كيفية التعامل مع فرط الحركة

كيفية تعامل المعلم مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة

فرط الحركة هو اضطراب سلوكي يظهر عند بعض الأطفال ويتميز بوجود نشاط زائد يصعب السيطرة عليه، مع صعوبة في التركيز والانتباه. يُطلق على هذا الاضطراب في الغالب اسم “اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه” (ADHD)، وهو اضطراب عصبي سلوكي شائع في مرحلة الطفولة. يواجه الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب تحديات عديدة في بيئاتهم التعليمية، مما يتطلب من المعلم أن يكون على دراية بأساليب وتقنيات متعددة لدعم هؤلاء الأطفال، وتوفير بيئة تعليمية صحية وملائمة لهم.

في هذا المقال، سنتناول كيفية تعامل المعلم مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة، مع التركيز على استراتيجيات التنشئة والتعليم والتعامل النفسي.

1. التعرف على أعراض فرط الحركة

من أولى الخطوات التي يجب أن يتخذها المعلم في التعامل مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة هي التعرف على أعراض الاضطراب. تشمل الأعراض الشائعة:

• النشاط المفرط: الطفل الذي يعاني من فرط الحركة يكون دائم التحرك ولا يستطيع البقاء في مكان واحد لفترة طويلة.

• قلة التركيز: يجد الطفل صعوبة في التركيز على مهمة واحدة، وقد يبدأ العديد من الأنشطة دون إتمامها.

• الاندفاعية: يتصرف الطفل بشكل عفوي وغير مدروس، مثل مقاطعة الآخرين أو اتخاذ قرارات سريعة دون التفكير في العواقب.

• صعوبة في تنظيم الذات: يواجه الطفل صعوبة في التحكم في مشاعره أو تصرفاته في مواقف معينة.

تساعد معرفة هذه الأعراض المعلم في وضع خطة تعليمية تركز على تلبية احتياجات الطفل الخاصة.

2. الاستجابة المناسبة للتحديات السلوكية

عند التعامل مع طفل يعاني من فرط الحركة، يجب أن يكون لدى المعلم أدوات وطرق فعالة للتعامل مع السلوكيات المزعجة أو غير الملائمة. يتطلب ذلك:

• توفير بيئة هادئة ومهيئة: من الأفضل للمعلم توفير بيئة صفية هادئة تضمن تقليل المشتتات. يمكن استخدام جدران عازلة أو تنظيم الجلوس في أماكن غير مزدحمة لزيادة تركيز الطفل.

• استخدام الأنشطة المنظمة: يجب على المعلم أن ينظم الأنشطة بشكل يسمح للطفل بممارسة الحركة بطريقة هادفة. على سبيل المثال، يمكن تخصيص وقت لمهام بدنية قصيرة بين الأنشطة الفكرية لمساعدة الطفل على استهلاك طاقته الزائدة.

• وضع قوانين واضحة: من الضروري أن يكون للمعلم مجموعة من القواعد السلوكية الواضحة التي يلتزم بها الجميع. يجب أن يتم شرح هذه القواعد للطفل بوضوح وبأسلوب يناسب عمره، بحيث يفهم عواقب التصرفات غير الملائمة.

3. استراتيجيات تعليمية للتعامل مع فرط الحركة

بجانب الاستراتيجيات السلوكية، ينبغي على المعلم تبني بعض الأساليب التعليمية التي تساعد الطفل على تحسين تركيزه وتحقيق النجاح الأكاديمي:

• تقسيم الأنشطة إلى خطوات صغيرة: يمكن للطفل الذي يعاني من فرط الحركة أن يشعر بالإرهاق عندما يتعامل مع مهام كبيرة ومعقدة. لذلك، يجب تقسيم الأنشطة إلى خطوات صغيرة مع إعطاء تعليمات واضحة لكل خطوة.

• استخدام التكنولوجيا كأداة مساعدة: يمكن أن تكون التكنولوجيا أداة فعالة لتحفيز الطفل وتنظيم وقت العمل. على سبيل المثال، يمكن استخدام التطبيقات التعليمية التي تشجع على التركيز وتقدم مكافآت عند إتمام المهام.

• التركيز على الأنشطة العملية: الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة عادةً ما يفضلون الأنشطة التي تتضمن الحركة أو التفاعل الجسدي. لذلك، يُستحسن دمج الأنشطة العملية التي تتطلب الحركة، مثل استخدام الألعاب التعليمية أو التجارب العملية.

• استخدام أسلوب التعلم التعاوني: المشاركة في الأنشطة الجماعية يمكن أن تعزز من قدرة الطفل على التركيز وتساعده على التواصل مع زملائه. كما تعطيه فرصة للتركيز على مهمة محددة داخل المجموعة.

