تُعتبر جزر غالاباغوس واحدة من أكثر المناطق تنوعًا بيئيًا في العالم، ويعود ذلك جزئيًا إلى مناخها الفريد والمعقد. رغم أن الجزر تقع على خط الاستواء، حيث يتوقع المرء أن تكون درجات الحرارة ثابتة ودافئة على مدار العام، إلا أن تأثيرات تيار همبولت وظاهرة إل نينو تجعل مناخها أكثر تعقيدًا وتنوعًا.
تأثير تيار همبولت
تيار همبولت هو تيار بحري بارد ينشأ من القطب الجنوبي ويمر على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، بما في ذلك جزر غالاباغوس. يجلب هذا التيار مياهًا باردة إلى الجزر، مما يساهم في خفض درجة حرارة المياه والجو مقارنة بالمناطق الاستوائية الأخرى. يُعتبر تيار همبولت مسؤولاً أيضًا عن الظاهرة التي تُعرف بـ “الضباب البارد”، وهو ضباب كثيف يلف الجزر خلال جزء كبير من السنة، خاصة في الفترة من شهر يونيو إلى نوفمبر.
ظاهرة إل نينو
تحدث ظاهرة إل نينو كل 3 إلى 7 سنوات، وهي تغير دوري في نمط التيارات البحرية ودرجات حرارة المحيط. خلال هذه الظاهرة، ترتفع درجات حرارة مياه البحر بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى تغييرات كبيرة في مناخ الجزر. يشمل ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر، زيادة حركة الأمواج، ونقص العناصر الغذائية في المياه، مما يؤثر على الحياة البحرية.
تباين درجات الحرارة
يتغير الطقس في جزر غالاباغوس بشكل ملحوظ بين موسم البرودة (يونيو إلى نوفمبر) وموسم الدفء (ديسمبر إلى مايو). خلال موسم البرودة، تصل درجة حرارة البحر إلى حوالي 22 درجة مئوية، والرياح تكون باردة وتأتي من الجنوب والجنوب الشرقي، مما يؤدي إلى هطول أمطار خفيفة ومتواصلة. أما في موسم الدفء، ترتفع درجة حرارة البحر إلى حوالي 25 درجة مئوية، وتختفي الرياح تقريبًا، مع هطول أمطار غزيرة متقطعة وظهور الشمس بشكل متكرر.
تأثير الارتفاع على المناخ
تتأثر درجات الحرارة وهطول الأمطار في جزر غالاباغوس أيضًا بالارتفاع. في الجزر الكبيرة التي تحتوي على جبال، تنخفض درجة الحرارة بشكل تدريجي مع زيادة الارتفاع، بينما يزداد هطول الأمطار نتيجة تكاثف الرطوبة على المنحدرات. هذا التباين في الطقس يؤدي إلى اختلافات كبيرة في الحياة النباتية، حيث تكون المرتفعات أكثر خضرة وكثافة في الغطاء النباتي، بينما تكون المناطق المنخفضة أكثر جفافًا وتغطيها النباتات الصحراوية والصبار.
التباين الجغرافي
يعتمد معدل هطول الأمطار بشكل كبير على الموقع الجغرافي داخل الجزر. على سبيل المثال، تختلف كمية الأمطار التي تهطل على جزيرة بالترا عن تلك التي تهطل على جزيرة سانتا كروز، رغم قربهما الجغرافي. يحدث ذلك بسبب تأثير الرياح الجنوبية، حيث تُعيق المرتفعات في سانتا كروز تكاثف السحب فوق بالترا، مما يؤدي إلى تباين في معدلات الأمطار.
تباين الأمطار عبر السنوات
تشهد الجزر تباينًا كبيرًا في معدلات هطول الأمطار من سنة إلى أخرى. في بعض السنوات قد تهطل كميات كبيرة من الأمطار، كما حدث في مارس 1969 عندما بلغ معدل هطول الأمطار في محطة تشارلز داروين 249.0 ملم. بينما في سنوات أخرى، قد تكون الأمطار نادرة جدًا، كما حدث في مارس 1970 عندما هطل فقط 1.2 ملم من الأمطار.
التأثير على الحياة النباتية
يعكس هذا التباين في المناخ تنوعًا كبيرًا في الحياة النباتية في جزر غالاباغوس. تميل النباتات في المرتفعات إلى أن تكون غنية وخضراء، مع وجود غابات استوائية في بعض الأماكن. في المقابل، تميل المناطق المنخفضة إلى أن تكون أكثر جفافًا وتغطيها نباتات صحراوية مثل الصبار والشجيرات الشائكة، مع وجود مناطق واسعة من الصخور البركانية العارية.
مناخ جزر غالاباغوس فريد من نوعه، ويؤثر بشكل مباشر على الحياة النباتية والحيوانية فيها، مما يجعلها واحدة من أغنى المناطق من حيث التنوع البيئي على وجه الأرض.
ملخص
يمكن أن يختلف المناخ في جزر غالاباغوس قليلاً من جزيرة إلى أخرى ، ولكن بشكل عام يكون مناخها استوائي رطب. الدرجة الحرارة تتراوح عادة بين 20-30 درجة مئوية طوال العام مع ارتفاع في الرطوبة خلال فصل الصيف والربيع. تتأثر الجزر بالعواصف المدارية والإعصارات في بعض الأحيان خاصة خلال الفترة من يونيو حتى نوفمبر. يتساقط المطر بغزارة في الفصول الأربعة ، ولكن المعدلات السنوية للأمطار متفاوتة من جزيرة إلى أخرى.
