كيفية استخراج السكر: عملية الإنتاج من النبات إلى المنتج النهائي
السكر هو واحد من أكثر المواد الغذائية استهلاكًا في العالم، ويعد من المكونات الأساسية في العديد من الأطعمة والمشروبات. لكن كثيرًا من الناس لا يعرفون أن السكر الذي يستخدمونه في حياتهم اليومية لا يأتي بشكل مباشر من الطبيعة، بل يمر عبر عدة مراحل من المعالجة لاستخراجه من النباتات التي تحتوي على السكريات الطبيعية. في هذا المقال، سنناقش كيفية استخراج السكر، بدءًا من زراعته وحتى تحوله إلى منتج نقي يمكن استخدامه في مختلف الصناعات.
1. النباتات المصدرية للسكر
يوجد نوعان رئيسيان من النباتات التي يتم استخراج السكر منها: قصب السكر وشمندر السكر. يُزرع قصب السكر بشكل أساسي في المناطق الاستوائية مثل البرازيل والهند، بينما يُزرع شمندر السكر في المناطق المعتدلة مثل روسيا والدول الأوروبية.
أ. قصب السكر:
قصب السكر هو أحد أقدم المصادر المعروفة لاستخراج السكر. يحتوي على كمية كبيرة من السكر في سيقانه، ويتميز بارتفاع إنتاجه في المناطق الحارة. يُزرع القصب في التربة الخصبة، ويتطلب رطوبة عالية وأشعة شمس دافئة لينمو بشكل جيد.
ب. شمندر السكر:
شمندر السكر، على الرغم من أنه أقل شهرة من قصب السكر، إلا أنه يُستخدم بشكل واسع في الدول التي لا تتمتع بمناخ استوائي. يحتوي شمندر السكر على تركيز جيد من السكريات في جذوره، حيث تُستخرج المادة السكرية بعد استخراج العصير من الجذور.
2. حصاد المحاصيل
يتم حصاد قصب السكر وشمندر السكر في فترات معينة من السنة عندما تصل المحاصيل إلى أفضل مرحلة للنضج. في حالة قصب السكر، يتم تقطيع السيقان باستخدام معدات خاصة ثم جمعها. أما في حالة شمندر السكر، يتم استخراج الجذور بواسطة الآلات المخصصة لذلك.
3. استخراج العصير
أ. استخراج العصير من قصب السكر:
بعد الحصاد، يتم إرسال سيقان قصب السكر إلى مصانع السكر حيث تتم عملية العصر لاستخراج العصير. في البداية، يتم تنظيف السيقان من الأتربة والأوساخ، ثم يتم تمريرها عبر آلات قوية لفرمها وسحقها. يتم عصر السيقان تحت ضغط عالٍ للحصول على العصير السكري. يتم جمع العصير في خزانات خاصة قبل نقله إلى مراحل المعالجة التالية.
ب. استخراج العصير من شمندر السكر:
عند استخدام شمندر السكر، يتم أولاً تنظيف الجذور جيدًا ثم تقطيعها إلى قطع صغيرة. بعد ذلك، يتم غمر القطع في الماء الساخن لاستخراج العصير السكري، وهو ما يُعرف بعملية الاستخلاص المائي. يتم تمرير العصير المستخرج إلى مراحل التنقية قبل البدء في تكريره.
4. معالجة العصير
بمجرد الحصول على العصير من النباتات المصدرية، يتم تنظيفه من الشوائب والمكونات غير المرغوب فيها. تتم هذه المرحلة عن طريق إضافة بعض المواد الكيميائية التي تساعد في تفاعل الشوائب مع بعضها البعض، بحيث يمكن فصلها بسهولة عن العصير.
أ. التصفية والترشيح:
في البداية، يتم تصفية العصير من الشوائب الكبرى مثل الألياف النباتية والعوالق. بعد ذلك، يتم ترشيح العصير لإزالة الأتربة والمواد غير القابلة للذوبان. تستخدم عادة في هذه العملية مرشحات متعددة لضمان الحصول على عصير نقي.
ب. إزالة الملوثات:
يتم إضافة مواد كيميائية معينة مثل الجير والفوسفات التي تعمل على التفاعل مع الشوائب مثل البروتينات والأملاح. يترسب هذا الخليط في قاع الخزان، مما يسهل عملية فصله عن العصير النقي.
