كيفية تحديد ثقافة شركتك

4 خطوات لتحديد ثقافة شركتك

تعد ثقافة الشركة من العوامل الأساسية التي تحدد نجاح المؤسسات وتؤثر بشكل مباشر في أداء موظفيها، وبالتالي في قدرتها على الابتكار والنمو. إذا كانت الثقافة التنظيمية تسهم في تحديد كيفية تفاعل الموظفين مع بعضهم البعض ومع العملاء، وكيف يتم اتخاذ القرارات داخل الشركة، فهي عنصر حاسم في استدامة الأعمال. لذلك، يعد تحديد وتأسيس ثقافة قوية للشركة من أولويات القادة الذين يتطلعون إلى بناء بيئة عمل منتجة ومحفزة.

سنتناول في هذا المقال 4 خطوات رئيسية يمكن من خلالها تحديد ثقافة شركتك، بدءًا من التعرف على قيمك الأساسية وصولاً إلى كيفية تعزيز تلك الثقافة لتكون عاملاً مميزًا في نجاح الأعمال.

1. تحديد القيم الأساسية

تبدأ عملية تحديد ثقافة الشركة بتحديد قيمها الأساسية. هذه القيم هي المبادئ التي توجه سلوك الموظفين وقراراتهم داخل بيئة العمل. القيم هي الأساس الذي تبنى عليه جميع السياسات والإجراءات، ويجب أن تكون مرتبطة برؤية الشركة وأهدافها طويلة المدى.

يجب أن تكون القيم مرتبطة بشكل وثيق بالرسالة التي تسعى الشركة لتحقيقها. على سبيل المثال، إذا كانت شركتك تركز على الابتكار، فإن قيمة “الإبداع” قد تكون جزءًا أساسيًا من ثقافتها. أما إذا كانت تركز على خدمة العملاء، فيمكن أن تكون القيم مثل “الاحترام” و”الاستماع النشط” جزءًا من الثقافة. هذه القيم تحدد أيضًا كيفية تعامل الموظفين مع بعضهم البعض ومع العملاء والشركاء.

نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار عند تحديد القيم الأساسية:

• يجب أن تكون القيم واضحة وسهلة الفهم.

• يجب أن تعكس القيم ما هو مهم حقًا بالنسبة للشركة.

• يجب أن تكون القيم قابلة للتطبيق في جميع جوانب العمل اليومي، وليس فقط على الورق.

• ينبغي أن تكون القيم قادرة على تحفيز الموظفين وإشعارهم بالفخر في العمل.

2. تحديد سلوكيات وتوقعات الشركة

بعد تحديد القيم الأساسية، تأتي المرحلة التالية التي تتمثل في تحديد السلوكيات التي تشجع عليها الشركة. يشمل ذلك التوقعات المتعلقة بكيفية تصرف الموظفين داخل الشركة، وكيفية تحقيق القيم الأساسية في العمل اليومي.

السلوكيات تحدد الطريقة التي يتم بها تنفيذ القيم على أرض الواقع. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى القيم الأساسية لشركتك هي “الابتكار”، فيجب تشجيع الموظفين على التفكير خارج الصندوق ومكافأة المبادرات الجديدة والأفكار المبدعة. أما إذا كانت القيمة الأساسية هي “التعاون”، فإن التوقعات ستكون مرتبطة بالعمل الجماعي والتواصل الفعال بين الفرق المختلفة.

من المهم أن يتوافق سلوك الموظفين مع هذه القيم والتوقعات بشكل يومي. يمكن أن تتم مراقبة هذا التوافق من خلال التقييمات الدورية، ورصد سلوكيات الموظفين في بيئة العمل، وتقديم ملاحظات بناءة حول كيفية تحسين تلك السلوكيات.

الخطوات الأساسية لتحديد سلوكيات الشركة:

• تحديد السلوكيات التي تعكس القيم الأساسية بشكل عملي.

• وضع معايير تقييم واضحة للسلوكيات والتصرفات.

• تطبيق تلك السلوكيات في السياسات اليومية والأنشطة التنظيمية.

• تشجيع الموظفين على اتخاذ هذه السلوكيات جزءًا من سلوكهم الشخصي داخل بيئة العمل.

