كيفية أداء صلاة الشفع والوتر

تُعد صلاة الشفع والوتر من السنن المؤكدة التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحرص عليها، وهي جزء مهم من صلاة الليل، ويُستحب أداؤها بعد صلاة العشاء أو في وقت قيام الليل، لما لها من فضل كبير وأجر عظيم. وقد تناول العلماء والفقهاء هذه الصلاة بالتفصيل في كتبهم، نظراً لأهميتها في السنة النبوية، فهي خاتمة للصلاة الليلية تؤدي إلى تثبيت القلوب وتزكيتها.

في هذا المقال سنشرح بالتفصيل كيفية أداء صلاة الشفع والوتر، مبينين حكمها، وقتها، عدد ركعاتها، أركانها، سننها، كيفية التشهد والدعاء فيها، وكذلك نوضح الفرق بينها وبين الصلوات الأخرى، مع استعراض لأفضل الطرق لتأديتها على الوجه الأكمل وفق ما ورد في الأحاديث النبوية والسيرة النبوية الشريفة.

مفهوم صلاة الشفع والوتر وحكمها

صلاة الشفع والوتر هما صلاتان متصلتان في صلاة الليل، تصليان بعد صلاة العشاء أو في وقت قيام الليل، وللصلاة اسمان:

• الشفع: تعني “زوجي” أي عدد ركعاتها زوجي (اثنتان أو أربع ركعات أو ست ركعات)، والعدد الشائع هو ركعتان أو أربع ركعات.

• الوتر: تعني العدد الفردي، أي ركعة واحدة أو ثلاث ركعات أو خمس ركعات، لكن الأكثر شيوعًا هو ركعة واحدة أو ثلاث ركعات.

حكم صلاة الشفع والوتر سنة مؤكدة، وقد ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الوتر في صلاته الليلية، وقال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» (رواه البخاري ومسلم).

وقد ذهب جمهور العلماء إلى استحباب أداء الشفع قبل الوتر، وأن الشفع تصلى ركعتين أو أربع ركعات ثم الوتر ركعة أو ثلاث ركعات، وهذا هو الأفضل والأكمل.

وقت صلاة الشفع والوتر

تُصلى صلاة الشفع والوتر بعد صلاة العشاء، ويمكن أداؤها في أي وقت من الليل حتى طلوع الفجر، وأفضل أوقاتها بعد صلاة العشاء مباشرة، أو في الثلث الأخير من الليل، حيث يكون الوقت مباركًا وقيام الليل فيه أفضل.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يداوم على صلاة الليل، وخاصة الوتر، وكان يكثر من الصلاة في الثلث الأخير من الليل لما في ذلك من أثر روحي وجسدي على المسلم.

عدد ركعات صلاة الشفع

الشفع صلاة عدد ركعاتها زوجي، ويُستحب أن تُصلى ركعتين أو أربع ركعات، وهي تصلى على وجهين:

• تصلى ركعتين مثني مثني، أي ركعتان ثم سلام.

• تصلى أربع ركعات مثني مثني، أي تصلى ركعتين ثم تسليم، ثم ركعتين ثم تسليم.

ويُستحب أداء الشفع قبل الوتر مباشرة، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

عدد ركعات صلاة الوتر

صلاة الوتر عدد ركعاتها فردي، ويُسن أن تُصلى:

• ركعة واحدة.

• ثلاث ركعات، بحيث تصلى جميعها متصلة بتشهد واحد وتسليم.

• خمس ركعات (ويكون فيها الوتر في الركعة الخامسة).

الأكثر شيوعًا والأفضل هو أداء الوتر ثلاث ركعات أو ركعة واحدة.

كيفية أداء صلاة الشفع

تبدأ صلاة الشفع كأي صلاة أخرى بالنية، ورفع اليدين للتكبير، ثم تبدأ الركعة الأولى بقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن، ثم الركعة الثانية كذلك، ثم التسليم.

إليك الخطوات التفصيلية:

1. النية: ينوي المصلي أداء صلاة الشفع لله تعالى.

2. التكبير: يرفع اليدين ويقول “الله أكبر” لبدء الصلاة.

3. قراءة الفاتحة: قراءة سورة الفاتحة كاملة في كل ركعة.

4. قراءة سورة أخرى: بعد الفاتحة، يقرأ المصلي سورة أو بعض آيات من القرآن.

5. الركوع والسجود: يركع مع الدعاء والطمأنينة ثم يسجد بالسكون المطلوب.

6. القيام للركعة الثانية: يرفع من السجود ويقوم للركعة الثانية ويكرر القراءة والركوع والسجود.

7. التشهد: يجلس للتشهد الأخير بعد السجود في الركعة الثانية.

8. السلام: يسلّم على اليمين ثم على اليسار، ويكون بذلك انتهاء صلاة الشفع.