5. التبخير والتركيز
بعد أن يصبح العصير خاليًا من الشوائب، يتم تقليص حجم العصير من خلال التبخير. في هذه المرحلة، يتم تسخين العصير لدرجة حرارة عالية في جهاز تبخير متعدد المراحل لإزالة الماء الزائد وتحويل العصير إلى سائل مركّز. هذا السائل المركز يحتوي على نسبة عالية من السكر، ولكنه لا يزال يحتوي على الكثير من الماء.
6. التبلور والتكرير
أ. التبلور:
في هذه المرحلة، يتم إضافة بعض البلورات الصغيرة من السكر إلى العصير المركّز. تحت تأثير الحرارة، تبدأ هذه البلورات في النمو بسرعة، وتتشكل بلورات السكر داخل السائل. بعد أن تنمو البلورات إلى الحجم المطلوب، يتم فصلها عن السائل باستخدام الطرد المركزي.
ب. التكرير:
السكر البلوري الذي تم الحصول عليه لا يكون نقيًا تمامًا في البداية. لذلك، يتم تكريره من خلال عدة مراحل إضافية. يتم إذابة البلورات في الماء، ثم إعادة بلورتها بعد إضافة بعض المواد الكيميائية المساعدة في إزالة الشوائب المتبقية. تتكرر هذه العملية عدة مرات للحصول على سكر نقي بنسبة عالية.
7. التجفيف والفرز
بمجرد أن يصبح السكر في شكل بلوري نقي، يتم تجفيفه باستخدام أجهزة تجفيف خاصة مثل الأفران الدوارة أو أجهزة التجفيف بالهواء الساخن. بعد أن يصبح السكر جافًا تمامًا، يتم فرزه وتصنيفه حسب الحجم والنقاء. يتم تخزين السكر النهائي في أكياس أو حاويات كبيرة جاهزة للشحن إلى الأسواق.
8. الإنتاج النهائي للسكر المكرر
السكر الذي تم تجفيفه عادة ما يكون في شكل حبيبات كبيرة اللون يميل إلى أن يكون بنيًا قليلاً بسبب وجود بعض المواد الطبيعية مثل المولاس (شراب السكر الخام). للتخلص من اللون والنكهات غير المرغوب فيها، يتم إجراء عملية تكرير إضافية تسمى التبييض. هذه العملية تتضمن استخدام مواد مثل الكربون النشط أو المواد الكيميائية لإزالة أي آثار غير مرغوب فيها.
بعد التبييض، يصبح السكر أبيض نقيًا. يتم تعبئته في عبوات مختلفة ليتم بيعه للاستهلاك التجاري.
9. استخدامات السكر النهائي
بعد استخراج السكر من النباتات ومعالجته، يصبح المنتج النهائي جاهزًا لاستخدامه في العديد من الصناعات. السكر ليس فقط أحد المكونات الأساسية في صناعة الأغذية والمشروبات، ولكنه يُستخدم أيضًا في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل، وحتى في الصناعات غير الغذائية مثل المواد الكيميائية والوقود الحيوي.
في صناعة الأغذية، يُستخدم السكر لإضافة الطعم الحلو للمنتجات، بالإضافة إلى دوره في حفظ الأطعمة وتحسين قوامها. كما يُستخدم في تصنيع المشروبات الغازية والعصائر، وكذلك في الحلويات والمخبوزات.
10. بدائل السكر
في السنوات الأخيرة، ظهرت بدائل للسكر تُستخدم بشكل متزايد في المنتجات الغذائية، خاصة لأولئك الذين يسعون لتقليل استهلاك السكر لأسباب صحية. من بين هذه البدائل نجد السكر الصناعي مثل السكارين والأسبارتام، وكذلك البدائل الطبيعية مثل ستيفيا والعسل.
ومع تزايد الاهتمام بالصحة العامة والحميات الغذائية، تتزايد أيضًا الأبحاث في مجال إيجاد طرق جديدة لاستخراج السكر أو استخدام بدائل أخرى أكثر صحة.
خاتمة
يعد استخراج السكر عملية معقدة وطويلة تتطلب تقنيات عالية وأجهزة متطورة لضمان الحصول على منتج نقي وعالي الجودة. من زراعة النباتات المصدرية مثل قصب السكر وشمندر السكر، وصولاً إلى مراحل المعالجة والتكرير، يمر السكر بعدة خطوات تجعل منه واحدًا من المكونات الأساسية في حياتنا اليومية.
