كيفية إنشاء قيم جوهرية للفريق ومبرراتها
تُعتبر القيم الجوهرية جزءًا أساسيًا من الثقافة التنظيمية التي تبنى عليها العلاقات داخل الفريق. إنَّ إنشاء وتحديد هذه القيم بشكل دقيق يسهم بشكل كبير في تعزيز الأداء الجماعي وتحقيق الأهداف المشتركة للفريق. لكن كيف يمكن بناء هذه القيم؟ وما هي المبررات التي تجعل من وضعها أمرًا ضروريًا؟
في هذا المقال، سنتناول كيفية إنشاء القيم الجوهرية للفريق، بالإضافة إلى استعراض المبررات التي تبرز أهمية هذه القيم في بيئة العمل الجماعي.
1. ما هي القيم الجوهرية للفريق؟
القيم الجوهرية هي المبادئ الأساسية التي تحدد الطريقة التي يتعامل بها أعضاء الفريق مع بعضهم البعض، مع العملاء، ومع جميع الأطراف المعنية الأخرى. إنها تمثل الأساس الأخلاقي والعملي الذي تستند إليه جميع القرارات والأنشطة التي يقوم بها الفريق.
وتشمل هذه القيم مجموعة من المبادئ التي تساهم في بناء بيئة عمل مستدامة ومتعاونة، مثل التعاون، والنزاهة، والاحترام المتبادل، والشفافية، والابتكار، والتفاني في العمل.
2. كيفية إنشاء القيم الجوهرية للفريق
إنشاء القيم الجوهرية لا يعتمد فقط على تحديد مجموعة من المبادئ الأخلاقية. بل يتطلب عملية استراتيجية تتضمن التفاعل والتشاور بين جميع أعضاء الفريق وتوجيه القيادة لتحقيق بيئة متكاملة ومتوافقة مع هذه القيم. في ما يلي، الخطوات الأساسية لبناء القيم الجوهرية:
2.1 تحديد الأهداف المشتركة
أول خطوة نحو بناء قيم جوهرية ناجحة هي تحديد الأهداف المشتركة للفريق. ما الذي يريد الفريق تحقيقه؟ كيف يجب أن يتصرف الأفراد لتحقيق هذه الأهداف؟ يجب أن تُستند القيم إلى الأهداف العامة، سواء كانت تتعلق بتحقيق أداء عالي، تعزيز التعاون بين الأفراد، أو تحسين علاقات العمل بين أعضاء الفريق.
2.2 إشراك الجميع في تحديد القيم
يجب أن تكون عملية تحديد القيم الجماعية مشتركة بين جميع أفراد الفريق. يتم ذلك من خلال جلسات عصف ذهني جماعية وورش عمل حيث يتم مناقشة ما يعتبره كل فرد في الفريق من مبادئ أساسية. إشراك الجميع يعزز شعور الانتماء والتضامن، مما يسهم في تطبيق القيم بشكل فعال.
2.3 تحديد القيم الجوهرية بوضوح
بعد التوصل إلى توافق على المبادئ الأساسية، يجب أن يتم تحديد هذه القيم بوضوح شديد. قد تكون هذه القيم مثل “النزاهة”، “الابتكار”، “الاحترام المتبادل”، أو “الشفافية”. يجب أن تكون هذه القيم سهلة الفهم ويمكن قياس مدى تحقيقها داخل الفريق. قد تشمل هذه القيم الالتزام بمعايير أخلاقية عالية، التعاون الكامل بين الأعضاء، والتركيز على الابتكار المستمر.
2.4 توثيق القيم ومشاركتها
بعد تحديد القيم الجوهرية للفريق، من الضروري أن يتم توثيقها بشكل رسمي. يمكن أن تكون هذه التوثيقات عبارة عن وثيقة رسمية يتم مشاركتها مع جميع أعضاء الفريق، حيث يمكن الرجوع إليها في حالة الحاجة. يمكن أن تكون الوثيقة جزءًا من دليل الفريق أو الكتيب الداخلي الذي يتم توزيعه على الجميع.
2.5 غرس القيم في ثقافة الفريق
لجعل القيم الجوهرية جزءًا لا يتجزأ من حياة الفريق اليومية، يجب أن يتم غرس هذه القيم في ثقافة الفريق. وهذا يشمل تكرار القيم في الاجتماعات، وتدعيمها من خلال قرارات القيادة اليومية. على سبيل المثال، إذا كانت قيمة “التعاون” هي أحد القيم الجوهرية، فيجب أن تُظهر القيادة كيفية التعاون في المشاريع المشتركة، وكيفية دعم الآخرين عند الحاجة.
