كيفية التسليم في الصلاة
التسليم في الصلاة هو من الأركان الأساسية التي تميز الصلاة عن غيرها من العبادات، ويعد آخر خطوة في الصلاة بعد إتمام كافة الحركات والقوليات التي فرضها الشرع. لذلك، يعد التسليم في الصلاة عنصرًا ذا أهمية خاصة في عبادة المسلمين، حيث يختتم به المسلم صلاته ويؤدي إلى استكمال هذه العبادة التي يتوجه بها إلى الله تعالى.
مفهوم التسليم في الصلاة
التسليم في الصلاة هو قول “السلام عليكم ورحمة الله” بعد الانتهاء من أداء الصلاة، ويكون ذلك على جانبي الوجه، وهو الفعل الذي ينهي الصلاة ويخرج المصلي من حالة العبادة التي كان فيها. ويعد التسليم من السنن الثابتة في الصلاة، ويُتبع بها إتمام الصلاة بأدب وطمأنينة بعد أداء كافة الأذكار والحركات.
دليل مشروعية التسليم في الصلاة
أجمع العلماء على أن التسليم في الصلاة من السنة الثابتة في الأحاديث النبوية. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “تحقيق التسليم فرض في الصلاة”. ومن بين الأدلة المتوافرة التي تدل على مشروعية التسليم، جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من الصلاة سلم عن يمينه، ثم عن يساره”. وهذا يشير إلى أن التسليم بالسلام في الصلاة هو سنة مؤكدة، ولم يكن قط من خصائص الأئمة أو الطوائف فحسب، بل كان عملًا جماعيًا يعبر عن طمأنينة واستكمال الصلاة.
كيفية التسليم في الصلاة
يكون التسليم في الصلاة بعد الانتهاء من كافة الأركان والقوليات، وفيما يلي بيان كيفية التسليم في الصلاة بالتفصيل:
-
التسليم عن يمينك:
يبدأ المصلي في تسليمه بقوله “السلام عليكم ورحمة الله” مع تحريك رأسه إلى جهة اليمين. وعند تحريك الرأس إلى جهة اليمين، ينطق المسلم بالكلام بشكل واضح وهادئ، ويكون وجهه موجهًا نحو الجهة اليمنى مع انثناء الرأس بقدر معتدل دون مبالغة. -
التسليم عن يسارك:
بعد إتمام التسليم عن يمينك، يلتفت المصلي برأسه إلى جهة اليسار، ويقول “السلام عليكم ورحمة الله” مرة أخرى. كما هو الحال مع التسليم عن اليمين، يجب أن يكون القول والتوجيه للرأس باتجاه اليسار من غير تسرع أو إغفال. -
الطمأنينة أثناء التسليم:
يُستحب في التسليم أن يكون المصلي مطمئنًا، بحيث لا يسرع في حركاته أو كلامه. ومن هنا نجد أن التسليم في الصلاة يتطلب أن يتم على وجه هادئ، دون أي تسرع أو انفعال، لأن الصلاة هي عبادة تهدف إلى الاتصال العميق مع الله، ويجب أن يختتمها المسلم بهدوء وتواضع. -
التسليم مع نية الاستغفار والتوبة:
يُستحب أن يكون المصلي بعد الانتهاء من الصلاة والتسليم في وضع يذكر فيه الله، سواء باستغفار أو بدعاء، حيث إنه من السنة أن يدعو المسلم بعد الصلاة، ولو كانت الصلاة قد أتمها بشكل صحيح، وذلك تذكيرًا له بحاجته الدائمة إلى عون الله وغفرانه.
الحكمة من التسليم في الصلاة
إن التسليم في الصلاة، بجانب كونه ركنًا من أركان الصلاة، يحمل أيضًا حكمة عميقة في الإسلام. إذ يعد التسليم على المسلمين جزءًا من السلام الذي أمرنا به ديننا الحنيف. ويظهر ذلك من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته” هو نوع من إظهار التعاطف والإخاء بين المسلمين. التسليم هو رمز للسلام بين الناس وارتباطهم بالله، فهو يرمز إلى إحلال الطمأنينة في النفس.
علاوة على ذلك، يعد التسليم في الصلاة إتمامًا لعبادة المؤمن والتزامه بما فرضه الله، حيث يختم المصلي صلاته بطاعة لله ورسوله، مبتعدًا عن أي نوع من أنواع التفاخر أو العجب. كما يُعتبر التسليم التوديع الأخير في هذه العبادة التي قضى فيها وقتًا في مناجاة ربه.
