كيف تسعد نفسك خلال الجائحة؟
في أوقات الأزمات، مثل جائحة كورونا، يشعر الكثيرون بالقلق والضياع بسبب التغيرات الكبيرة التي تطرأ على حياتهم. العزل الاجتماعي، الإغلاق العام، تغير أنماط الحياة اليومية، وزيادة مستويات التوتر النفسي، هي بعض من التحديات التي قد تجعل الإنسان يشعر بالعجز أو حتى الاكتئاب. ومع ذلك، يمكن للإنسان أن يجد وسائل عدة لزيادة سعادته في هذه الأوقات الصعبة إذا اتبع بعض الاستراتيجيات المدروسة.
لن تقتصر هذه المقالة على تقديم نصائح للنجاة من الجائحة، بل سنتطرق إلى الطرق التي يمكن بها تحويل هذه التحديات إلى فرص للإزدهار الشخصي. نبدأ بتوضيح كيف يمكن للإنسان أن يسعد نفسه في فترة من الغموض والتغير المستمر.
1. التأقلم مع الواقع الجديد
أحد أكبر التحديات التي واجهها البشر في بداية الجائحة كان التأقلم مع القيود الجديدة التي فرضت على حياتهم. لكن، القبول بهذا الواقع والتكيف معه يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بالإحباط.
يمكن أن يبدأ الفرد بتحليل الوضع الراهن بعقلانية؛ بدلاً من مقاومته، من المفيد أن يتقبل ما يمر به. إن التكيف مع الوضع الجديد لا يعني الاستسلام، بل يعني إيجاد طرق مبتكرة للتعامل مع الحياة اليومية. على سبيل المثال، قد تكون العزلة الاجتماعية فرصة للتأمل، لتحسين المهارات الشخصية أو لممارسة الأنشطة التي لا يجد المرء وقتًا لها عادةً.
2. الاهتمام بالصحة النفسية
مع التحديات الجديدة التي تفرضها الجائحة، تصبح الصحة النفسية على رأس الأولويات. الأشخاص الذين يعانون من القلق أو التوتر النفسي في هذه الفترة يواجهون مشاكل أكبر في الحفاظ على السعادة.
من أبرز العوامل التي تساعد في تعزيز الصحة النفسية هي التمارين الرياضية المنتظمة. تبين الأبحاث أن الرياضة تفرز الهرمونات التي تعزز المزاج، مثل الإندورفين والسيروتونين، مما يساهم في الشعور بالسعادة وتقليل مستويات القلق والاكتئاب. يمكن ممارسة المشي أو اليوغا أو حتى الرقص داخل المنزل.
أيضًا، تعلم تقنيات التنفس العميق، التأمل أو تمارين الاسترخاء يمكن أن تكون أدوات قوية لمواجهة القلق وضغوط الحياة. تُظهر الدراسات أن ممارسة التنفس العميق يمكن أن تخفف من أعراض القلق وتزيد من مشاعر الراحة الداخلية.
3. تعزيز الروابط الاجتماعية عبر الإنترنت
على الرغم من العزلة الاجتماعية التي فرضتها الجائحة، فإن استخدام التكنولوجيا لتقوية الروابط مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة النفسية.
قد يبدو التواصل الرقمي بديلاً عن اللقاءات الشخصية التقليدية، ولكنه يمكن أن يوفر الكثير من الفوائد. من خلال المكالمات المرئية أو الرسائل النصية، يمكن للأفراد أن يشعروا بأنهم لا يزالون جزءًا من شبكة اجتماعية. يمكن أن تتضمن هذه الأنشطة أوقاتًا للضحك مع الأصدقاء، أو قضاء وقت ممتع مع العائلة عبر ألعاب تفاعلية أو مشاهدة الأفلام سوياً.
إن البقاء على اتصال مع الآخرين يعزز الشعور بالدعم الاجتماعي، مما يقلل من شعور الوحدة والعزلة.
4. تحسين المهارات الشخصية
قد تكون الجائحة فرصة لتطوير المهارات الشخصية التي قد يفتقر إليها الفرد. على سبيل المثال، يمكن استغلال الوقت المتاح لتعلم لغة جديدة، أو تعميق المهارات المهنية مثل البرمجة، التصميم الجرافيكي، أو الكتابة.
تتوافر الآن العديد من المنصات التعليمية التي تقدم دورات تدريبية في مختلف المجالات، الأمر الذي يمكن أن يسهم في تعزيز الشعور بالإنجاز والتقدم. كما أن تطوير مهارات جديدة يمكن أن يفتح فرصًا جديدة في المستقبل. في ظل التغيرات العالمية، أصبح التعلم عن بعد وتطوير المهارات أمرًا ضروريًا.
5. المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية
إحدى أفضل الطرق لإيجاد السعادة في الأوقات الصعبة هي الإحساس بأنك تساعد الآخرين. مع تزايد الاحتياجات الإنسانية في ظل الجائحة، يمكن للمشاركة في الأعمال الخيرية أن تخلق شعورًا عميقًا بالرضا الداخلي.
سواء كان ذلك بتقديم المساعدة للأشخاص الأكثر ضعفًا في المجتمع أو التطوع عبر الإنترنت لدعم المنظمات غير الربحية، فإن ذلك يساهم في تعزيز شعور الفرد بالهدف والاتصال الاجتماعي. العمل الخيري لا يقتصر فقط على التبرعات المادية، بل يمكن أن يشمل الوقت والجهد اللذين يساهم بهما الفرد لتحسين وضع الآخرين.
6. التواصل مع الذات: التأمل والكتابة
الفرصة التي تمنحها الجائحة للبقاء في المنزل يمكن أن تكون وقتًا مثاليًا للتأمل والتواصل مع الذات. يمكن أن يساعد ذلك في معالجة التوترات الداخلية والتعرف على ما يجعل الفرد سعيدًا حقًا.
من الأساليب المفيدة لذلك هي الكتابة اليومية. الكتابة عن الأفكار والمشاعر يمكن أن تساعد على تهدئة العقل وتقديم منظور أعمق عن الذات. كما أن التأمل اليومي يوفر فترة من الهدوء الذهني التي تسمح للفرد بمراجعة أولوياته وتحقيق التوازن الداخلي.
7. التطوير الذاتي في مجالات جديدة
في الوقت الذي قد يظن فيه البعض أن الجائحة قد تحد من فرصهم، فإنها قد تكون بمثابة نقطة انطلاق لتحفيز التطور الشخصي في مجالات لم تكن مدروسة من قبل.
على سبيل المثال، قد يكون تعلم فنون الطبخ، الرسم، أو تعلم العزف على آلة موسيقية طريقة رائعة لتوفير الهروب العاطفي والذهني من ضغوط الحياة اليومية. يمكن أن تُعد هذه الأنشطة بمثابة تنفيس نفسي، مما يتيح للفرد الشعور بالإنجاز والاسترخاء.
8. تحديد الأهداف والتركيز على المستقبل
من الطرق الهامة التي تساهم في السعادة خلال الجائحة هي وضع أهداف واقعية والتخطيط للمستقبل. عندما يشعر الشخص بأن لديه هدفًا يسعى لتحقيقه، فإن ذلك يعزز من شعوره بالقيمة والاتصال بحياة ممتلئة بالمعنى.
تتضمن الأهداف التي قد يكون من المفيد تحديدها أهدافًا صغيرة قابلة للتحقيق على المدى القصير، مثل تحسين العادات اليومية، أو على المدى الطويل مثل تعلم مهارة جديدة أو حتى اتخاذ خطوات مهمة نحو مسار مهني جديد.
9. الاهتمام بالعناية الذاتية: الجسد والعقل
في ظل الأوقات الصعبة، قد يتجاهل الكثيرون حاجاتهم الأساسية في العناية الذاتية. ومع ذلك، فإن الاهتمام بالنظام الغذائي السليم والنوم الجيد له تأثير إيجابي مباشر على المزاج والطاقة.
من المهم أيضًا تخصيص وقت للاسترخاء الشخصي بعيدًا عن الضغوط اليومية. يمكن أن تشمل العناية الذاتية القراءة، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، أو الاستمتاع بنزهة قصيرة. تلك اللحظات تمنح الفرد شعورًا بالراحة وتحسن من مستوى سعادته العامة.
10. الاحتفال بالإنجازات الصغيرة
في أوقات الجائحة، قد يكون من السهل التغاضي عن الإنجازات الصغيرة. ومع ذلك، فإن الاحتفال حتى بأبسط النجاحات يمكن أن يعزز من الإحساس بالإنجاز ويوفر دفعة معنوية.
قد تكون هذه الإنجازات مثل إنهاء مشروع صغير، إتمام روتين يومي، أو حتى البقاء على تواصل مع الأصدقاء والعائلة بشكل منتظم. إن إدراك هذه اللحظات يساعد في خلق شعور إيجابي يستمر طوال اليوم.
في الختام
إن السعادة في ظل الجائحة لا تعتمد على الظروف الخارجية فقط، بل هي نتيجة للقدرة على التأقلم، والتكيف، والبحث المستمر عن لحظات إيجابية وسط الصعوبات. الحياة يمكن أن تقدم العديد من الفرص حتى في أوقات الأزمات، والاختيار بين الاستسلام لليأس أو السعي نحو النمو الشخصي يمكن أن يكون الفارق الكبير بين معايشة الجائحة بتفاؤل أو الوقوع في فخ الإحباط.
