الوحم: ظاهرة طبيعية خلال فترة الحمل
الوحم هو أحد الأعراض الشائعة التي تحدث خلال فترة الحمل، وتعتبر جزءاً طبيعياً من التجربة الجسدية والنفسية التي تمر بها المرأة الحامل. يتسم الوحم عادةً برغبة شديدة في تناول أنواع معينة من الأطعمة أو اشمئزاز من أطعمة أخرى، وقد يرافقه أحياناً شعور بالغثيان أو التغيرات في الشهية. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة قد تكون مزعجة أو محيرة للكثير من النساء، فإنها في الغالب لا تشكل خطراً على صحة المرأة أو الجنين إذا تمت معالجتها بشكل صحيح.
تعريف الوحم
الوحم هو تغير في العادات الغذائية والسلوكية يحدث نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الحمل. يتمثل الوحم في رغبة مفاجئة أو شديدة في تناول طعام معين أو في تجنب أطعمة كانت محبوبة من قبل. قد يترافق الوحم مع اشتهاء أطعمة غريبة أو غير تقليدية، وأحياناً يكون مرفقاً بتغيرات نفسية مثل التوتر أو القلق.
أسباب الوحم
ترتبط أسباب الوحم بالعديد من العوامل التي تؤثر في الجسم خلال فترة الحمل، ومنها:
-
التغيرات الهرمونية:
يتسبب ارتفاع مستويات الهرمونات مثل الاستروجين والبروجسترون في حدوث العديد من التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تؤثر في شهية المرأة الحامل. هذه التغيرات قد تجعل الجسم يطلب أطعمة معينة أو يرفض أخرى. -
التغيرات في النظام الغذائي:
أثناء الحمل، قد تتغير احتياجات الجسم من العناصر الغذائية بشكل كبير، ما يدفع المرأة إلى الشعور برغبة شديدة في تناول بعض الأطعمة التي تحتوي على هذه العناصر. على سبيل المثال، قد تشتهي المرأة الأطعمة الغنية بالبروتين أو الفيتامينات مثل الحليب أو اللحوم. -
العوامل النفسية:
يمكن أن تؤثر الحالة النفسية للمرأة على شهيتها. القلق أو التوتر قد يكونان عاملين مؤثرين في تحفيز الوحم، حيث قد تشتهي المرأة أطعمة معينة بسبب مشاعرها النفسية. -
الجانب الثقافي والاجتماعي:
في بعض الأحيان، قد يكون الوحم مرتبطًا بعادات وتقاليد اجتماعية أو ثقافية. في بعض الثقافات، يُعتقد أن المرأة الحامل بحاجة إلى تناول أطعمة معينة لتوفير التغذية الكافية للجنين، مما يمكن أن يؤثر في رغباتها الغذائية.
أنواع الوحم
-
الوحم الغذائي:
وهو النوع الأكثر شيوعاً، حيث تشعر المرأة الحامل برغبة قوية في تناول أطعمة معينة مثل الحوامض، السكريات، أو الأطعمة المالحة. في بعض الأحيان قد تتساءل النساء عن سبب تفضيلهن لأطعمة معينة قد تكون غريبة أو غير معتادة. -
الوحم غير الغذائي:
يمكن أن يشمل الوحم رغبة في تناول مواد غير غذائية مثل الطين، الجليد، أو حتى المواد الكيميائية. تعرف هذه الظاهرة باسم “بيكا”، وهي حالة نادرة قد تحدث أثناء الحمل. قد يتسبب تناول هذه المواد في بعض الأضرار الصحية إذا لم يتم مراقبته. -
الوحم العاطفي:
تتأثر بعض النساء خلال الحمل بحالات نفسية وعاطفية، مثل الاكتئاب أو القلق، التي قد تدفعهن إلى اشتهاء أطعمة معينة لأغراض عاطفية. بعض النساء قد يشعرن بالراحة عند تناول نوع معين من الطعام كمحاولة للتعامل مع التغيرات العاطفية المرتبطة بالحمل.
تأثير الوحم على صحة المرأة والجنين
في الغالب، لا يؤثر الوحم بشكل مباشر على صحة الجنين أو الأم، ولكنه قد يؤدي إلى بعض التحديات التي تحتاج إلى اهتمام خاص. على سبيل المثال، قد يؤدي الوحم إلى نقص التغذية إذا كانت المرأة تشتهي أنواعاً معينة من الأطعمة التي لا تحتوي على القيمة الغذائية الكافية. في هذه الحالات، يجب على المرأة الحامل أن تحرص على تنوع نظامها الغذائي لضمان تلبية جميع احتياجاتها من العناصر الغذائية الأساسية.
