كيفية التعامل مع الشخص العصبي

الشخص العصبي هو ذلك الإنسان الذي تظهر عليه ردود فعل انفعالية قوية تجاه المواقف التي قد تبدو بسيطة أو عادية لدى الآخرين. يتسم هذا النوع من الأشخاص بسرعة الغضب والانفعال، وقد تتسبب ردود أفعالهم في توتر العلاقات الاجتماعية والمهنية، لذا فإن التعامل معهم يحتاج إلى فهم عميق وصبر واستراتيجيات فعالة تساعد على التخفيف من حدة انفعالاتهم وتحسين التواصل معهم. يستعرض هذا المقال بأسلوب علمي وعملي كيفية التعامل مع الشخص العصبي بشكل مفصل، مستعرضًا الجوانب النفسية، والسلوكية، والاستراتيجيات التي يمكن اتباعها في هذا السياق.

مفهوم العصبية وأسبابها النفسية

العصبية ليست مجرد تصرفات سطحية بل هي انعكاس لحالة نفسية معقدة يمكن أن تكون ناتجة عن تراكم الضغوط، أو التعرض لمواقف مؤلمة أو صدمات نفسية، أو اضطرابات في الشخصية، أو حتى عوامل بيولوجية مثل اضطرابات كيمياء الدماغ أو نقص في بعض الفيتامينات والمعادن. كما أن العصبية قد تكون رد فعل على الإحساس بعدم السيطرة أو الخوف أو القلق.

غالبًا ما يكون الشخص العصبي يعاني من مشاعر مكبوتة أو غير معبر عنها بشكل صحي، وقد يشعر بالعجز عن التعبير عن نفسه بطريقة هادئة ومنطقية، ما يجعل الغضب والانفعال الوسيلة الوحيدة لديه للتعبير عن استيائه.

سمات الشخص العصبي

• سرعة الغضب والانفعال دون مقدمات واضحة.

• ردود فعل مبالغ فيها تجاه المواقف العادية.

• ميل إلى التفكير السلبي وتوقع الأسوأ.

• صعوبة في التحكم في الانفعالات.

• توتر في العلاقات الاجتماعية والعائلية.

• أحيانًا يظهر مشاعر الندم بعد الانفعال لكنه يكرر السلوك ذاته.

أهمية فهم الشخص العصبي قبل التعامل معه

فهم الدوافع النفسية والعاطفية للشخص العصبي هو الخطوة الأولى نحو التعامل السليم معه. إذ إن محاولة السيطرة عليه أو مواجهته بغضب مقابل غضب تزيد من التصعيد، وتعزز من توتر الموقف. لذلك، فإن إدراك أن العصبية قد تكون تعبيرًا عن معاناة داخلية أو اضطراب مؤقت يجعل التعاطف والصبر أدوات فعالة في مواجهة هذه الحالة.

استراتيجيات التعامل مع الشخص العصبي

1. المحافظة على الهدوء

أول وأهم خطوة في التعامل مع الشخص العصبي هي الحفاظ على هدوئك الشخصي. الانفعال أو الغضب مقابل الغضب يؤدي إلى تصعيد الأمور. السيطرة على النفس تظهر قدرة على التعامل الناضج مع الموقف وتجعل الطرف الآخر يهدأ تدريجيًا.

2. الاستماع الفعّال

يحتاج الشخص العصبي غالبًا إلى الشعور بأنه مسموع ومفهوم. لذلك، الاستماع إليه بدون مقاطعة أو حكم مسبق يعزز من شعوره بالأمان العاطفي، وقد يقلل من شدة ردود فعله. استخدام عبارات توضيحية مثل “أنا أفهم ما تقول” أو “أرى أنك منزعج” تعبر عن التعاطف.

3. تجنب المواجهة المباشرة والجدل

الجدال ومحاولة فرض الرأي غالبًا ما تزيد من غضب الشخص العصبي. من الأفضل تأجيل الحوار الجدي إلى وقت أكثر هدوءًا، أو التحدث معه بطريقة هادئة تعبر عن الرغبة في الحل لا في المواجهة.

4. استخدام لغة الجسد الإيجابية

لغة الجسد تلعب دورًا مهمًا في تخفيف التوتر. الابتسامة الهادئة، الحفاظ على التواصل البصري المناسب، وعدم التململ أو التوتر أثناء الحوار تساعد على نقل شعور بالهدوء والثقة للطرف الآخر.

