كيف نعرف لون عيون المولود؟
إن معرفة لون عيون المولود تعتبر من أولى الأمور التي يوليها الوالدان اهتمامًا بعد ولادته، إذ يثير هذا الموضوع الفضول بين الكثير من الناس، فيغلب على معظم الآباء والأمهات أن يتساءلوا عن اللون النهائي لعيون أطفالهم منذ اللحظة الأولى لولادتهم. قد يختلف لون العيون بين الأفراد بشكل ملحوظ، ويعتمد هذا التباين على عدة عوامل بيولوجية ووراثية معقدة. وفي هذا المقال، سنتناول بالتفصيل كيفية تحديد لون عيون المولود وأسباب تغير اللون في بعض الحالات، كما سنناقش العوامل الوراثية التي تؤثر في هذا الأمر.
العوامل الوراثية وتأثيرها على لون العيون
لون العيون هو صفة وراثية يتم تحديدها بناءً على مجموعة من الجينات التي ترثها من الوالدين. الاضطرابات في هذه الجينات يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من الألوان في عيون المولود. تُعدّ جينات اللون من أكثر الجينات تعقيدًا في جسم الإنسان، حيث تتحكم عدة جينات في تحديد اللون النهائي. وأشهر هذه الجينات هو الجين الذي يرمز للصبغة المسؤولة عن لون العين وهو جين OCA2، بالإضافة إلى جينات أخرى مثل HERC2، التي تلعب دورًا في تحديد كمية الصبغة التي يتم إنتاجها في القزحية.
1. الأنماط الجينية السائدة والمتنحية
تعتبر الأنماط الجينية السائدة والمتنحية من العوامل الأساسية التي تحدد لون العين. اللون البني يُعتبر اللون السائد في معظم الحالات، بينما اللون الأزرق يُعتبر لونًا متنحيًا. هذا يعني أن الطفل الذي يرث جين اللون البني من أحد الوالدين وجين اللون الأزرق من الآخر، ستكون عيونه في الغالب بنية، لأن الجين البني هو السائد. أما في حالة إذا كان كلا الوالدين يحملان جينًا متنحيًا للأزرق، فهناك احتمال أكبر أن يكون لون عيون الطفل أزرقًا.
2. الألوان المشتركة
بالإضافة إلى الألوان السائدة والمتنحية، يمكن أن يظهر لون العين بشكل مشترك في بعض الحالات. على سبيل المثال، قد يعاني الأطفال من مزيج من الألوان مثل الأخضر أو الرمادي، حيث يكون كل من الأب والأم يحملان الجينات التي تساهم في هذا المزيج.
مراحل تغير لون عيون المولود
عند ولادة الطفل، قد تكون عيون المولود مائلة إلى اللون الرمادي أو الأزرق الفاتح، مما يثير شكوكًا حول اللون النهائي الذي سيظهر مع مرور الوقت. السبب في ذلك هو أن القزحية، وهي الجزء الملون من العين، لا يحتوي عند الولادة على كمية كافية من الصبغة المسؤولة عن اللون. وتحتاج هذه الصبغة إلى فترة من الوقت لكي تتطور بشكل كامل. في معظم الحالات، يبدأ لون العينين في التغير بعد عدة أشهر من الولادة، حيث تبدأ القزحية في إنتاج المزيد من الصبغة المسمى الميلانين.
1. اللون الأزرق عند الولادة
في البداية، يكون لون عيون المولود عادة أزرقًا أو رماديًا بسبب قلة الميلانين. ميلانين العين هو الصبغة التي تحدد درجة لون العين، وفي حالة الأطفال حديثي الولادة، يكون لديهم كميات قليلة من هذه الصبغة. هذا هو السبب في أن العديد من الأطفال يولدون بعيون زرقاء، ولكن مع مرور الوقت، قد يبدأ الميلانين في التراكم ويغير لون العيون إلى ألوان أخرى مثل البني أو الأخضر أو حتى الرمادي.
2. التغير في اللون خلال السنة الأولى
من الملاحظ أن اللون النهائي لعيون المولود لا يتضح إلا بعد مرور 6 إلى 12 شهرًا من العمر. في هذه الفترة، تبدأ العين في اكتساب المزيد من الميلانين، خاصة إذا كان الطفل سيرث اللون البني أو الأخضر. في بعض الأحيان، قد يتغير لون العين بشكل طفيف في السنوات الأولى من العمر، ولكن عادة ما يستقر اللون النهائي في عمر حوالي 3 سنوات.