3. بناء بيئة عمل متسقة مع الثقافة

لا تقتصر ثقافة الشركة على القيم والسلوكيات فقط، بل تمتد أيضًا إلى بيئة العمل نفسها. البيئة التي توفرها الشركة هي التي تحدد ما إذا كان الموظفون سيشعرون بالانتماء والراحة أم لا. وهذا يشمل مكونات مثل تصميم المساحات، أدوات العمل المتاحة، الهيكل التنظيمي، وتوجهات القيادة.

بيئة العمل يجب أن تكون متسقة مع القيم والسلوكيات التي تسعى الشركة لتعزيزها. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى القيم الأساسية هي “الشفافية”، يجب أن يكون التواصل بين المديرين والموظفين مفتوحًا وواضحًا. كما يمكن أن تشجع الشركات التي تقدر “الابتكار” على بيئة تشجع على التجربة، من خلال المساحات المفتوحة لتبادل الأفكار والمشاركة في الحلول الإبداعية.

من الأهمية بمكان أن تكون بيئة العمل مدعومة بالأدوات والموارد التي تعزز تلك الثقافة. قد يتطلب الأمر تغيير في تصميم المكتب أو تقديم برامج تدريبية مبتكرة، أو حتى تنظيم فعاليات تفاعلية لبناء روح الفريق وتعزيز الانتماء للثقافة.

كيف يمكن بناء بيئة عمل تعكس الثقافة:

• تصميم المساحات لتشجيع التعاون أو التركيز حسب متطلبات الثقافة.

• توفير الموارد التي تدعم القيم الأساسية (مثل توفير أدوات مبتكرة إذا كانت الشركة تقدر الابتكار).

• التأكد من أن أسلوب القيادة يتماشى مع ثقافة الشركة.

• تعزيز التواصل المفتوح والشفاف بين الموظفين والإدارة.

4. تعزيز الثقافة من خلال القيادة والاتصال المستمر

الخطوة الأخيرة في تحديد ثقافة الشركة تتعلق بدور القيادة في تعزيز هذه الثقافة داخل المنظمة. القادة في أي شركة هم المثال الأول لما ينبغي أن تكون عليه الثقافة التنظيمية. إن الطريقة التي يتصرف بها القادة تؤثر بشكل مباشر في كيفية تبني الموظفين للقيم والسلوكيات التي تم تحديدها. لذلك، يجب أن يكون القادة ملتزمين بنقل هذه الثقافة من خلال تصرفاتهم اليومية، واتصالاتهم مع الموظفين، وقراراتهم الاستراتيجية.

من المهم أيضًا أن يتواصل القادة بشكل مستمر مع الموظفين حول أهمية الثقافة، وكيف يمكنهم المساهمة في تعزيزها. ذلك يمكن أن يتم من خلال الاجتماعات، ورش العمل، والخطابات التشجيعية. الاتصال المستمر يبني التفاهم ويشجع على التفاعل بين الموظفين والإدارة، مما يساهم في بناء بيئة عمل أكثر تماسكًا وفعالية.

طرق لتعزيز الثقافة من خلال القيادة:

• أن يكون القادة قدوة في تطبيق القيم والسلوكيات.

• تنظيم لقاءات دورية مع الموظفين للحديث عن الثقافة وأهميتها.

• تشجيع المشاركة الجماعية في رسم ملامح الثقافة وتعزيزها.

• توجيه الموظفين نحو الابتكار من خلال توفير فرص لتطوير المهارات واختبار الأفكار الجديدة.

الختام

تحديد ثقافة شركتك ليس عملية تحدث بين عشية وضحاها؛ إنها رحلة مستمرة تتطلب التزامًا حقيقيًا من الإدارة والموظفين على حد سواء. يبدأ الأمر بتحديد القيم الأساسية التي تقوم عليها الشركة، ثم يتم تطبيق هذه القيم على سلوكيات الموظفين وتوقعاتهم اليومية. لا بد من التأكد من أن البيئة التي توفرها الشركة تدعم تلك الثقافة، وأن القيادة تقوم بدور مهم في تعزيزها من خلال الاتصالات المستمرة والتفاعل المباشر مع الفريق.

من خلال هذه الخطوات، يمكن بناء ثقافة تنظيمية قادرة على دفع الشركة نحو النجاح وتحقيق أهدافها بشكل مستدام.