كيفية أداء صلاة الضحى
تُعتبر صلاة الضحى من السنن النبوية التي وردت في العديد من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة نافلة يمكن أداءها في أي وقت من الصباح بعد شروق الشمس وحتى قبل صلاة الظهر. ورغم أنها ليست فرضاً، فإنها تحمل في طياتها فوائد عظيمة من ناحية الروحانية، والقرب من الله تعالى، بالإضافة إلى أنها تعد وسيلة لزيادة الحسنات وتكفير الذنوب.
إن أهمية صلاة الضحى لا تقتصر على كونها عبادة نافلة، بل إنها تعكس روح الرغبة في تقرب العبد إلى ربه في أوقات قد يغفل عنها كثير من الناس. وفي هذا المقال، سنتناول كيفية أداء صلاة الضحى بشكل مفصل، مع توضيح فوائدها وأحكامها.
تعريف صلاة الضحى
صلاة الضحى هي صلاة نافلة تؤدى في وقت الضحى، وهو الوقت الذي يبدأ بعد شروق الشمس، ويستمر حتى قبيل صلاة الظهر. يطلق عليها في بعض الأحيان “صلاة الإشراق” لأنها تؤدى بعد شروق الشمس، كما يُطلق عليها “صلاة الأوابين”؛ لأن من يؤديها يُعد من الأوابين الذين يعودون إلى الله تعالى.
صلاة الضحى ليست فريضة وإنما سنة مؤكدة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحرص على أدائها، وقد ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات” (رواه مسلم).
وقت صلاة الضحى
يبدأ وقت صلاة الضحى بعد شروق الشمس بحوالي ربع ساعة تقريبًا، ويستمر حتى قبيل صلاة الظهر. وتحديدًا، يُستحب أداء صلاة الضحى عندما يرتفع الشمس مقدار رمح، أي عندما يكون الوقت قد مر عليه حوالي 15 إلى 20 دقيقة بعد شروق الشمس.
يُفضل أن يؤدي المسلم صلاة الضحى في وقتها المحدد، ولكن يمكن أداءها طوال فترة الضحى قبل صلاة الظهر، لكن يُستحب تعجيلها وعدم تأخيرها. يقال أن أفضل وقت لأداء هذه الصلاة هو عند اشتداد حرارة الشمس، حيث يُعتبر هذا الوقت أكثر بركة ويحقق الأجر الأعظم.
عدد ركعات صلاة الضحى
صلاة الضحى تتفاوت في عدد ركعاتها، وذلك حسبما يختار الشخص حسب قدرته ووقته، لكن الأحاديث الواردة في السنة النبوية تشير إلى عدة عدد من الركعات التي كان يحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها:
-
أربع ركعات: هذا هو العدد الأكثر شيوعًا والأكثر توصية به في السنة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الضحى أربع ركعات.
-
ثماني ركعات: كما ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يصلون صلاة الضحى ثمان ركعات، وهذا يُعد من الأعداد الجائزة.
-
ركعتان: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يؤدي صلاة الضحى أحيانًا بركعتين، وهي أقل عدد ممكن من الركعات.
لكن من الأفضل للمسلم أن يحرص على أداء هذه الصلاة ولو بركعتين في بداية يومه؛ لأن هذا سيكون بمثابة تحية لليوم وموصل له إلى الله سبحانه وتعالى.
كيفية أداء صلاة الضحى
إن طريقة أداء صلاة الضحى لا تختلف كثيرًا عن أداء أي صلاة نافلة أخرى. تُؤدى صلاة الضحى كما يلي:
-
النية: يجب على المسلم أن يبيِّت نية الصلاة قبل البدء في أداء صلاة الضحى. يمكن أن ينوي المسلم صلاة الضحى بشكل عام، أو ينوي أداء صلاة الضحى عن قصد كـ “صلاة الضحى”.
-
التكبير: يبدأ المسلم الصلاة بتكبيرة الإحرام “الله أكبر”، ثم يقرأ دعاء الاستفتاح (إن شاء)، وهو عبارة عن كلمات مثل “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”.
-
قراءة الفاتحة والسورة: بعد تكبيرة الإحرام، يقوم المصلي بقراءة سورة الفاتحة، وبعدها يقرأ سورة قصيرة من سور القرآن الكريم، ويفضل أن تكون السورة التي يقرأها قصيرة مثل “سورة الإخلاص” أو “سورة الفلق” أو “سورة الناس”.
