كيفية الجلوس بين السجدتين

كيفية الجلوس بين السجدتين

الجلوس بين السجدتين في الصلاة يعتبر من الأركان الأساسية التي يجب على المسلم أن يؤديها بشكل صحيح أثناء أداء الصلاة، وهو من السنن التي يجب على المؤمن أن يوليها اهتمامًا خاصًا في صلاته. يعتبر هذا الجلوس لحظة من لحظات الوقوف أمام الله، ويعكس التركيز والتواضع في العبادة. في هذا المقال، سنتناول كيفية الجلوس بين السجدتين بشكل مفصل، مع تسليط الضوء على حكمه، وفضائله، وكيفية تنفيذه بشكل صحيح.

1. تعريف الجلوس بين السجدتين

الجلوس بين السجدتين هو الحالة التي ينتقل فيها المصلي من السجدة الأولى إلى السجدة الثانية في صلاته. يتم هذا الجلوس بعد أن يرفع المسلم رأسه من السجدة الأولى ويجلس على فخديه أو بينهما قبل السجود الثاني. يُعد هذا الجلوس من الأوقات التي يتحقق فيها التوازن بين الجهد البدني المطلوب في السجود والتأمل الروحي في العبادة.

2. حكم الجلوس بين السجدتين

يعتبر الجلوس بين السجدتين سنة مؤكدة في الصلاة، وليس ركنًا. لكن، على الرغم من أنه ليس فرضًا في حد ذاته، فإن تركه من غير عذر قد يؤدي إلى نقصان في الصلاة أو يجعلها ناقصة. فقد قال الإمام النووي في “المجموع” (3/193): “الجلوس بين السجدتين سنة، ولا تبطل الصلاة بتركه لكن يؤثم فاعله.”

كما يُستحب أن يجلس المصلي في هذا الموضع فترة قصيرة لكي يحصل على التوازن بين السجدتين، ويترك الوقت للتأمل في العبادة والذكر.

3. كيف يتم الجلوس بين السجدتين؟

هناك عدد من النقاط التي يجب مراعاتها لكي يتم الجلوس بين السجدتين بشكل صحيح:

• رفع الرأس والجلوس على الفخذين: بعد السجدة الأولى، يقوم المصلي برفع رأسه، ويجلس على رجليه بحيث تكون فخذاه على الأرض، وتلتصق الأرض بعقب رجليه. يجب أن تكون ركبتيه مثبتتين على الأرض بشكل مريح، مع الحفاظ على ظهره مستقيمًا.

• وضع اليدين على الركبتين: بينما الجلوس بين السجدتين، يقوم المصلي بوضع يديه على ركبتيه. ويمسك بالركبة اليمنى بيديه مع توجيه أصابعه نحو الركبة، وبالمثل للركبة اليسرى.

• الاعتدال في الجلوس: يُستحب أن يتم الجلوس بشكل معتدل وألا يكون الركوع والجلوس متسرعًا أو بطيئًا. يجب أن يتسم الجلوس في هذا الموضع بالهدوء والسكينة، حتى يشعر المسلم بعظمة اللحظة وعمق العبادة.

4. مدة الجلوس بين السجدتين

من المهم أن يولي المسلم اهتمامًا لمدة الجلوس بين السجدتين. يُستحب أن تكون المدة التي يقضيها المصلي في هذا الجلوس فترة معتدلة، بحيث لا تكون قصيرة للغاية، ولا طويلة بشكل مفرط. تختلف مدة الجلوس بحسب ما يشعر به المصلي من خشوع، لكن على الأقل يجب أن يتحقق الجلوس فترة كافية بحيث يستطيع المسلم أن يؤدي ذكره بعد السجدة الأولى، ويستعد للسجدة الثانية.

5. كيفية الذكر بين السجدتين

أثناء الجلوس بين السجدتين، يتم الدعاء والتسبيح وذكر الله عز وجل. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: “رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي” (رواه مسلم). كما يمكن للمصلي أن يذكر الله بأي صيغة من الأدعية، أو يردد بعض من الأذكار المستحبة، مثل:

• اللهم اغفر لي وارحمني.

