كيفية عمل مكعبات السكر
تعد مكعبات السكر واحدة من أشكال السكر الأكثر استخدامًا في حياتنا اليومية، حيث تُستخدم في تحلية المشروبات مثل الشاي والقهوة، إضافة إلى كونها جزءًا أساسيًا في العديد من الحلويات. قد يعتقد البعض أن مكعبات السكر هي مجرد شكل مُعدل من السكر العادي، لكن في الواقع هناك عملية محددة يجب اتباعها لإنتاج هذه المكعبات. يتطلب ذلك مزيجًا من الخبرة في مجال صناعة المواد الغذائية، إلى جانب بعض التقنيات الصناعية. في هذا المقال، سنتناول بالشرح كيفية إنتاج مكعبات السكر، بداية من زراعة القصب أو الشمندر حتى تحول السكر إلى مكعبات جاهزة للاستخدام.
1. أصل السكر: من الزراعة إلى الإنتاج
أ. زراعة قصب السكر أو الشمندر
يُستخرج السكر بشكل رئيسي من نباتين هما: قصب السكر والشمندر السكري. يعد قصب السكر هو المصدر الأكثر استخدامًا في إنتاج السكر على مستوى العالم. ينمو هذا النبات في المناطق الاستوائية، حيث يحتاج إلى ظروف مناخية حارة ورطبة.
أما الشمندر السكري، فيُزرع في المناخات المعتدلة، وله استخدامات مماثلة للقصب في صناعة السكر. بعد الحصاد، يتم نقل هذه النباتات إلى المصانع ليتم معالجتها وتحويلها إلى سكر.
ب. استخراج السكر
في المصانع، يتم أولاً طحن القصب أو الشمندر لاستخراج العصير. في حالة قصب السكر، يُعصر القصب تحت ضغط كبير للحصول على العصير الذي يحتوي على سكروز، وهو السكر الذي نستخدمه في حياتنا اليومية. أما في حالة الشمندر، فبعد غسل الجذور، يتم تقطيعها إلى قطع صغيرة ويتم غليها لاستخراج العصير السكري.
ج. تنقية العصير
يُحتوى العصير المستخرج من القصب أو الشمندر على شوائب عديدة مثل الأملاح والألياف. لذلك، تتم عملية تنقية العصير باستخدام طرق متعددة تشمل إضافة الجير (الكلس) أو المواد الكيميائية لتصفية الشوائب. هذه العملية تساهم في الحصول على عصير نقي خالٍ من أي مواد غير مرغوب فيها.
د. التبخير والترشيح
يُخضع العصير النقي لعملية تبخير مكثف تحت درجات حرارة عالية لإزالة الماء الزائد. هذه العملية تساعد في زيادة تركيز العصير، مما يؤدي إلى تشكيل سائل كثيف يسمى “الشراب السكري”. بعد ذلك، يتم تصفية السائل لترشيح أي شوائب قد تكون ما زالت موجودة في السائل.
هـ. التبلور
في المرحلة التالية، يتم غلي “الشراب السكري” في أحواض كبيرة لاستخلاص السكر على شكل بلورات. عند تبريد هذا الشراب، تبدأ بلورات السكر بالتشكل. بعد التبلور، يتم فصل البلورات عن السائل المتبقي الذي يعرف بالمولاس.
2. عملية إنتاج مكعبات السكر
بعد استخراج السكر على شكل بلورات، تبدأ مرحلة تحويل هذا السكر إلى مكعبات السكر التي نعرفها. هذه المرحلة تتطلب عدة خطوات تتضمن الضغط، التشكيل، التجفيف، والتعبئة.
أ. إعداد السكر للتشكيل
قبل تشكيل السكر في مكعبات، يتم تنظيف السكر البلوري بشكل جيد للتأكد من خلوه من أي شوائب أو ألوان غير مرغوب فيها. ثم يتم صهر السكر البلوري بتسخينه حتى يتحول إلى سائل كثيف. هذا السائل يُعرف بالشراب السكري المركّز.
ب. تشكيل المكعبات
يتم بعد ذلك صب الشراب السكري المركز في قوالب مصممة خصيصًا لتشكيل المكعبات. هذه القوالب عادةً ما تكون مصنوعة من مواد مقاومة للحرارة، حيث يتم ضغط الشراب داخل القوالب تحت درجة حرارة معينة. مع مرور الوقت، يبدأ السكر في التبلور داخل القالب، مما يؤدي إلى تكوّن مكعبات السكر.
