كيفية إخراج زكاة التجارة

كيفية إخراج زكاة التجارة

تعتبر الزكاة من الركائز الأساسية في الإسلام، وهي فريضة شرعية تهدف إلى تطهير المال وتنميته من خلال تقاسم جزء من المال مع الفقراء والمحتاجين. يختص الحديث في هذا المقال بزكاة التجارة، وهي الزكاة التي يتوجب على التاجر دفعها عن الأموال التي يستخدمها في تجارته. سنتناول في هذا المقال كافة التفاصيل المتعلقة بكيفية إخراج زكاة التجارة، من شروط وطرق حسابها وصولاً إلى كيفية دفعها.

مفهوم زكاة التجارة

زكاة التجارة هي الزكاة التي تجب على المال الذي يستخدمه التاجر في ممارسة تجارته، سواء كانت هذه التجارة في السلع أو الخدمات أو الأسهم أو غيرها من الأموال التي يهدف التاجر من خلالها إلى تحقيق الربح. وتعد زكاة التجارة من أنواع الزكاة التي يجب على المسلم دفعها عن الأموال التي يقيم بها النشاط التجاري، وتستهدف الزكاة المال التجاري الذي تجاوز نصاب الزكاة، ويستمر ملكه لمدة عام هجري كامل.

تختلف زكاة التجارة عن الزكاة الواجبة على المال الشخصي أو المال المدخر، حيث أن الزكاة في التجارة تتعلق بالأرباح التي يحققها التاجر من البيع والشراء، وتختلف في حساباتها بحسب نوع النشاط التجاري وحجم رأس المال والأرباح التي تحققها التجارة.

شروط وجوب زكاة التجارة

لكي تجب الزكاة على مال التجارة، هناك عدة شروط يجب توافرها:

1. أن يكون المال مخصصًا للتجارة: يجب أن يكون المال مخصصًا للعمل التجاري من بيع وشراء، فلا تجب الزكاة على المال المدخر للاستعمال الشخصي أو المخصص للاستثمار.

2. أن يمر عليه عام هجري كامل: يجب أن يمر عام هجري كامل على المال التجاري قبل أن يتم إخراج الزكاة عنه. وهذا يعني أن التاجر لا يخرج الزكاة عن الأموال التي لا تزال في بداية دورة التداول أو التي لم تتجاوز سنة هجريّة.

3. أن يكون المال قد بلغ النصاب: لكي تجب الزكاة، يجب أن يصل المال التجاري إلى النصاب الشرعي، وهو مقدار معين من المال الذي يساوي 85 جرامًا من الذهب أو ما يعادله من المال النقدي. فإذا لم يصل المال إلى النصاب، فلا تجب الزكاة عليه.

4. أن يكون المال نقدًا أو سلعًا قابلة للبيع: يشترط أن تكون السلع التي يتاجر بها التاجر قابلة للبيع والشراء بسهولة. وإذا كانت السلع غير قابلة للتداول بسهولة في السوق، فقد يتطلب الأمر مراجعة فقهية لتحديد ما إذا كانت الزكاة تجب عليها أم لا.

كيفية حساب زكاة التجارة

بعد التأكد من أن المال التجاري بلغ النصاب ومر عليه عام هجري كامل، يجب حساب الزكاة المستحقة.

1. حساب رأس المال: بدايةً، يجب حساب رأس المال الذي تم استثماره في التجارة. يتضمن رأس المال الأموال التي استخدمها التاجر في شراء البضائع أو السلع التي يبيعها، بالإضافة إلى التكاليف الأخرى المرتبطة بالتجارة مثل الرسوم والضرائب.

2. حساب الأرباح: بعد ذلك، يتم حساب الأرباح التي حققها التاجر من عمليات البيع والشراء. يتطلب ذلك معرفة الإيرادات التي تم تحصيلها من بيع السلع خلال العام.

3. حساب الزكاة: الزكاة المستحقة على المال التجاري هي 2.5% من مجموع رأس المال والأرباح. وبذلك، إذا كان المال التجاري قد بلغ النصاب، وتم مرور عام هجري عليه، فإن التاجر يجب أن يدفع 2.5% من القيمة الإجمالية للمال، سواء كان رأس المال أو الأرباح، كزكاة.

على سبيل المثال، إذا كان رأس مال التاجر 100,000 ريال سعودي، وحقق ربحًا قدره 50,000 ريال سعودي خلال العام، فإن الزكاة المستحقة ستكون:

$$(100,000 + 50,000) × 2.5\% = 3,750 ريال سعودي$$

4. حساب الزكاة على السلع: في حالة أن التاجر يتاجر في سلع، فإن الزكاة تُحسب على قيمة السلع التي لديه في آخر العام الهجري. فإذا كانت السلع قد تجاوزت النصاب، فيجب دفع الزكاة عنها، وإذا كانت قيمتها أقل من النصاب، فلا تجب الزكاة.

