6 أشياء تجنّب أن تقولها للمرأة عند اللقاء الأول

عند الحديث عن العلاقات الإنسانية، يبقى اللقاء الأول واحدًا من أبرز المحطات التي تؤسس لانطباع أولي قد يدوم طويلاً، سواء كان هذا اللقاء بغرض التعارف، العمل، الصداقة، أو حتى نية الدخول في علاقة عاطفية. في هذا السياق، تكتسب الكلمات التي تُقال أهمية قصوى، فهي قد تفتح أبواب القبول والتقدير، أو قد تكون سببًا مباشرًا في إغلاق الباب منذ اللحظة الأولى. مع خصوصية التجربة الأنثوية وما تحمله من وعي اجتماعي ونفسي، فإن بعض العبارات التي قد تبدو عادية أو مزاحًا غير مؤذٍ يمكن أن تُستقبل بشكل سلبي من قبل المرأة، فتُفسر على أنها عدم احترام أو تجاهل لخصوصيتها أو شخصيتها.

1. كم عمركِ؟

قد تبدو هذه العبارة عفوية، بل وحتى بريئة عند البعض، لكنها تُعد من أكثر الأسئلة التي تستفز الكثير من النساء في اللقاء الأول، ليس لأنها تُخفي شيئًا، بل لأنها توحي بأن العمر عامل تقييم أساسي يُبنى عليه الانطباع أو العلاقة. المجتمع كثيرًا ما يربط عمر المرأة بمعايير جمال أو صلاحية، ما يجعل السؤال حساسًا. هذا النوع من الأسئلة يخرق الحواجز الشخصية بسرعة دون أن يكون هناك أساس من الثقة أو الود العميق الذي يبرر الخوض في خصوصيات كهذه.

في عالم تتعرض فيه النساء لضغوط مستمرة تتعلق بالمظهر، الشباب، ومراحل الحياة، فإن اختزال شخصية المرأة في رقم قد يجعلها تشعر وكأنها تُقوّم من زاوية سطحية، وكأن العمر هو كل ما يُعنيك. الأفضل هو ترك المجال مفتوحًا للتعارف الطبيعي دون الخوض في أسئلة تمس الخصوصية مباشرة، لا سيما في البدايات.

2. أنتِ لا تبدين مثل صوركِ

يُعتبر هذا التعليق من أكثر العبارات إزعاجًا، لأنه يحمل في طياته اتهامًا مبطنًا بالخداع أو “التجميل الزائد”. حتى وإن كان القائل لا يقصد الإهانة، فإن تأثيرها يبقى سلبيًا للغاية. المرأة قد تبذل جهدًا لتبدو بأفضل حُلة، سواء في الصور أو في اللقاءات الواقعية، ومثل هذه الملاحظات تُظهر وكأن مظهرها في الواقع لا يُرضيك أو أنه مخيب للتوقعات.

من جهة أخرى، هذا النوع من التعليقات يُظهر تركيزًا مفرطًا على المظهر الخارجي، مما يُوحي بأن ما يهمك في اللقاء الأول هو الشكل فقط، لا الشخصية أو الأسلوب أو طريقة التفكير. التعارف الحقيقي لا يبدأ من نقد الصور أو المقارنة بين الواقع وما يُعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، بل من التقدير المتبادل.

3. لماذا أنتِ ما زلتِ عازبة حتى الآن؟

رغم أن السؤال قد يُطرح بنية الفضول، إلا أنه يُعد حكمًا مبطنًا على حياة المرأة، وكأنه من غير الطبيعي أن تكون عازبة، أو أن هناك عيبًا يمنعها من الارتباط. المجتمع كثيرًا ما يفرض على المرأة ارتباطًا بين قيمتها الاجتماعية وحالتها العاطفية، مما يجعل السؤال يحمل دلالات جارحة حتى دون قصد مباشر.

هذا النوع من الأسئلة قد يفتح أبوابًا من الأحكام المُسبقة، ويفترض أن الحياة يجب أن تُبنى وفق قالب تقليدي، دون مراعاة للظروف الشخصية، المهنية، أو حتى الخيارات الذاتية للمرأة. إن التوقيت والخصوصية عاملان أساسيان في طرح مثل هذه المواضيع، واللقاء الأول قطعًا لا يُعد الوقت المناسب.