2.6 المراقبة والتقييم
يجب أن يتم متابعة تطبيق القيم الجوهرية من خلال تقييم مستمر لأداء الفريق. يجب أن يتم تحديد مؤشرات أداء قابلة للقياس لقياس نجاح تطبيق القيم الجوهرية. إذا تم ملاحظة أن أحد الأفراد أو الفريق بشكل عام قد فشل في الالتزام بهذه القيم، يجب أن تتم معالجة هذه القضايا بسرعة وفعالية.
3. مبررات إنشاء القيم الجوهرية للفريق
إنَّ إنشاء القيم الجوهرية في الفريق ليس مجرد إجراء تنظيمي؛ بل هو عامل حاسم في نجاح الفريق واستدامته على المدى الطويل. فيما يلي أبرز المبررات التي تبرز أهمية هذه القيم:
3.1 تحسين التعاون والتناغم داخل الفريق
أحد المبررات الرئيسية لإنشاء القيم الجوهرية هو تعزيز التعاون بين أعضاء الفريق. القيم مثل الاحترام المتبادل، والعمل الجماعي، والتواصل الجيد، كلها عوامل تسهم في بناء بيئة عمل يسودها التناغم والتعاون. مع هذه القيم، يصبح لدى كل فرد في الفريق شعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، مما يعزز الأداء الجماعي بشكل عام.
3.2 تعزيز الشفافية والنزاهة
بناء قيم مثل الشفافية والنزاهة يجعل من السهل على الأفراد أن يتخذوا قرارات صائبة وواضحة. عند تطبيق هذه القيم، يمكن للفريق أن يعمل بأقصى قدر من الانفتاح والصدق، مما يقلل من الغموض والمشاكل المرتبطة بالثقة. وبذلك، تزداد قدرة الفريق على التعامل مع المواقف المعقدة.
3.3 توجيه الفريق نحو تحقيق الأهداف
القيم الجوهرية تشكل بوصلة توجه الفريق نحو تحقيق أهدافه. عندما تكون القيم واضحة، يعرف الجميع ما هو متوقع منهم وما هي المعايير التي ينبغي عليهم اتباعها لتحقيق النجاح. تساعد هذه القيم في خلق انسجام بين الأفراد داخل الفريق، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتحقيق الأهداف بشكل أكثر فعالية.
3.4 تعزيز الابتكار والإبداع
القيم التي تشجع على الابتكار، مثل “التحسين المستمر” و”الإبداع”، يمكن أن تكون دافعًا مهمًا للفريق لتطوير حلول جديدة والمضي قدمًا في المشاريع. عندما يشعر الأعضاء بأن هناك مساحة للتجربة والخطأ، فإنهم يصبحون أكثر قدرة على تقديم أفكار مبتكرة قد تساهم في تعزيز نجاح الفريق.
3.5 تعزيز الاستدامة والنمو الشخصي
القيم الجوهرية تساعد الأفراد على النمو والتطور الشخصي داخل الفريق. فهي تحدد كيفية تعامل الأفراد مع بعضهم البعض ومع التحديات المختلفة. عندما تكون هذه القيم مشجعة، يسعى كل عضو في الفريق إلى تحسين نفسه من خلال الالتزام بها، مما يعزز نموه الشخصي والمساهمة الفعالة في تقدم الفريق.
3.6 تحقيق الاستقرار وتجنب الصراعات
إنَّ وجود مجموعة من القيم الواضحة والمشتركة يساهم في تجنب الخلافات والصراعات داخل الفريق. فحينما يعرف كل عضو في الفريق الحدود والقيم التي يجب أن يلتزم بها، تقل فرص حدوث مشاكل تتعلق بالتفاهم أو الخلافات الشخصية. وبذلك، يسهم هذا في خلق بيئة عمل مستقرة ومستدامة.
4. مراجعة وتعديل القيم الجوهرية
من المهم أن تتم مراجعة القيم الجوهرية للفريق بين الحين والآخر، خاصة مع تغيرات السوق أو تطور الفريق. قد يتطلب الأمر تعديل بعض القيم لتتماشى مع التطورات الجديدة في مجال العمل أو التحديات التي يواجهها الفريق. على الرغم من أن القيم الجوهرية يجب أن تكون ثابتة إلى حد ما، إلا أنه يمكن تعديل بعضها لتتناسب مع التغيرات الجديدة في بيئة العمل.
5. خاتمة
إنَّ إنشاء القيم الجوهرية للفريق ليس أمرًا اختياريًا، بل هو ضرورة استراتيجية لضمان نجاح الفريق على المدى الطويل. هذه القيم تمثل البوصلة التي توجه جميع الأنشطة داخل الفريق، وتعزز التعاون والاحترام المتبادل بين أعضائه. من خلال عملية دقيقة لإنشاء وتطبيق القيم الجوهرية، يستطيع الفريق أن يحقق نتائج أفضل ويظل قادرًا على التغلب على التحديات المستقبلية.