كيفية أداء صلاة الوتر

صلاة الوتر يمكن أن تُصلى ركعة واحدة أو ثلاث ركعات، وتختلف طريقة أدائها بحسب عدد الركعات:

الوتر ركعة واحدة

1. النية.

2. التكبير.

3. قراءة الفاتحة مع سورة قصيرة بعدها.

4. الركوع مع الدعاء في الركوع.

5. السجود مرتين.

6. الجلوس للتشهد والدعاء، وفي الوتر يسن الإكثار من الدعاء.

7. التسليم.

الوتر ثلاث ركعات (بصلاة واحدة)

يُصلى ثلاث ركعات متصلة بدون تسليم بين الركعات الأولى والثانية، وبدون تشهد إلا في الركعة الأخيرة، ويتم كما يلي:

1. النية.

2. التكبير.

3. قراءة الفاتحة مع سورة قصيرة.

4. الركوع.

5. السجود.

6. القيام للركعة الثانية.

7. قراءة الفاتحة مع سورة قصيرة.

8. الركوع.

9. السجود.

10. القيام للركعة الثالثة.

11. قراءة الفاتحة مع سورة قصيرة.

12. الركوع.

13. السجود.

14. الجلوس للتشهد.

15. التسليم.

السنن الرواتب في صلاة الشفع والوتر

أثناء أداء صلاة الشفع والوتر، يُستحب اتباع عدد من السنن التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

• الدعاء في الركوع والسجود: يسن للمصلي أن يدعو بين الركوع والسجود، وخاصة في سجوده، لقرب العبد من ربه في هذا الوقت.

• الاعتدال في القراءة: يُفضل قراءة القرآن بخشوع وتمهل دون استعجال، ويُسن قراءة سور قصيرة بعد الفاتحة في كل ركعة.

• التسبيح والتهليل: يسن ذكر الله تعالى وترديد التسبيح في الركوع والسجود.

• الإطالة في السجود: لأن السجود هو أقرب ما يكون العبد من ربه.

• الدعاء في التشهد الأخير: وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يكثر من الدعاء في التشهد الأخير.

الدعاء المستحب في صلاة الوتر

صلاة الوتر تتميز بدعاء خاص يُسن قوله بعد التشهد الأخير قبل التسليم، وقد ثبت في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الوتر بأدعية معينة منها:

• اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن.

• اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل.

• اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل.

• اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.

وهذه الأدعية تزيد من خشوع المصلي وتركيزه في الصلاة، وتعبر عن توكله على الله في حفظه من كل مكروه.

أفضل الأوقات لصلاة الشفع والوتر

يفضل أن يؤدي المسلم صلاة الشفع والوتر في الثلث الأخير من الليل، لأن هذا الوقت هو وقت نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليجيب دعاء عباده، ويزيد فيه الأجر والثواب.

وقد ورد في الحديث: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟” (رواه البخاري ومسلم).

ولهذا السبب، فإن قيام الليل وخاصة الوتر في هذا الوقت له فضل كبير، ويُسن الإكثار من الدعاء والابتهال.

الفرق بين صلاة الشفع والوتر وصلاة الليل الأخرى

• صلاة الشفع والوتر تأتي عادة في نهاية صلاة الليل، بينما صلاة الليل يمكن أن تكون أي عدد من الركعات تُصلى في أي وقت من الليل.

• الشفع ركعاتها زوجية، أما الوتر فهي فردية، وهذه الخاصية هي الفارق الأساسي بينهما.

• صلاة الوتر تعتبر خاتمة لصلاة الليل، وهي صلاة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

جدول يوضح أهم خصائص صلاة الشفع والوتر

الخلاصة

صلاة الشفع والوتر هما من أفضل وأعظم الصلوات التي يؤديها المسلم، لما فيهما من تأكيد على ختم الصلاة بواحدة فردية تأخذ مكانة عظيمة في السنة النبوية، وما لها من تأثير روحي وجسدي على النفس. الالتزام بأداء صلاة الشفع والوتر بانتظام يعزز قرب العبد من ربه، ويجعل له حصناً من الهموم والغموم، ويضاعف أجره في الدنيا والآخرة.

وتعتبر هذه الصلاة فرصة ثمينة للمسلم ليجدد ارتباطه بالله في أوقات الصفاء والهدوء من الليل، ويتضرع بالدعاء ويطلب الرحمة والمغفرة والرزق والسداد، لذا يجب الحرص على أدائها وفق ما ورد في السنة النبوية مع الاجتهاد في الخشوع والتدبر في آيات القرآن والدعاء.

المصادر والمراجع

• صحيح البخاري، كتاب صلاة الليل، باب الوتر.

• صحيح مسلم، كتاب صلاة الليل، باب فضل الوتر.

هذا المقال يقدم شرحًا وافيًا لطريقة أداء صلاة الشفع والوتر مع التركيز على التفاصيل التي تساعد المسلم على الالتزام بها بأفضل صورة ممكنة، وهو مطابق لمقتضيات الفقه الإسلامي المعتبر.