هل التسليم فرض أم سنة؟
التسليم في الصلاة على رأي جمهور العلماء هو سنة مؤكدة، فقد قال الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل في ذلك، بل ربطوا التسليم بعد الانتهاء من الصلاة بمعيار قبول الصلاة نفسها. بل إن التسليم يُعتبر من علامات اكتمال الصلاة، وفي حال عدم التسليم، قد تُعتبر الصلاة ناقصة ولا تكتمل. أما في المذهب المالكي، فقد اعتبر بعضهم التسليم من السنن المستحبة التي لا تُبطل الصلاة في حال تركها، ولكن يُستحب للمصلي أن يلتزم بها.
الفرق بين التسليم في الصلاة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
هناك فرق بين التسليم في الصلاة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. التسليم هو حركة ورد فعل يؤديها المصلي بعد أن يتم صلاته، بينما الصلاة على النبي هي جزء من أذكار الصلاة، وتُقال أثناء الصلاة، لا بعد إتمامها. ففي كل صلاة مفروضة، ينبغي على المصلي أن يقول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع محددة، كأن يكون ذلك في التشهد أو في الدعاء، إلا أن التسليم يحدث في آخر الصلاة بعد أداء جميع الأذكار.
التسليم في الجماعة
عند الصلاة في جماعة، يكون التسليم في الصلاة عن يمين الإمام أولاً، ثم يليه بقية المصلين في الصلاة، ويجب أن يُسلم جميع المصلين عن اليمين واليسار بنفس الطريقة، وذلك لإظهار وحدة الجماعة وروح التعاون بينهم. ومع أنه يجوز لأحد المصلين أن يُسلم بشكل فردي إذا كان يصلي بمفرده، فإن التسليم في جماعة يُعتبر مؤكدًا، حيث أن معظم الأئمة والفقهاء اعتبروا التسليم في جماعة من وسائل تعزيز الروح الجماعية والترابط بين المسلمين.
التسليم عند انقطاع الصلاة
في حال انقطاع الصلاة بسبب عذر معين، كما في حالة حدوث خطأ أو نسيان، يُستحب أن يتم التسليم بشكل مؤقت ويُعاد أداء الصلاة بعد ذلك. فعند الانقطاع المؤقت للصلاة، يكون التسليم هو الإجراء الأخير لاستئناف الصلاة بعد تصحيح الخطأ أو انقطاع العبادة.
أهمية التسليم في حفظ الصلاة
من خلال الحديث عن أهمية التسليم في الصلاة، نجد أن هذا العنصر لا يُختتم به الصلاة فحسب، بل يرمز إلى اكتمال العبادة وتأكّد من أدائها كما أمر الله تعالى. التسليم هو خطوة لا تقتصر على النطق بالسلام، بل هو أيضًا تأكيد على الالتزام والاحترام والتواضع في العبادة. في التسليم، يُظهر المسلم تعبيرًا عن العودة إلى محيطه الاجتماعي بعد أن كان في حالة خاصة من التواصل مع الله، وبالتالي فإن التسليم يعد مرحلة تحترم الشريعة وتزيد من تأكيد الصلاة.
التأكيد على التسليم بعد الصلاة
أورد الفقهاء عدة توجيهات للمسلمين بشأن التسليم، حيث يتأكدون من أنه لا يتم بأي حالٍ من الأحوال تركه أو الغفلة عنه. إذ أن التسليم هو الإشارة الواضحة لانتهاء الصلاة، وهو علامة على إتمام العبادة بشكل كامل وفقًا للضوابط الشرعية.
الخاتمة
التسليم في الصلاة يعد من أركان العبادة الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها. وهو من السنن المؤكدة التي جاءت بها الأحاديث النبوية الشريفة، ويعكس من خلالها المسلم التزامه الكامل بكل أركان الصلاة وطاعته لله تعالى. تسليم المسلم في الصلاة ليس مجرد قول جاف، بل هو تعبير عن الطمأنينة، وهو توديع لله عز وجل بعد أداء عبادة عظيمة. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يعكف على أداء التسليم بشكل صحيح في كل مرة يؤدي فيها الصلاة، مستشعرًا معناها وأثرها في نفسه وفي محيطه.