4. التعامل مع الاندفاعية والتهور

غالبًا ما يظهر الأطفال المصابون بفرط الحركة سلوكًا متهورًا أو اندفاعيًا، مثل مقاطعة المعلم أو باقي الأطفال أثناء الحديث أو اتخاذ قرارات غير محسوبة. لمساعدة الطفل على التحكم في هذه التصرفات، يمكن اتباع الآتي:

• إعطاء إشارات مرئية: يمكن للمعلم استخدام إشارات مرئية أو إيماءات لتهدئة الطفل قبل أن يتصرف بشكل متهور، مثل الإشارة له بالابتسام أو باليد للإشارة إلى ضرورة التوقف والانتظار.

• استخدام نظام المكافآت: يمكن للمعلم تطبيق نظام المكافآت بحيث يحصل الطفل على مكافأة صغيرة عند التزامه بالقواعد وعدم الاندفاع. يمكن أن تكون المكافآت على شكل نقاط أو تصفيق أو غيرها من وسائل التحفيز.

• تعليم الطفل مهارات التحمل والانضباط الذاتي: من المهم أن يعوّد المعلم الطفل على انتظار دوره في الأنشطة الصفية. يمكن تدريب الطفل على تقنيات التنفس العميق أو غيرها من استراتيجيات تهدئة النفس لمساعدته في التحكم في مشاعره.

5. تعزيز العلاقات الإيجابية مع الطفل

الطفل الذي يعاني من فرط الحركة قد يعاني من مشاعر سلبية تجاه نفسه بسبب صعوبة التكيف مع البيئة المدرسية. لذلك، يجب على المعلم تعزيز العلاقة الإيجابية مع الطفل عبر:

• الاهتمام بالطفل عاطفيًا: ينبغي أن يظهر المعلم اهتمامًا خاصًا بالطفل، ويشعره بأنه موضع احترام وتقدير رغم سلوكه المزعج أحيانًا.

• التشجيع والتحفيز: يجب أن يُشجع المعلم الطفل على التفاعل والمشاركة في الأنشطة بشكل إيجابي، مع تقديم التشجيع والدعم عند إتمام المهام بنجاح.

• التواصل مع الأسرة: يعتبر التواصل مع الأسرة جزءًا أساسيًا من استراتيجية التعامل مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة. يمكن للمعلم التعاون مع الوالدين لمتابعة تقدم الطفل في المدرسة وتحديد الأنشطة والممارسات التي تساهم في تحسين سلوك الطفل.

6. التعامل مع التأثيرات النفسية والاجتماعية

العديد من الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة يعانون أيضًا من مشاكل نفسية واجتماعية مثل انخفاض الثقة بالنفس، والقلق، والاكتئاب. يتطلب التعامل مع هذه الجوانب:

• الاهتمام بالصحة النفسية للطفل: يجب أن يكون المعلم مستعدًا للاستماع إلى الطفل وفتح مجال للتعبير عن مشاعره. يمكن أن يكون لدى بعض الأطفال مخاوف مرتبطة بالأداء الأكاديمي أو التفاعلات الاجتماعية، مما يجعل المعلم بحاجة إلى تقديم الدعم النفسي.

• تعزيز مهارات التعامل الاجتماعي: يمكن أن يساعد المعلم في تدريب الطفل على مهارات التعامل الاجتماعي المناسبة، مثل كيفية الانتظار بدوره أو كيفية التفاعل بلطف مع الأقران.

7. التدريب المستمر للمعلمين

أخيرًا، يجب على المعلمين أن يواصلوا تدريبهم وتثقيفهم حول اضطراب فرط الحركة. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

• حضور ورش عمل وندوات متخصصة: يجب على المعلمين حضور ورش عمل وندوات حول كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة. يتيح ذلك لهم التعرف على أحدث الأساليب العلاجية والتربوية التي يمكنهم تطبيقها في الفصل.

• الاستشارة مع المتخصصين: من المهم أن يتعاون المعلمون مع أخصائيين نفسيين وطبيين في حالة وجود صعوبة كبيرة في التعامل مع الطفل. يمكن للأخصائيين تقديم التوجيهات اللازمة وتحديد برامج علاجية متكاملة.

خاتمة

يعد التعامل مع الطفل الذي يعاني من فرط الحركة تحديًا كبيرًا، ولكنه يمكن أن يكون مجزيًا إذا تم اتباع أساليب مهنية وصحيحة. من خلال توفير بيئة تعليمية منظمة، واستخدام استراتيجيات تعليمية فعالة، وتعزيز الدعم النفسي، يمكن للمعلم أن يساعد الطفل على تحقيق إمكاناته الكاملة. إن التعاون بين المعلم والأسرة والمعالجين النفسيين يعد أساسيًا لنجاح هذه العملية.