثير في تزايد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وتحول الثروة إلى عامل تصاعدي للصراعات وتشديد القبضة الحاكمة.
تتنوع أفكار الكتاب بين استعراض الحالات الفعلية لبعض الدول الغنية بالنفط، والتحليل النقدي العميق للسياسات الاقتصادية والتنموية المتبعة. يتسلح جونسون بأدوات البحث والتحليل ليقدم صورة واقعية ومفصلة عن الآثار السلبية للنفط على الاقتصادات والمجتمعات.
وفي هذا السياق، يبرز الكتاب أهمية التنوع الاقتصادي وضرورة بناء أطر تشريعية فاعلة لضمان استغلال الثروات الطبيعية بشكل فعَّال ومستدام. يعتبر الكتاب رافدًا أدبيًا هامًا لكل باحث ومهتم بفهم العلاقة المعقدة بين النفط والاقتصاد والسياسة، مع إلقاء الضوء على تحديات تلك الدول وسبل التغلب عليها.