4. تبدين متعبة / وجهكِ شاحب اليوم

من التعليقات التي قد تُظن عادية أو نابعة من “اهتمام”، لكنها في الحقيقة تُعد انتقادًا مباشرًا للمظهر. المرأة، مثل أي إنسان، تمر بأيام تكون فيها في حالة جسدية أو نفسية أقل من المعتاد، وهذا لا يعني بالضرورة أنها تحتاج لتذكير بذلك. مثل هذه الملاحظات تُنتج شعورًا بالإحراج وعدم الراحة، وتدفع المرأة إلى الاعتقاد بأنك تقيّمها بناءً على المظهر فقط، لا الجوهر.

في اللقاء الأول، تسعى كل الأطراف لتقديم أفضل صورة عن أنفسهم، ولا توجد حاجة لتسليط الضوء على ما قد يُعتبر عيبًا أو نقصًا. الكلمات اللطيفة التي تُعبّر عن التقدير والتقبل تُعد أفضل مدخل لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل.

5. هل تفكرين كثيرًا في الزواج؟

هذا السؤال يضع المرأة في خانة محددة جدًا، وكأنها لا تُفكر إلا في الارتباط وتكوين أسرة، وهو تصور نمطي يُقلل من طموحاتها وأهدافها الأخرى. ليس جميع النساء يعتبرن الزواج أولوية أو حتى هدفًا، وقد يكون لديهن مسارات حياتية مهنية أو شخصية مختلفة تمامًا.

طرح هذا السؤال في اللقاء الأول يوحي بأنك ترى المرأة من منظور ضيق، وترغب في معرفة “جاهزيتها” للزواج أكثر من معرفتها كشخص. وهو نوع من الأحكام المسبقة التي تُبنى على أساس النوع الاجتماعي، لا على الفهم الفردي لكل شخصية.

6. أنتِ مختلفة عن باقي النساء

رغم أن الجملة تبدو مديحًا في ظاهرها، إلا أنها تحمل في طياتها تحقيرًا غير مباشر لبقية النساء، مما يجعلها عبارة مشبعة بالتناقضات. حين تقول لامرأة “أنتِ لستِ مثل الأخريات”، فإنك تضع النساء جميعًا في قالب سلبي، وتمنحها قيمة فقط لأنها خارجة عن هذا القالب، وهو تصنيف فيه اختزال وإهانة جماعية ضمنية.

المرأة الواعية قد تُدرك أن مثل هذه الجملة ليست سوى محاولة لتقديم إعجاب مُقنّع على حساب بنات جنسها، وهو ما يُفقد الكلام مصداقيته ويجعله مرفوضًا أخلاقيًا. في عالم يعاني من أحكام نمطية تجاه النساء، فإن رفع قيمة امرأة من خلال التقليل من شأن أخريات لا يُعد ثناءً، بل تمييزًا غير مقبول.

الجدول التالي يوضح التصنيفات الاجتماعية والنفسية للعبارات الست أعلاه:

أهمية الوعي بالخطاب في العلاقات الإنسانية

الكلمة، في اللقاء الأول، ليست مجرد وسيلة تواصل بل أداة قياس لشخصية المتكلم ودرجة احترامه للآخر. فكما أن اللقاء الأول يُعد اختبارًا لمدى التوافق بين الشخصين، فإنه كذلك اختبار للوعي اللغوي والاجتماعي. الطريقة التي يُطرح بها الحديث، ومضمونه، يحددان بوضوح ملامح العلاقة المستقبلية: هل ستكون قائمة على الاحترام والفهم؟ أم ستتسم بالحكم السريع والتنميط؟

في عصر تتزايد فيه الدعوات للمساواة والاحترام المتبادل، فإن الانتباه لما يُقال، وكيف يُقال، لا يعود مجرد لباقة اجتماعية، بل معيارًا أساسيًا في التعامل الإنساني. وفيما يتعلق بالمرأة تحديدًا، فإن تجاوز الصور النمطية والابتعاد عن العبارات الجاهزة يُعد دليلًا على نضج الشخص، واستعداده لخوض علاقة قائمة على الإدراك والفهم المتبادل، لا التقييم السطحي.

المراجع:

• Deborah Tannen. You Just Don’t Understand: Women and Men in Conversation. Ballantine Books, 1990.

• Susan Jeffers. Words That Hurt, Words That Heal: How to Choose Words Wisely and Well. St. Martin’s Press, 1996.