-
الركوع: بعد القراءة، يركع المسلم ويراعي في ركوعه الطمأنينة، بحيث يصل جسمه إلى وضع الركوع الصحيح مع قول “سبحان ربي العظيم” مرة أو ثلاث مرات.
-
القيام بعد الركوع: بعد الركوع، يرفع المصلي من الركوع قائلاً: “سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد”. ثم يعتدل في وقفته مع مراعاة الطمأنينة.
-
السجود: بعد القيام من الركوع، ينزل المصلي إلى السجود، قائلاً “الله أكبر”. في السجود، يجب على المصلي أن يضع جبهته وأنفه على الأرض، مع قول “سبحان ربي الأعلى” مرة أو ثلاث مرات.
-
الجلوس بين السجدتين: بعد السجود، يجلس المصلي بين السجدتين قائلاً “رب اغفر لي” أو “اللهم اغفر لي”، ثم يسجد السجدة الثانية.
-
إتمام الركعة: بعد السجدة الثانية، يقوم المصلي إلى الركعة الثانية بنفس الطريقة التي تم بها الركعة الأولى.
-
التحية والتسليم: في نهاية الركعتين أو الأربع ركعات، يتم الجلوس للتشهد الأخير، ويُقرأ فيه “التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته”. ثم يُختم بالصلاة الإبراهيمية “اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد”.
-
التسليم: أخيرًا، يُسلم المسلم عن يمينه قائلاً: “السلام عليكم ورحمة الله”، ليختتم الصلاة.
فوائد صلاة الضحى
تتمثل فوائد صلاة الضحى في عدة جوانب روحية ونفسية وصحية، ومنها:
-
كفارة للذنوب: لقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى تُكفر الذنوب، حيث قال: “في كل يوم تُصلى فيه ركعتان، يكتب الله له حسنات” (رواه مسلم).
-
دفع الفقر: ورد في الأحاديث أن من يحرص على صلاة الضحى فإنه يعمّر يومه بالبركة، ويُدفع عنه الفقر ويُبارك في رزقه.
-
تقوية العلاقة مع الله: تأدية صلاة الضحى تعكس تعلق المسلم بعبادة الله سبحانه وتعالى في كل وقت، مما يعزز الروحانية واليقين.
-
تنشيط الجسم: الصلاة عموماً تعتبر نشاطاً بدنياً روحياً، حيث تحفز أعضاء الجسم على الحركة والمجهود الطفيف الذي يُحسن الدورة الدموية ويعزز النشاط العقلي.
-
إجابة الدعاء: من الأدعية التي يُستحب قولها أثناء صلاة الضحى هي الدعاء بأن يوفقنا الله في أمرنا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من صلى الضحى فله من الله الأجر العظيم”.
أحكام متعلقة بصلاة الضحى
هناك بعض الأحكام والآداب التي يجب على المسلم مراعاتها عند أداء صلاة الضحى:
-
النية: يجب أن تكون النية في القلب قبل الشروع في الصلاة. يمكن تحديد النية لأداء صلاة الضحى بشكل عام أو صلاة الضحى بنية خاصة.
-
التوقيت: يجب على المسلم أن يؤدي الصلاة في الوقت الذي يمتد من بعد الشروق حتى ما قبل الظهر. إذا فات وقت الضحى يمكن أداء الصلاة ولكن بوقت غير مستحب.
-
عدد الركعات: ليس هناك عدد معين يجب أن يؤديه المسلم، بل يمكنه أداء ركعتين أو أكثر حسب ما يستطيع. يفضل أداء أربع ركعات لكنها ليست فرضاً.
-
الجهر بالقراءة: يجوز في صلاة الضحى أن يجهر المصلي بالقراءة في الركعات الأولى، وهو أمر غير ملزم ولكن يمكن أن يكون جائزاً.
-
الصلاة جماعة: رغم أن صلاة الضحى ليست صلاة جماعية، فإنه يمكن أداؤها بشكل جماعي ولكن الأفضل أن تؤدى فرديًا.
خاتمة
صلاة الضحى تعد من أهم النوافل التي يُنصح بها المسلم في بداية يومه، وهي تُظهر العبودية والطاعة لله في وقت قد يغفل فيه الكثيرون. إن أداء هذه الصلاة بانتظام يعود بالعديد من الفوائد الروحية والنفسية، بالإضافة إلى زيادة الأجر والتقرب إلى الله تعالى.