متى يتم إخراج زكاة التجارة؟

يجب على التاجر إخراج الزكاة في الوقت المحدد الذي يتم فيه مرور عام هجري كامل على المال التجاري. هذا يشمل المال الموجود في الخزائن أو الأرصدة البنكية أو السلع التي يمتلكها التاجر في متجره. يتم تحديد وقت إخراج الزكاة بناءً على بداية الحول (السنة الهجرية) التي تبدأ من تاريخ بداية التجارة أو من تاريخ وصول المال إلى النصاب.

كيفية إخراج زكاة التجارة

بعد حساب الزكاة المستحقة، يجب على التاجر إخراج الزكاة. يمكن أن يتم إخراج الزكاة بعدة طرق، منها:

1. إعطاء الزكاة مباشرة للفقراء والمحتاجين: يمكن للتاجر دفع الزكاة مباشرة إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، مثل الفقراء والمساكين والمحتاجين. من الأفضل أن يتم ذلك من خلال جمعيات أو مؤسسات خيرية موثوقة.

2. التبرع للمشاريع الخيرية: إذا كان التاجر يفضل أن يتم توزيع الزكاة عبر مؤسسات خيرية، يمكنه التبرع بها لدعم المشاريع الاجتماعية التي تهدف إلى مساعدة الفقراء، مثل بناء المدارس أو المستشفيات.

3. دفع الزكاة عن طريق البنك أو وسائل الدفع الإلكترونية: في العصر الحديث، يمكن دفع الزكاة عبر وسائل الدفع الإلكترونية مثل البنوك أو التطبيقات المالية التي تقدم خدمات دفع الزكاة، شريطة أن تكون تلك الوسائل موثوقة وتضمن وصول الزكاة إلى مستحقيها.

الزكاة على الأسهم والأوراق المالية

تجب الزكاة أيضًا على الأسهم التي يمتلكها التاجر في الشركات التي يتعامل بها. يتم حساب الزكاة على الأسهم بناءً على قيمتها السوقية في آخر العام الهجري، ويجب دفع الزكاة بنسبة 2.5% من إجمالي القيمة السوقية للأسهم التي يمتلكها التاجر.

الزكاة على الأموال المشتركة في الشركات

إذا كان التاجر جزءًا من شركة أو شراكة، فإن الزكاة تجب على نصيبه من المال والأرباح التي تم تحصيلها من خلال نشاط الشركة. يتم حساب الزكاة بناءً على نصيب التاجر من المال والأرباح، ويجب دفع الزكاة بناءً على هذه الحصة.

فوائد إخراج زكاة التجارة

إخراج زكاة التجارة يعود بالكثير من الفوائد على التاجر والمجتمع بشكل عام. من أهم هذه الفوائد:

1. تطهير المال: زكاة التجارة تطهر المال من الشوائب وتزيد من بركة المال. فإخراج الزكاة يطهر المال من الطمع والجشع ويشجع التاجر على الالتزام بالقيم الأخلاقية والشرعية.

2. مساعدة الفقراء والمحتاجين: الزكاة تساهم في تحسين حياة الفقراء والمحتاجين، حيث يتم توزيعها على المستحقين الذين يحتاجون إليها للعيش الكريم.

3. زيادة البركة: إخراج الزكاة يعزز من بركة المال ويزيد من فرص النجاح في الأعمال التجارية، حيث يشعر التاجر بأن الله سبحانه وتعالى يبارك في تجارته بسبب تخلصه من جزء من ماله لصالح الآخرين.

4. دعم الاقتصاد المحلي: من خلال دفع الزكاة، يسهم التاجر في تحسين الاقتصاد المحلي من خلال دعم الفقراء والمشاريع التنموية التي تحسن من جودة الحياة في المجتمع.

الخاتمة

زكاة التجارة هي إحدى أهم واجبات التاجر المسلم، وتهدف إلى تعزيز التكافل الاجتماعي والمساهمة في تطهير المال وتنميته. يجب على التاجر معرفة كيفية حساب الزكاة، والالتزام بتوفيرها في وقتها المناسب، وكذلك تحديد قيمة الزكاة المستحقة على المال التجاري سواء كان نقدًا أو سلعًا. إن إخراج زكاة التجارة يعود بالكثير من الفوائد الروحية والاقتصادية، ويعد من العوامل التي تساعد في تحسين المجتمع وزيادة بركة المال.