5. تقديم المساعدة بطرق غير مباشرة

في بعض الأحيان يحتاج الشخص العصبي إلى دعم نفسي أو مساعدات في تنظيم حياته اليومية، لكنه قد لا يعبر عن ذلك بوضوح. تقديم المساعدة بلطف وبدون ضغط، مثل اقتراح أنشطة للاسترخاء أو التحدث عن تجارب مشابهة، قد يساعد في تخفيف حدة العصبية.

6. وضع حدود واضحة

التسامح مهم لكن دون السماح للسلوك العصبي بأن يؤذي أو يؤثر سلبًا على الطرف الآخر. وضع حدود واضحة للسلوك المقبول والتعامل مع الانفعالات بطريقة حازمة لكنها هادئة يساهم في تقليل التوتر المستمر.

7. تشجيع الشخص العصبي على التعبير عن مشاعره بطرق صحية

توجيه الشخص إلى استخدام طرق بديلة للتعبير عن الغضب مثل ممارسة الرياضة، أو الكتابة، أو تقنيات التنفس العميق، أو اللجوء إلى الاستشارة النفسية يعزز من إدارة الانفعالات بشكل أكثر فاعلية.

دور البيئة الاجتماعية في التعامل مع العصبية

البيئة الاجتماعية المحيطة تلعب دورًا كبيرًا في تأثير الشخص العصبي. وجود جو من الدعم النفسي، والتفاهم، والاحترام المتبادل في العائلة أو مكان العمل يساعد على تقليل الانفعالات السلبية. من الضروري أيضًا أن يكون هناك قبول للفرد كما هو مع محاولة مد يد المساعدة، بعيدًا عن الحكم أو الاستهزاء.

التعامل مع الشخص العصبي في المواقف العملية

في بيئة العمل أو المواقف الاجتماعية، قد يتطلب التعامل مع الشخص العصبي ضبط النفس بشكل أكبر، وذلك من خلال:

• اختيار الوقت المناسب للحديث معه.

• الابتعاد عن الموضوعات التي تثير غضبه بشكل مباشر.

• العمل على توفير حلول عملية تساعد في تخفيف الضغوط التي يتعرض لها.

• اللجوء إلى الوسطاء أو القائمين على حل النزاعات عند الحاجة.

التأثيرات الصحية للعصبية المتكررة

العصبية المزمنة قد تؤثر بشكل سلبي على الصحة الجسدية والنفسية. فهي تزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب، اضطرابات النوم، والقلق المزمن. لذلك فإن التحكم في العصبية ليس فقط لتحسين العلاقات، بل للحفاظ على الصحة العامة.

تقنيات علم النفس المساعدة في ضبط العصبية

هناك عدة تقنيات نفسية معترف بها تساعد الأشخاص على التحكم في غضبهم، منها:

• تقنية التنفس العميق: تساعد على تقليل التوتر وتحسين التركيز.

• إعادة التقييم المعرفي: تدريب العقل على تغيير النظرة السلبية إلى مواقف معينة وتحويلها إلى نظرة إيجابية أو واقعية.

• الاسترخاء التدريجي: من خلال التمارين العضلية التي تساعد على تقليل التوتر الجسدي المرتبط بالعصبية.

• التأمل واليقظة الذهنية: تساهم في زيادة وعي الشخص بحالته النفسية وتمكنه من التحكم في ردود أفعاله.

جدول يلخص استراتيجيات التعامل مع الشخص العصبي

الخلاصة

التعامل مع الشخص العصبي يتطلب مستوى عاليًا من الوعي النفسي، والصبر، والمهارات التواصلية. إن فهم الأسباب وراء العصبية والحرص على توفير بيئة داعمة يمكن أن يقلل من حدة ردود الفعل الانفعالية ويحسن جودة العلاقات الشخصية والمهنية. باستخدام الاستراتيجيات العلمية والنفسية، يمكن تقليل تأثير العصبية السلبية على الصحة النفسية والجسدية، وبالتالي بناء علاقات أكثر استقرارًا وهدوءًا.

المصادر والمراجع

1. American Psychological Association. (2020). Managing anger and irritability. https://www.apa.org/topics/anger/control

2. Mayo Clinic. (2022). Anger management: Tips to tame your temper. https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/adult-health/in-depth/anger-management/art-20045434