كيفية منح الصلاحيات في العمل

لكل مدير: كيف تمنح الصلاحيات في العمل

يعد منح الصلاحيات في بيئة العمل من أذكى وأهم الاستراتيجيات التي يمكن أن يتبعها المديرون لتحقيق النجاح والابتكار داخل المؤسسات. فالموظفون، عندما يشعرون بأن لديهم القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام بمسؤولية، يكتسبون الثقة ويشعرون بأنهم جزء فاعل في العملية الإنتاجية، مما ينعكس إيجابياً على أداء المؤسسة ككل.

ومع ذلك، يتطلب منح الصلاحيات القدرة على التوازن بين التفويض والاستقلالية، وبين الاحتفاظ بالسيطرة على العملية الإدارية والحفاظ على الانسجام بين الأهداف والرؤية التنظيمية. لتحقيق هذا التوازن، يجب على المدير أن يكون مدركًا للعديد من الجوانب الحيوية التي تساهم في نجاح هذا التوجه. في هذا المقال، سنستعرض أهم الطرق والنصائح التي يمكن أن تساعد المديرين في منح الصلاحيات بشكل فعّال داخل بيئة العمل.

1. فهم أهمية منح الصلاحيات في بيئة العمل

منح الصلاحيات يعزز من روح العمل الجماعي ويساعد الموظفين على اتخاذ قرارات أكثر استجابة لاحتياجات السوق ومتطلبات العمل. عندما يشعر الموظف بالثقة من المدير وبالقدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل، يزداد مستوى الإبداع والمشاركة الفعّالة في عمليات التفكير والتخطيط. كما يؤدي التفويض إلى توفير الوقت للمدير للتركيز على المهام الاستراتيجية الكبرى بدلاً من الانشغال بالتفاصيل اليومية.

من ناحية أخرى، الصلاحيات لا تعني إغفال الرقابة أو التفريط في التوجيه. يجب على المدير أن يقدم الإرشاد والملاحظات المستمرة حتى يتمكن الموظف من اتخاذ قرارات مستنيرة تعود بالنفع على الفريق وعلى المنظمة بشكل عام.

2. التمييز بين الصلاحيات والتفويض

من المهم أن يفهم المدير الفرق بين منح الصلاحيات والتفويض. التفويض يعني تكليف شخص آخر بأداء مهمة معينة مع توجيه شامل ومراقبة مستمرة. أما منح الصلاحيات فيتعلق بتمكين الموظف من اتخاذ قراراته وتنفيذ المهام التي تقع ضمن نطاق مسؤولياته دون الحاجة للموافقة المبدئية من المدير.

يجب على المدير أن يميز بين المهام التي يمكن تفويضها تمامًا وبين تلك التي تحتاج إلى إشراف مستمر. التفويض قد يكون مناسبًا للمهام الروتينية والمتكررة، بينما يحتاج العمل الذي يتطلب إبداعًا أو التفكير الاستراتيجي إلى منح الصلاحيات بشكل أكبر.

3. تحديد حدود الصلاحيات

تحديد حدود الصلاحيات لا يعني تحديد صلاحيات الموظف بشكل صارم، بل هو تحديد للإطار العام الذي يمكن للموظف العمل ضمنه. عندما يمنح المدير الصلاحيات، فإنه يجب أن يكون واضحًا بشأن المسؤوليات المترتبة على هذه الصلاحيات. يجب تحديد ما هي القرارات التي يمكن للموظف اتخاذها وحدود تأثير هذه القرارات على الأعمال.

على سبيل المثال، يمكن للموظف أن يكون له صلاحية اتخاذ قرارات بشأن تخصيص الوقت والموارد لمشروع معين، لكن قد يحتاج إلى موافقة المدير في حالة تعديل الميزانية أو تغيير أهداف المشروع. يجب أن يكون المدير واضحًا في تحديد المجالات التي يمكن للموظف التفاعل معها بحرية والمجالات التي تتطلب إشرافًا أكبر.

4. التدريب والتطوير المستمر

منح الصلاحيات لا يعني فقط إتاحة المجال للموظف لاتخاذ القرارات، بل يتطلب أيضًا تجهيز الموظف بالمعرفة والمهارات اللازمة للقيام بذلك بنجاح. التدريب المستمر والمراجعات الدورية تساهم في بناء الثقة بين المدير والموظف وتعزز من قدرة الموظف على اتخاذ قرارات مستنيرة وصحيحة.

إن توفير ورش عمل، دورات تدريبية، أو حتى جلسات حوارية دورية يمكن أن يكون له دور مهم في تقوية القدرة الإدارية للموظف. كلما كانت مهارات الموظف في مجالات مختلفة قوية، كلما أصبح قادرًا على اتخاذ القرارات التي تحقق النجاح للمؤسسة.