• اللهم اجعلني من أهل الجنة.

• سبحانك اللهم وبحمدك.

6. فضل الجلوس بين السجدتين

الجلوس بين السجدتين هو لحظة من لحظات الخشوع والتواضع أمام الله سبحانه وتعالى. تساهم هذه اللحظة في تحقيق التوازن في الصلاة والتأمل في العظمة الإلهية. فضلاً عن ذلك، فإن الجلوس بين السجدتين يساعد على تجديد النشاط الروحي والبدني، ويعتبر فرصة للمؤمن للاستغفار والتوبة، وإظهار الافتقار لله.

لقد بين العلماء أهمية الجلوس بين السجدتين في تعزيز صحة الصلاة. ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “إذا سجدتَ فاجلس بين السجدتين واعتدل” (رواه مسلم)، نجد أن هذا الجلوس هو نوع من أنواع الاعتدال البدني والروحي الذي يُساهم في إتمام الصلاة بشكل كامل.

7. الأخطاء الشائعة أثناء الجلوس بين السجدتين

يجب على المسلم أن يلتزم بالقواعد والآداب الخاصة بالجلوس بين السجدتين لتجنب الأخطاء التي قد تضر بصحة الصلاة. من الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها المصلي ما يلي:

• التسرع في الجلوس: البعض قد يقوم بالانتقال بسرعة من السجدة الأولى إلى الجلوس، مما يؤدي إلى تقليل الخشوع والتركيز في الصلاة.

• عدم الاستقرار في الجلوس: قد يلاحظ بعض المسلمين أنهم لا يجلسون بشكل ثابت أو مريح، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة أو انشغال التفكير أثناء الصلاة.

• النسيان: في بعض الأحيان، قد ينسى البعض الدعاء بين السجدتين أو قد يعتقدون أنه لا داعي للذكر في هذا الموضع. إلا أن الذكر بين السجدتين يُعد من أفضل الأعمال في الصلاة.

• عدم تأدية الجلوس بشكل كامل: بعض الأشخاص قد لا يجلسون بشكل صحيح أو لا يثنون أرجلهم بطريقة صحيحة، وهو ما يقلل من قيمة الجلوس بين السجدتين.

8. الجلوس بين السجدتين في صلاة التراويح

في صلاة التراويح، كما في الصلوات الأخرى، يتم الجلوس بين السجدتين بنفس الطريقة، حيث تكون هذه اللحظة فرصة للتفكر والاعتبار. فصلاة التراويح هي صلاة نافلة تتم في شهر رمضان المبارك، ويزداد فيها التركيز والروحانية، مما يجعل الجلوس بين السجدتين في هذه الصلاة أكثر أهمية.

9. الجلوس بين السجدتين في صلوات أخرى

تُعتبر طريقة الجلوس بين السجدتين ثابتة في جميع الصلوات، سواء كانت فريضة أو نافلة. ويُلاحظ أن المؤمن في كل صلاة يستفيد من هذه اللحظة الروحية للتركيز في العبادة، والتقرب إلى الله بالدعاء والاستغفار.

10. التوصيات العامة حول الجلوس بين السجدتين

• يجب على المسلم أن يُحسن الجلوس بين السجدتين بحيث يشعر براحة بدنية وروحية.

• يفضل أن يطيل المسلم من الذكر بين السجدتين، ويفضل أن يخصص وقتًا للدعاء والتمحيص الروحي.

• يجب أن يتم الجلوس في موضعه بشكل معتدل ومستقيم.

11. الخلاصة

الجلوس بين السجدتين في الصلاة ليس مجرد حركة بدنية، بل هو لحظة من لحظات الاتصال الروحي بالله تعالى، ويعد فرصة للتأمل والذكر والاستغفار. يجب على المسلم أن يولي هذه اللحظة الأهمية التي تستحقها في كل صلاة، وألا يتسرع في الانتقال منها إلى السجدة الثانية. إن الجلوس بين السجدتين يعتبر من السنن التي تعزز الخشوع في الصلاة وتساعد في بناء العلاقة الروحية العميقة مع الله، مما يساهم في إتمام الصلاة بشكل صحيح ومقبول.