كيف يتم تحديد لون العيون بناءً على الجينات؟
بما أن لون العين يعتمد بشكل رئيسي على الجينات الموروثة من الوالدين، فإن دراسة كيفية توريث اللون تعتبر من الأمور المثيرة في علم الوراثة. وفيما يلي أهم الجوانب المتعلقة بكيفية تأثير الجينات على لون العين:
1. اللون البني
لون العين البني هو الأكثر شيوعًا في العالم، ويُعدّ اللون السائد وراثيًا. إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما لهما عيون بنية، فإن هناك احتمالًا كبيرًا أن يكون للطفل عيون بنية أيضًا، حتى إذا كان الآخر يمتلك لون عين أفتح.
2. اللون الأزرق
اللون الأزرق هو لون متنحي، وبالتالي يحتاج الطفل إلى أن يرث الجين الأزرق من كلا الوالدين ليكون لون عيونه أزرقًا. إذا كان أحد الوالدين يمتلك عيونًا زرقاء، بينما الآخر يمتلك عيونًا بنية، فإن احتمالية أن يكون للطفل عيون زرقاء تكون أقل، لأن الجين البني هو السائد.
3. اللون الأخضر
اللون الأخضر هو مزيج من الجينين الأزرق والبني. في بعض الحالات، إذا كان أحد الوالدين يمتلك عيونًا خضراء أو عيونًا بنية فاتحة، بينما الآخر يمتلك عيونًا زرقاء، فإن الطفل قد يرث عيونًا خضراء.
4. اللون الرمادي
اللون الرمادي هو لون نادر نسبيًا، ويعتمد على مزيج معقد من الجينات. يمكن أن يظهر عند بعض الأشخاص الذين ورثوا تركيبة من الجينات التي تجعل قزحية العين أقل شفافية، مما يؤدي إلى ظهور لون رمادي مميز.
العوامل المؤثرة في تحديد لون عيون المولود
على الرغم من أن العوامل الوراثية تلعب الدور الأكبر في تحديد لون العيون، هناك بعض العوامل البيئية والهرمونية التي قد تؤثر في لون عيون الطفل في مراحل معينة من حياته. من أبرز هذه العوامل:
1. التعرض للأشعة فوق البنفسجية
تُعدّ الأشعة فوق البنفسجية أحد العوامل التي تساهم في زيادة إنتاج الميلانين في القزحية. في المناطق المشمسة، قد تزداد كمية الميلانين في العيون، مما يجعل لونها يميل إلى الظلال الداكنة. ومن الممكن أن تؤثر الشمس أيضًا على الأطفال في السنوات الأولى من حياتهم إذا تعرضوا لها بشكل متكرر.
2. الهرمونات
يؤثر التغير في مستويات الهرمونات أيضًا على تطور لون عيون الطفل. الهرمونات التي تلعب دورًا في النمو الجنيني قد تؤثر في المراحل المبكرة على لون عيون المولود.
التوقعات والمفاجآت
رغم أن معرفة لون عيون المولود أمر يعتمد إلى حد كبير على الوراثة، فإنه في بعض الحالات قد يحدث تغيّر مفاجئ في اللون أو عدم تطابق التوقعات. في بعض الأحيان، قد يظهر للأطفال عيون بألوان غير متوقعة، ويرجع ذلك إلى التأثيرات البيئية أو طفرات وراثية غير معروفة.
من المثير أيضًا أن بعض الأطفال قد يظهرون في البداية بعيون فاتحة جدًا ثم يتحول لونها إلى لون آخر مع مرور الوقت، وقد تكون هذه التغيرات مفاجئة للأهل. قد يكون بعض الأطفال أيضًا عرضة لمشاكل صحية نادرة تؤثر في لون عيونهم، مثل بعض الأمراض الوراثية التي تغير لون العين بشكل غير معتاد.
الخلاصة
في الختام، يمكننا القول إن لون عيون المولود لا يُمكن تحديده بدقة في بداية حياته، وأنه يتأثر بعدة عوامل وراثية وبيئية معقدة. على الرغم من أن الآباء قد يكون لديهم فكرة مبدئية عن لون عيون طفلهم استنادًا إلى لون عيونهم الخاص، فإن اللون النهائي للعينين يتطلب وقتًا ليظهر بوضوح. بالإضافة إلى ذلك، يلعب التفاعل بين الجينات السائدة والمتنحية دورًا في تحديد اللون، مما يجعل التنبؤات النهائية أكثر تعقيدًا من مجرد الجمع بين الألوان السائدة فقط. لذا، يبقى لون العيون أحد المفاجآت الجميلة التي تكشف عنها الأيام.