5. التواصل الفعّال مع الفريق

التواصل هو الأساس في أي عملية منح للصلاحيات. يجب على المدير أن يحافظ على قنوات تواصل مفتوحة وواضحة مع موظفيه. من خلال التواصل الجيد، يعرف الموظف مدى فهم المدير لاحتياجاته وأهدافه، كما يستطيع المدير متابعة تقدم العمل والوقوف على أي مشكلات قد تطرأ.

يجب أن يتمكن الموظف من إبلاغ مديره بأية صعوبات أو تحديات قد تواجهه في اتخاذ القرارات أو تنفيذ المهام. يعزز ذلك من بيئة العمل التعاونية التي يتشارك فيها الجميع في النجاح والفشل.

6. التحفيز والمكافأة على اتخاذ قرارات ناجحة

من أهم أساليب منح الصلاحيات هو تحفيز الموظفين على اتخاذ القرارات الصائبة. المدير الذي لا يعترف بجهود موظفيه أو لا يقدم لهم المكافآت على الإنجازات التي حققوها من خلال اتخاذ قرارات جيدة، سيجد صعوبة في بناء بيئة عمل محورية قائمة على الصلاحيات.

إظهار التقدير والتحفيز يمكن أن يكون محفزًا قويًا للموظفين. يمكن أن تتخذ المكافآت أشكالًا متنوعة، بدءًا من المكافآت المالية، وصولًا إلى فرص النمو المهني أو العلاوات.

7. التعامل مع الأخطاء والتعلم منها

من الصعب أن تكون عملية منح الصلاحيات خالية من الأخطاء. الموظفون، خاصة أولئك الذين يكتسبون الصلاحيات لأول مرة، قد يواجهون تحديات تتعلق باتخاذ قرارات خاطئة أو غير فعّالة. لكن التعامل الصحيح مع هذه الأخطاء يمكن أن يكون فرصة تعليمية جيدة.

على المدير أن يُظهر الدعم للموظف عند حدوث الخطأ، وأن يعمل على مساعدته في التعلم منه دون أن ينتقده بشكل مفرط. دعم الموظف في مثل هذه المواقف يُعزز من شعوره بالثقة في قدرته على اتخاذ القرارات بشكل مستقبلي.

8. توزيع الصلاحيات بناءً على الكفاءات الفردية

ليس كل الموظفين لديهم نفس القدرات أو نفس الرغبة في تحمل المسؤولية. من المهم أن يقوم المدير بتوزيع الصلاحيات بناءً على كفاءات الموظفين. فبعض الموظفين قد يكونون أفضل في اتخاذ قرارات فنية أو إدارية، بينما قد يبرع آخرون في اتخاذ القرارات المتعلقة بالجوانب الاستراتيجية أو التجارية.

تخصيص الصلاحيات وفقًا للمواهب والمهارات الخاصة بكل فرد يعزز من القدرة العامة للمؤسسة على العمل بفعالية ويسهم في تطوير الأداء بشكل مستمر.

9. تحقيق التوازن بين الرقابة والتفويض

الرقابة هي جزء أساسي من عملية منح الصلاحيات. ومع ذلك، يجب أن تظل الرقابة بشكل غير مباشر، بحيث لا تُحبط الموظف أو تخلق بيئة من عدم الثقة. يعتمد هذا التوازن على طبيعة العمل وأهداف المنظمة.

على المدير أن يكون حاضرًا بشكل دوري للاطلاع على التقدم، دون التدخل بشكل مفرط. فالتوازن بين منح الصلاحيات والمراقبة الذكية يعزز من تحفيز الموظف ويزيد من شعوره بالمسؤولية.

10. تقييم الأداء بناءً على الصلاحيات الممنوحة

من المهم أن يتم تقييم أداء الموظفين بناءً على مدى كفاءتهم في استخدام الصلاحيات الممنوحة لهم. التقييم المستمر للقرارات التي يتخذها الموظف يساهم في توجيه النمو المهني وزيادة فعالية التوجيه الإداري. كما يعزز التقييم من قدرة المدير على فهم أين يمكن تحسين الصلاحيات أو تعديل حدود المسؤولية للموظفين.

11. المرونة في تعديل الصلاحيات حسب الحاجة

تعتبر المرونة في تعديل الصلاحيات جزءًا أساسيًا من نجاح الإدارة. مع تغير الظروف وظهور تحديات جديدة، قد تحتاج الصلاحيات إلى تعديل أو إعادة تقييم. يجب أن يكون المدير مستعدًا لتكييف استراتيجيته في منح الصلاحيات بناءً على الظروف المتغيرة وأداء الموظفين.

الخلاصة

منح الصلاحيات هو عملية دقيقة تتطلب قدرًا كبيرًا من الذكاء الإداري والتخطيط المسبق. يتطلب هذا الأمر توفير بيئة عمل تفاعلية تتيح للموظفين اتخاذ قرارات بحرية مع الحفاظ على توجيه مستمر ورقابة غير مباشرة. بتطبيق المبادئ الصحيحة لمنح الصلاحيات، يمكن للمديرين تعزيز الإنتاجية، الابتكار، والشعور بالمسؤولية لدى موظفيهم، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز نجاح المؤسسة ككل.