ج. التجفيف
بعد تشكيل المكعبات في القوالب، يتم نقلها إلى أماكن التجفيف. خلال هذه المرحلة، تتم إزالة أي رطوبة متبقية من مكعبات السكر عن طريق تسخينها في أفران خاصة أو تركها تجف في الهواء الجاف. يُعد التجفيف خطوة أساسية في عملية تصنيع مكعبات السكر لضمان عدم تعرضها للتكتل أو فسادها بسبب الرطوبة.
د. التعبئة والتغليف
بعد اكتمال عملية التجفيف، يتم إخراج مكعبات السكر من القوالب وفحصها للتأكد من جودتها. ثم يتم تعبئتها في عبوات معزولة لضمان بقائها جافة وصالحة للاستخدام لفترة أطول. غالبًا ما يتم وضع المكعبات في عبوات بلاستيكية أو علب معدنية مغلقة بإحكام لحمايتها من الرطوبة والعوامل الخارجية التي قد تؤثر على جودتها.
3. الاختلافات في أنواع مكعبات السكر
هناك عدة أنواع من مكعبات السكر، وتختلف بشكل رئيسي في الحجم واللون حسب طريقة الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إضافة بعض النكهات أو المواد الأخرى مثل الفانيليا أو القرفة لإنتاج مكعبات سكر بنكهة خاصة.
أ. مكعبات السكر البيضاء
هذه هي النوع الأكثر شيوعًا من مكعبات السكر. يتم إنتاجها من السكر الأبيض النقي وتتميز بلونها الأبيض الناصع وطعمها الحلو الخالي من أي شوائب أو نكهات إضافية.
ب. مكعبات السكر البني
تحتوي هذه المكعبات على نسب من المولاس، مما يمنحها لونًا بنيًا وطعمًا مميزًا. يُستخدم هذا النوع من المكعبات بشكل رئيسي في الحلويات أو المشروبات التي تستدعي طعمًا أكثر عمقًا وغنى.
ج. مكعبات السكر العضوي
هذه المكعبات مصنوعة من سكر قصب السكر العضوي الذي يُزرع باستخدام أساليب زراعية مستدامة دون استخدام الأسمدة أو المبيدات الكيماوية. تكون مكعبات السكر العضوي أكثر طلبًا في الأسواق التي تهتم بالصحة والممارسات البيئية.
4. التحديات والابتكارات في صناعة مكعبات السكر
على الرغم من كون صناعة مكعبات السكر عملية قديمة ومستقرة نسبيًا، إلا أن هناك تحديات مستمرة تواجه الصناعة. واحدة من هذه التحديات هي الحفاظ على الجودة في ظل المتطلبات المتزايدة للمستهلكين فيما يتعلق بالمنتجات الطبيعية والعضوية. كما تسعى العديد من الشركات إلى تقليل استخدام المواد الكيميائية في المعالجة وتحقيق استدامة أكبر في إنتاج السكر.
من جهة أخرى، بدأ بعض الشركات في الابتكار في صناعة مكعبات السكر من خلال تطوير تقنيات جديدة لاستخراج السكر، مثل استخدام السكريات البديلة كاستبدال للسكر التقليدي، لتلبية الطلب على منتجات خالية من السكر أو منخفضة السكر.
5. الآثار البيئية والاجتماعية لصناعة مكعبات السكر
تُعد صناعة مكعبات السكر من الصناعات التي تؤثر بشكل كبير على البيئة. على سبيل المثال، يتطلب زراعة قصب السكر كميات كبيرة من المياه، وقد تؤدي ممارسات زراعية معينة إلى تدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي. كما أن عملية تصنيع السكر نفسها تستهلك طاقة كبيرة ويمكن أن تنتج عنها انبعاثات كربونية.
ومع ذلك، تتجه بعض شركات السكر نحو ممارسات زراعية أكثر استدامة، مثل استخدام أنظمة الري الفعالة والطاقة المتجددة في المصانع لتقليل تأثيرها البيئي.
6. خاتمة
تعتبر صناعة مكعبات السكر من الصناعات الأساسية التي تمثل جزءًا كبيرًا من حياة الناس اليومية. من خلال المراحل المتعددة التي يمر بها السكر، بدءًا من الزراعة وصولًا إلى الإنتاج النهائي، نلاحظ أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالجودة والتقنيات التي تضمن الحصول على منتج صافي وآمن. على الرغم من التحديات التي قد تواجه هذه الصناعة، فإن الابتكارات المستمرة واهتمام المستهلكين بالمنتجات الطبيعية والمستدامة قد يسهم في تحسين هذه الصناعة في المستقبل.