تأثير الوحم الغذائي:
في معظم الحالات، لا يشكل الوحم الغذائي أي خطر مباشر على صحة الأم أو الجنين، ولكن في حالات معينة قد تؤدي الرغبة الشديدة في تناول بعض الأطعمة إلى استهلاك كميات كبيرة من السكريات أو الدهون، ما قد يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل غير مرغوب فيه أو إلى مشاكل صحية أخرى مثل سكري الحمل. لذا، من المهم أن توازن المرأة بين تلبية رغباتها الغذائية وبين الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن.
تأثير الوحم غير الغذائي:
قد يكون الوحم غير الغذائي، مثل الرغبة في تناول الطين أو المواد الكيميائية، خطراً على صحة الحامل. تناول هذه المواد قد يؤدي إلى التسمم أو إصابات صحية أخرى. في هذه الحالة، يجب على المرأة الحامل التحدث إلى طبيبها للحصول على المشورة والتوجيه المناسب.
علاج الوحم
ليس هناك علاج محدد للوحم، لأن هذه الظاهرة طبيعية ومتغيرة من امرأة إلى أخرى. ومع ذلك، يمكن اتخاذ بعض الخطوات للتخفيف من تأثيراتها:
-
تنظيم النظام الغذائي:
من المهم أن تحرص المرأة على تناول غذاء متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة لصحتها وصحة الجنين. إذا كان الوحم يسبب شعوراً بعدم الراحة أو نقصاً في العناصر الغذائية، قد يكون من المفيد استشارة أخصائي تغذية لتخطيط نظام غذائي يتناسب مع احتياجات المرأة الحامل. -
الراحة النفسية:
بما أن الوحم قد يكون مرتبطاً بالحالة النفسية، فإن الحفاظ على راحة نفسية من خلال تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق أو اليوغا، قد يساعد في تقليل الشعور بالتوتر والقلق الذي قد يعزز من شدة الوحم. -
التحدث مع الطبيب:
في حالة كانت رغبات المرأة الحامل تتضمن تناول أطعمة أو مواد غير غذائية، يجب استشارة الطبيب فوراً لتقديم النصيحة والإرشادات اللازمة. -
استخدام المكملات الغذائية:
قد توصي بعض الأطباء باستخدام مكملات غذائية لتغطية أي نقص في العناصر الغذائية التي قد تكون السبب في الوحم.
متى ينتهي الوحم؟
عادةً ما ينتهي الوحم بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، عندما يبدأ جسم المرأة في التكيف مع التغيرات الهرمونية. لكن في بعض الحالات، قد يستمر الوحم طوال فترة الحمل. تتفاوت تجارب النساء بشكل كبير، فبعضهن قد لا يشعرن بالوحم على الإطلاق، بينما قد يمر أخريات بتجربة شديدة.
العلاقة بين الوحم والولادة
لا يوجد دليل علمي قاطع يربط بين الوحم ونتائج الولادة، لكن بعض الأبحاث تشير إلى أن رغبات الحمل قد تكون مؤشرًا على نوع الجنين، إذ يعتقد البعض أن النساء الحوامل بالذكور يفضلن الأطعمة المالحة أو الحامضة، بينما تفضل الحوامل بالإناث الأطعمة الحلوة. ومع ذلك، تظل هذه النظريات غير مدعومة بشكل علمي قوي.
خلاصة
الوحم هو ظاهرة طبيعية تحدث خلال فترة الحمل، ويشمل تغييرات في الشهية تجاه الأطعمة أو المواد الأخرى. رغم أن هذه الحالة قد تكون مزعجة في بعض الأحيان، إلا أنها غالباً ما تختفي بعد الأشهر الأولى من الحمل. إذا كان الوحم يسبب مشاكل صحية أو تأثيرات سلبية على المرأة الحامل، فمن المهم استشارة الطبيب للحصول على المشورة المناسبة.
قد لا يكون الوحم مجرد حالة جسدية، بل يرتبط بعدد من العوامل النفسية والهرمونية التي تؤثر في المرأة الحامل، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة قد تكون محيرة أو غريبة، فإنها جزء من التجربة الطبيعية التي تمر بها العديد من النساء أثناء حملهن.
